"وهل لجرحٍ بميتٍ إيلامُ"؟!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يدعو للضحك والبكاء معا ما يُكتبُ عمّا يجري في بلاد العرب أوطاني , وكأن الفريسة يمكنها أن تفرّق بين أنياب الأسد والنمر والذئب وأفواه الضواري المتداعيات على بدنها الهامد السمين.
فما الفرق بين الدول الآكلة للعرب , وكلها تلتهمهم على موائدها السعيدة , وتشرب نخب النشوة بهدوء وغبطة , فلماذا الغضب من بعض الأفواه الآكلة , وجميعها هدفها الأكل لا غير.
إنه لمن المضحك أن تتوجه الأقلام لِلَعْن هذا المفتر س وتحبيب غيره , وتفضيله على الآخرين , وكأن الأمة تستطيع أن تختار في أي معدة ستكون , وهي كالوليمة المطبوخة الموضوعة على المائدة , وقد جلس حولها الذين يستطيعون الأكل , فما أطيب لحم أمة العرب وألذ شرابها , وأرخصها , فهي أعظم مَن وهب , إذ تتردى في نيران أبي لهب , وهي الحطب الذي تحمله إمرأته , ليتحقق العجب , في بلادٍ كانت تسمى بلاد العرب!!
ومن المبكي أن الفريسة العربية سيلتهمونها حتى العظم , بل أن التراب الذي كانت عليه سيبتلعونه , ويحسبونه كنوزا لابد من أخذها وتحميلها على سفن الويلات والتداعيات , والتنعم بما يحتويه من نوادر العناصر والفلزات اللازمة للصناعات التكنولوجية التي لا تخطر على بال العرب.
فبلاد العرب أوطاني مأكولةٌ مذمومةٌ , الجميع يحبها ويسعى لإمتلاكها , وفي ذات الوقت فأنها ممقوتة بأعين المفترسين , وهم يتهامشونها ويقطّعون أوصالها للتخلص من أضرارها , أو يتسارعون نحو أكلها لكي لاتتعفن جثتها وتفقد طعمها اللذيذ.
بلاد العُرب ما عادت للعرب أوطانٍ , وإنما هي للعدوان أوطانِ , والعربي يصدح بأناشيد بلاد الهجرة أوطاني , فما بقيت بأرض العرب أوطان ذات قدرات حضارية على الأمن والسلام والمحبة والتفاعل العلمي الإبداعي الأصيل , فكل العرب على كل العرب , وكل ما عندهم أصبح ضدهم , وما هم إلا يترنحون في مجازرن الذبح العولمي المعاصر الفتاك المسير.
ومن أعجب ما قام به العرب أن ثرواتهم الطائلة سخروها وبنشاط منقطع النظير للقضاء على جميعهم , فما إستوردوه من أسلحة وأعتدة وظفوها للقتل العربي والتدمير والخراب في أرجاء دولهم , وفقا لمصطلحات وعناوين وأضاليل تساهم في تنمية الويلات والنكبات البشرية القاسية.
فلماذا يزعل الكثيرون ويفضلون بعض الأكلة على غيرهم , وكأن الفريسة هي التي تقرر مصيرها , بعد أن تخلت عن ذاتها وموضوعها , وأمعنت بالعدوان على نفسها وما يمت بصلة إليها.
ولماذا يضحك العرب على أنفسهم بتحاملهم على هذا الأسد أو ذاك , وهم كالغزلان المتورطة في عرين الأسود , ولا قدرة لها على التخلص من سطوتها جميعا , وهي في الأكل سواء؟!
فهل جُنَّ العرب؟!