الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : رياض ابو رغيف

الولاء للأغلبية العراقية : بين مسؤولية التمثيل وخيانة الانتماء
رياض ابو رغيف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن انحناءة السياسي المُذِلَّة لأصحاب النفوذ العالمي، وانبطاحه المُخجل أمام إملاءات القوى العظمى، واندفاعه اليائس نحو الأحضان الأجنبية، تبقى حلقةً مفرغةً لا تُنتِج سوى الخيبة والهزيمة ، حتى لو تكرست لعقود... ؛ فغياب القاعدة الشعبية الراسخة، وافتقاد البيئة المجتمعية الحاضنة، يحوِّلان أي حركة سياسية إلى هيكل أجوف، حتى لو ادعت تمثيل "الأغلبية الصامتة"... ؛ ولا خلاص لهذه الحركات – خاصة تلك المنبثقة من عمق البيئات المحلية لمكون الاغلبية العراقية – إلا بتجريد نفسها من إرث "العقلية الدونية والانبطاحية " التي تُخضِع الوطن لوصاية الخارج وتفضل مصالح المكونات الاخرى على مصلحة المكون الوطني الاكبر ، والتخلص من عناصر "الرداءة السياسية" الذين يحوِّلون الحزب إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات وتحقيق المصالح الشخصية والفئوية والعائلية الضيقة .

أما من يتخذ من الدعم الخارجي سُلَّمًا للوصول إلى السلطة، أو يبني شرعيته على تحالفاتٍ هجينة مع طبقة "البيروقراطيين الفاسدين والكيانات والعوائل والشخصيات المتكلسة والمتخشبة "، أو يروج لخطابٍ زائف عبر إعلامٍ ترفيهيٍ مُتخمٍ بالمُؤثرين المُتناقضين مع هموم الشارع، فمصيره – بلا ريب – سيكون نسخةً مكررةً من فشل الأنظمة الهجينة الهشَّة.

ولكي لا تتحول الديمقراطية الناشئة إلى مجرد شعارٍ براقٍ يُخفي انهيارًا أخلاقيًا، فإن المهمة الأولى للقيادة الوطنية تكمن في تفكيك "ثقافة التبعية والدونية والحقارة الحزبية " وإعادة بناء الاستراتيجية على أسسٍ وطنيةٍ خالصة ... ؛ وهذا المنهج يقتضي – قبل كل شيء – استدعاء الكفاءات العراقية المُهمَّشة من المحسوبين على الاغلبية ، بغض النظر عن انتماءاتها الفرعية، ودمجها في مشروعٍ جامعٍ يُحوِّل التنوع إلى قوةٍ لا إلى نقمة... ؛ فلا مكان هنا لخطابات الاستعلاء أو إقصاء الآخر، بل المطلوب حوارٌ جادٌ يعيد الاعتبار للإنسان العراقي الاصيل المُنهك من ويلات الفساد والحروب والازمات والمشاكل والتحديات .

إن إصلاح القطاع الصحي المُتداعي، وإحياء التعليم المُتهالك، وبناء بنيةٍ تحتيةٍ تُنقذ المناطق المُهملة من براثن الفقر والاهمال ، ليست مجرد وعود انتخابية، بل هي الاختبار الحقيقي لصدقية أي زعيمٍ يُريد أن يكتب اسمه في سجل التاريخ.

وفي قلب هذا المشروع، تُطرح إشكالية الهوية الجمعية: فكيف يُبرر سياسيٌ ما انتسابه الجغرافي والديموغرافي لمدينةٍ عريقةٍ مثل النجف أو كربلاء، ثم ينشغل بتمثيل مطالب أقاليمَ لم يُنتخب منها؟!

أليست هذه الازدواجية دليلًا على انفصامٍ خطيرٍ بين النخبة والجمهور؟!

والأكثر إثارةً للسخرية أن يُصارع مسؤولٌ – ينتمي رسميًا للأغلبية الشيعية – من أجل حقوق أقلياتٍ بعيدةٍ عنه جغرافيًا وثقافيًا، بينما تُهمل قواعده الشعبية في أحياء العمارة او الديوانية المُدمَّرة!

