صفحة الكاتب : علاء سعدون

خواطر صحفي
علاء سعدون

 

هل قرأ أحدكم قصة (فاوست) يوماً .. هل من يتذكر تلك الصفحات التي تتحدث عن الشيخ العالم حين جلس بين كتبه في إحدى الليالي وقد تهدل شعره الابيض على منكبيه وهو قانط العلم .. 
عندما جلس يحصي على نفسه تلك الثمانين من الأعوام التي عاشها .. ماذا صنع فيها؟ وماذا ربح ؟ فهو رجل لم يعرف الشباب قط، حتى في ذلك الزمن الجميل .. يوم كان اصدقاؤه يقولون "الحب" كان يقول "المعرفة" ... ولكن سرعان ما تغير الأمر، فهو ذات الشخص الذي أبرم مع الشيطان عهداً -كما يصور الكاتب -وفي تلك اللحظات تحديداً، حينما زاره الشيطان وعرض عليه الشباب مقابل النفس، وقع (فاوست) في الشراك وخرج من جنة المعرفة مذئوماً لينال عمراً جديداً من الشباب الذي سرعان ما ينقضي! 
وفي ذات السياق كتب الاديب توفيق الحكيم أنه عندما قرأ هذه القصة، وتحديداً هذه الكلمات ترك الكتاب وأخذ يصرخ أين انت؟ ايها الشيطان .. خذ شبابي واعطني نفس (فاوست) التي أخذتها .. أعطني حب المعرفة .. فحب المعرفة هو شباب العقل والشباب الابدي .. وهو السمو الانساني الذي سجدت له الملائكة إلا أنت! وكما يصف الحكيم فقد نال ذلك بعد محاورة قصيرة مع شيطان (فاوست) ذاته، ومضى على تلك الليلة أكثر من ثلاثين عاماً التهم فيها الكتب إلتهاماً وأحاط بمختلف العلوم علماً .. 
مضى على قراءتي لهذين الموضوعين اكثر من خمس سنوات، يوم دعوت الله تعالى أن يمن عليّ بالمعرفة وحبها، وأن يجعل لي نفس (فاوست) الأولى .. أو نفس (جوته) حتى! 
يوم أبرمت مع الله عهداً على أن أكون أهلاً للمعرفة وحملها، أن أكتب ما يمليه عليّ ضميري، ويخدم ديني ومذهبي وإنسانيتي .. وأن أجعل عدوه عدوي فلا سبيل للعلم والمعرفة إلا من رب عليم! 

مضى عام وأنا سأل كم هو عمري؟ في حين إن السؤال الذي يجب أن أطرحه كم هو عمر عقلي وكم عدد الكتب التي قرأتها والثقافات التي تعلمتها والمهارات التي أكتسبتها ؟ فلم يك الانسان يوماً جسداً من تراب ومصيره الترب ليس إلا! بل هو روح وعقل يحتاجان للتغذية والارتقاء .. 
أحمد الله تعالى بأن جعل القراءة هوايتي والكتاب صديقي ولست اوفق في وصف القراءة والكتاب كما وصفها أحد الفلاسفة حين قال: 
"الكتب سعادة الحضارة، بدونها يصمت التاريخ، ويخرس الأدب، ويتوقف العلم، ويتجمد الفكر والتأمل" أما العقاد فيقول : لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لازداد عمراً في تقدير الحساب .. وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني .. " 
نعم الكثير منا يحلم بالقراءة ويسعى إليها ولكنه كسول، ولا يعطيها من وقته بل يبحث لها عن فراغ .. وهذا ما يجعلنا في تأخر دوماً؛ بأننا نظن أنفسنا خير من غيرنا، وافضل وافهم دونما حاجة للقراءة والتعلم والاستزادة. 
الكل يتفق معي بأن الوعي هو حل لكل أزمات العالم اليوم من ارهاب ودمار وخراب ولكن هل نعلم أن الوعي هو ناتج معادلة بسيطة : قراءة + تفّكر 
لست أدعُ لشيء مستحيل أو منفعة لنفسي على حساب غيري .. بل إن في القراءة جهد بسيط ومنفعة للجميع .. لكل من هم حولنا .. بأن نفهم ونعي ونتصرف وفق ما نكتسب ونكتشف ونتعلم لا أن نجتهد في كثير من المواقف التي لا نحيط بها علماً .. القراءة ليست حكراً لشريحة أو نوع محدد .. القراءة ليست للأديب والمفكر والعالم فقط .. القراءة واجب عقلي على كل من ينتمي لجنس البشر .. جزء أساسي من لوازم الارتقاء والتقدم والعيش الرغيد. 
ماذا نقرأ؟ لست أعلم، فلكل منا تخصص وميول واهداف وللكتاب حضور في جميعها .. ولكني أعلم أن هناك أمور يجب تعلمها، وكتب من الضروري أن نقرأها .. الثقافة متنوعة وكما يقال هي (معرفة شيء عن كل شيء) وإن لم يكن ذلك فبقدر المستطاع، وما نحن بحاجة له أو متخصصين به، ويؤسفني إن كثير من المثقفين أو المدعين لذلك تجدهم يقاطعون الدين كأنه قضية فطرية لا تحتاج للدراسة أو الإطلاع والمعرفة! 
لنبدأ بالاقرب لانفسنا .. إن كنا من النوع المزاجي .. ثم شيء فشيء نجد أنفسنا في العمق المعرفي ومن عشاق القراءة والاستزادة .. ولكن لنضع في حسباننا أن عالم الكتب لا يخلو من السموم والارهاب وعلينا أن نختار صديقنا الكتاب بعناية تامة. 
ليتني استطعت أن أخبر (فاوست) بأن المعرفة وحدها لا تنفع ما لم تكن في سبيل الله تعالى أو مقترنة بعقيدة وأخلاق قويمة وأهداف سليمة .. وإلا فما نفع الشباب الذي يقضى في سبيل لهو ولعب!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء سعدون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/13



كتابة تعليق لموضوع : خواطر صحفي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net