صفحة الكاتب : فلاح السعدي

في ترك إتباع الأهواء والشهوات
فلاح السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مما قبحه العقل وبغضه الخلق الفطري للإنسان هو العبودية والخنوع والخضوع لأنها منقصة للإنسان حين يكون في موقف من هذه المواقف ومطوعا نفسه عليه, فمن يتبع ما هو دونه فليس ممن ملك جوهر الكون والخلق ألا وهو العقل الذي به تميز الإنسان عمن سواه من من المخلوقات على هذه البسيطة, فالأهواء هي دون العقل ومن يتخذها سلطانة عليه فهو لم يعطي العقل محله السليم, كما قال تعالى : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) (الفرقان: من الآية43). وقال تعالى : ( وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) (صّ: من الآية26). وحينما لا يوظف العقل في المحل السليم والمكان الصحيح فالنتيجة تؤدي إلى الضلال والإضلال, لذا فما كان قدوم الأنبياء والرسل والمصلحين إلى سكان الكون إلا ليهدوه إلى السبيل المستقيم والصراط القويم الذي به يدرك العقل حسن السير والاختيار, ومنهم وسيدهم وخاتمهم النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) فهو هادي الأمم ومنير الطرقات ومقوّم العقول, ومع هذا وبعد التضحيات التي ضحى بها وجعل من نفسه خادما للرسالة الإلهية وتأذى وتألم بما لم يتألم به مخلوق على وجه البسيطة من أجل هداية الناس وتقويم المجتمعات وبناء الدول, كل هذا وكثير من الناس اتبعوا أهوائهم على هاديهم وهاي الأمم, قال تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ)(القصص: من الآية 50  ولا يحصدون إلا الخذلان والخسران والأيام والسنين أثبتت أن جميع الأنظمة فاشلة ولم يتبق إلا الإزاحة والتغيير نحو الرجوع إلى الخط المحمدي والتخطيط الرسالي السماوي وهذا يتطلب معرفة مقام الخالق ومن بعث, وقال تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعـات:40-41)  وقد عرّف البعض الهوى: أنه ميل النفس إلى الشهوة، وقد يطلق على النفس المائلة إلى الشهوة أيضاً، ولعله سمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية وفي الآخرة إلى الهاوية، فإن من معاني هذه المادة (الهوي) أيضا: السقوط، وقوله: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) (الفرقان:43) قدم المفعول الثاني إعظاماً لذم إتباع الهوى وعناية لتعظيمه الهوى بحيث

جعله إلهاً يعبد من دون الله. ومن الملاحظ أيضاً أن إتباع هوى النفس عبادة لها وأنه سبب للضلالة عن سبيل الله، وأنه لا ضلالة فوقه، وأنه يدعوا إلى عدم الإستجابة لمن بعث (جل وعلا) من الأنبياء والرسل, وأنّ منعْ النفس عن هواها سبب لدخول الجنة.
وهناك نصوص كثيرة موضحة لهذا المعنى. فقد ورد: {أن الله أقسم بجلاله وجماله وبهائه وعلاه أنه لا يؤثر عبد هوى الله تعالى على هواه إلا جعل غناه في نفسه وهمه في آخرته وضمن رزقه}وهنا في هذا منافع أخروية ودنيوية فللبيب أن يتنبه لمجريات الحياة, وأنه لو آثر هواه على هوى الله شتت أمره، ولبس عليه دنياه وشغل قلبه بها, وأن إتباع الهوى من أخوف ما كان يخاف منه النبي (صلى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) على الأمة المرحومة, وأنه: {طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره}, وأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان لا يرجوا النجاة لصاحب الهوى, لأن صاحب الهوى متقلب ليس له ثبات على عقيدة ولا طريق سليم, وكما ورد (..وأن أشجع الناس من غلب هواه...), فهذا الذي يتغلب على أقوى عدو وهو النفس فمؤكدا يكون أشجع وأقوى والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من الضعيف, وأن الهوى أقوى سلطان على الإنسان، فهو كالنوم إذا انجر به الإنسان لا يسيطر على نفسه إلا بصعوبات كبيرة وأكثرها تبوء بالفشل, وهو الذي يصده عن الحق, وكيف لا ومغريات النفس والهوى تصد وتبني حجابا من الظلمات عن العقل وعن الهداية, فكم من الناس أغرتهم نفوسهم فبنيت بينها وبين عقولهم الظلمات وأنتهت حياتهم بالخسران, أعاذنا الله وإياكم من شرور النفس وهدانا إلى الصراط القويم
ورزقكم ورزقنا حسن الخاتمة
F_m1333@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/24



كتابة تعليق لموضوع : في ترك إتباع الأهواء والشهوات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net