إنها لعبةٌ مكشوفةٌ: تكتيكٌ انتهازيٌ لابتلاع الشرعية تحت غطاء "الوطنية الشاملة"، بينما الحقيقة المُرة تكشف أن "الوطن" هنا مجرد واجهةٍ لمصالح ضيقةٍ تتاجر بآلام الناس من ابناء الاغلبية العراقية ؛ فلا تنافي من تحقيق مصالح المكون الاكبر مع مراعاة حقوق بقية المكونات , اما ان تستمر معادلة تضحية المكون الاكبر من اجل المكونات الاخرى ؛ بحجة كونه الاخ الاكبر او بذريعة ام الولد ؛ فهذا الامر يرفضه العقل والوجدان والمنطق السياسي , ولا يؤمن به الا الاحمق او ضعيف الشخصية او الدوني المنبطح .

 

فعندما ينتخبك أبناء الكوت لتمثيلهم في السلطة التشريعية أو التنفيذية، أو لتتبوأ منصبًا سياسيًا رفيعًا، فإن العقد الاجتماعي الضمني يفرض عليك واجبًا مقدسًا: أن تكون صوتَ مطالبهم، وساعيًا لتحقيق تطلعاتهم... ؛ فمن البديهي أن يتوقع الناخبون من ممثليهم العمل الجاد لتحسين واقعهم الخدمي، والنهوض بالبنى الصحية والتعليمية، وإحياء القطاعات الزراعية والصناعية في مدينتهم، لأن هذه الأولويات ليست مجرد "مطالب محلية"، بل هي أسسٌ لتعزيز الثقة بين المواطن والدولة، وضمانًا لاستقرار الوطن ككل... ؛ فالديمقراطية الحقيقية لا تبنى إلا حين يشعر الفرد بأن حقوقه مصانة، وحين يلمس أن من انتخبوه لم يخونوا العهد.

وفي هذا السياق، تتفق النظم الديمقراطية العريقة على مبدأ جوهري: أن المسؤول المنتخب هو وكيلٌ عن دائرته الجغرافية أولًا... ؛ فالنائب البريطاني أو الأمريكي لا يُقاس نجاحه بمدى دفاعه عن حقوق ناخبي ولايةٍ أخرى، بل بمدى إخلاصه لمن أعطوه أصواتهم... ؛ أما الخروج عن هذه القاعدة تحت شعاراتٍ فضفاضةٍ مثل "الوطنية الجامعة" أو "الولاء للأمة"، فإنه يتحول إلى خيانة سياسية تُفقد النظام شرعيته، وتُغذي السخط الشعبي... ؛ فالفرد المُهمَل في مدينته، الذي يرى طرقًا مُتهالكة ومستشفياتٍ مكتظة، لن يتوانى عن تحميل "الوطن" مسؤولية إخفاقات ممثليه، وقد يصبح – في لحظة يأس – وقودًا لأجنداتٍ خارجية تستغل غضبه لزعزعة الأمن الوطني .

غير أن المُعضلة تكمن في أولئك السياسيين الذين يختارون الانزياح عن دورهم الأساسي: فالنائب القادم من جنوب العراق، الذي يتجاهل معاناة أبناء محافظته، وينشغل بالمطالبة بحقوق إقليمٍ آخر، إنما يرتكب خطيئتين: الأولى أنه يُحوِّل الديمقراطية إلى مهزلة بانفصاله عن قاعدته الشعبية، والثانية أنه يخدع نفسه بادعاء "الدفاع عن الآخرين"، بينما لا يملك شرعية تمثيلهم... ؛ فكيف يُبرر عضو برلمان من الكوت ترك مدارس مدينته تُنهار، بينما يُنفق جهده في الدفاع عن مطالب تكريت؟!

وكيف يُصدق ناخبو العمارة خطاب سياسيٍ لا ينتمي إلى واقعهم، ولا يفقه تفاصيل معاناتهم؟! إنها لعبةٌ مزدوجة: خسارةٌ للجميع، وانتقاصٌ من مفهوم التمثيل السياسي ذاته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض ابو رغيف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/10



كتابة تعليق لموضوع : الولاء للأغلبية العراقية : بين مسؤولية التمثيل وخيانة الانتماء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
أدخل كود التحقق : 10 + 5 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net