منتصف الطريق الى بناء المؤسسة ..الهيئات المستقلة مثالاً
قيس قاسم العجرش
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ثمة نهمٌ حكوميٌ لفرض الهيمنة ، لم توقفه الوجبة الدسمة من مؤسسات \"الدولة\" التي ابتلعتها \"الحكومة\"خلال السنوات الاربعة الماضية ، لذا فإننا ببساطة نجد أن المخاوف التي عبرعنها سياسيون ورؤساء واعضاء الهيئات المستقلة لم تكن نتيجة لقرار المحكمة الاتحادية القاضي بربطهم بالحكومة فقط ، بل إن ما حدث من تذمر إنما هو محصلة ردود افعال تجاه مسار ديمقراطي بدا جلياً إتجاهه للإنحراف .
لم يكن للعرف الديمقراطي كلمة الفصل في قضية تسمية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا( على سبيل المثال ) بل قدمت المحكمة قراءة موضوعية للنصوص الدستورية لعملية سياسية غاية في التعقيد كان من المفترض فيها ان يكلف مرشح القائمة العراقية لمنصب رئيس مجلس الوزراء على ضوء العرف الديمقراطي الذي اصطدم بجدارالنصوص الدستورية الصماء التي بحاجة الى تفسير دوماً والعملية السياسية وانعكس على مسألة التداول السلمي للسلطة.
لا شواهد على حدوث التداول حتى هذه اللحظة وما حدث هو توسيع للكابينة الوزارية لترضية الاطراف الاخر والبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنه لذا تبقى المخاوف قائمة مع قرار الربط للهيئات المستقلة وكذلك تجاه ابسط مساحة يتيحها القانون للسلطة التنفيذية.
السلطة إبتلعت في وقت سابق مجلس النواب وعطلت دوره الرقابي وكان للحياة السياسية تجربة ملتبسة بهذا الشأن وعطلت الحكومة الكثير من القوانين و تطبيقاتها ومشاريعها وضيقت على الحريات مستخدمة أسوأ الوسائل في ظل تخل عن المسؤولية الرقابية وظهر مصطلح \"نواب الحكومة\" بشكل مفرط في البرلمان .
وأخذنا نبحث في تلك الأيام عن إعادة لقراءة المادة الدستورية التي نزهو بها ، المادة الثانية الفقر ب – لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادىء الديمقراطية والفقرة ج- لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في الدستور وغيرها من المواد الاخر .
إذن نحن إزاء مخاوف لها تاريخ ، وللقضاء عليها أو تطمين رافعيها ولتصحيح المسار الديمقراطي الماضي نحو انحرافات خطيرة علينا،اولا ً،اعادة النظر في الكثير من النصوص الدستورية وهذا غير ممكن الابعد عام 2014 لكن عدم الإمكان لا يعني عدم التهيئة لهذا الامرعبر فك الإزدواج في الإصطلاح الدستوري .
على سبيل المثال فيما يتعلق بالهيئات المستقلة فقد اشارت المادة 102 من الدستور الى \"هيئات مستقلة\" في حين يستخدم تعبير \"مستقلة ماليا واداريا \"في المادة 103 منه وهنا نسأل لماذا ميز الدستور بين \"المستقلة\" والأخرى \"المستقلة ماليا واداريا\" ؟ الاتستبطن كلمة \"مستقلة\" التي وردة في المادة 102 معنى الاستقلال المالي والاداري بالضرورة؟ فبالتأكيد أن المشرع لم يعن الإستقلال السياسي!.
فضلاً عن ذلك ، تبرزلنا مسائل في غاية الحساسية منها ان الدستور ترك الباب مفتوحاً لعدد المرات التي قد يتسنم بها شخص ما رئاسة الوزراء في حين حدد المدة لرئيس الجمهورية بدورتين انتخابيتين .
ثانيا ، ظهرأن التمسك بالسلطة من بعض القوى السياسية وغض النظرعن الكثير من الفاسدين والمفسدين وصياغة القوانين بما لا يتلائم مع روح الديمقراطية قد وضع إيمانها الفعلي بالديمقراطية التداولية محل الشك .
تحاول بعض هذه القوى قتل الديمقراطية عبر صياغة العديد من القوانين ومنها قانون الانتخابات وفقاً لمقاسات معينة او ربما حتى شخصيات واحزاب بعينها وهذه للعجب لم تحدد الى الان موقفها الحقيقي من الديمقراطية بل لم تذكر مفردة الديمقراطية في برامجها منذ سنوات المعارضة والى اليوم .
وبعيداً عن \"الايمان\" بالديمقراطية ،سيكون كل شيء مهدد وقد تتعرض الأوضاع العامة في العراق الى أزمة حقيقية بعد مغادرة القوات الاميريكية وهذا ما اشار اليه نائب الرئيس الاميركي جوبايدن في كلمة امام اعضاء الحزب الديمقراطي الأميركي حين أشار بالحرف \"بأن احتمالات نجاح او فشل العملية السياسية في العراق ستكون متساوية بعد انسحاب القوات الاميركية \"! .
القلق المشروع إذن بدأ يتسرب ويسبق اي تحرك سواء كان على المستوى القانوني او السياسي ولا اشكال في عملية ربط المؤسسات المستقلة ذاتها أو في تنظيم علاقتها مع بقية مؤسسات الدولة وليست هناك مشكلة تتعلق بنفقات اصحاب الدرجات الخاصة في الهيئات و منها ما يخص السفر كغيرها من الوزارات والتي تنفق ايضا في هذا الجانب شريطة ان ينعكس الانفاق على الاداء وطبيعة الخدمات المقدمة للمواطنين اما في ظل استمرار الفشل في تقديم الخدمات من قبل الحكومة الاتحادية ومجالس المحافضات والعديد من المؤسسات واختراق النصوص الدستورية عندها يمكن أن تختزل الحكومة كل شيء بما فيها الدولة بمؤسساتها.