صفحة الكاتب : محمد الشفيع

اليمن مار قبل ميانمار
محمد الشفيع

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 فجأة رأينا انتفاضة غريبة الأطوار، من طرف قطاع كبير من الأغلبية الساكتة، والماكثة في البيت، والمرابطة دفاعا عن بيضة الإسلام، وشوكة الدين، قرب مدرعات الحواسيب، والمصابرة حماية للعقيدة المتوارثة، والقيم المتواترة، على ثغور الفيس بوك، حيث صارت هذه الجحافل تسمع عن بورما، وميانمار، والروهينغا، وتتفجع لاطمة صدورها كل لحظة، على وقع المجازر العنصرية، التي تحدث بين أتباع ديانة بوذا، وأتباع ديانة أمة المليار، حسب الكلام المتداول، والملاحظ هو انتشار صور الفظائع، انتشار النار في الهشيم، ويتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، بصفة مقززة، مع عدم مراعاة المشاعر الإنسانية، رغم تضمنها لمناظر مرعبة وحشية، وبغض النظر عن مصداقية المنقول منها والمكذوب، فإن الجميع ينتظرون النصرة العاجلة، من الحجاج الثقفي، والمعتصم العباسي، وبالمقابل لهذه اللوحة الغثائية المشوهة، فهناك مشهد أكثر رداءة ودناءة، وهو عدم إحساس الأكثرية بما يحصل في اليمن، كونها منساقة نحو برامج الإعلام الطائفي الأعرابي، والاستكباري الغربي، والشيطاني الصهيوني، ولم تحرك المجتمعات المدنية ساكنا، ولم نجد صيتا لأي صوت شعبي قوي، يفك الحصار المفروض على أبرياء اليمن وفقرائه، لأن الجمهور الأكبر يكتفي بتشجيع الأوهام الزائفة، والقضايا المفتعلة، والمعارك الجانبية، تائها بين الألوية والعناوين، بعيدا عن انتصارات المقاومة في الشام والعراق، وصمود أهل فلسطين، وكفاح الحفاة اليمنيين.

لحكام آل سعود يد واضحة في قضية بورما، فهناك شخص يسمى عطاء الله عامر أبو عمار الجنوني، ويدعى حافظ طهار، كان قد تلقى تعليمه الديني في مملكة العائلة السعودية، وهو قائد ما يسمى بحركة اليقين، أو أكا مول مجاهدين، أو جيش إنقاذ الروهينغا، والمعروف بجيش آرسا، وقد تم تجنيد مقاتليه في بنغلاديش، وتدريبهم هناك، وتم جمع التبرعات لهم، وتجهيزهم، من خلال دعم جاليات الروهينغا المقيمة في الخارج، وعدة مانحين من السعودية والشرق الأوسط، وقد باشرت هذه المجموعة نشاطها المسلح، بالهجوم على مراكز الشرطة في ميانمار، بحجة الثأر لقتلى أهل المنطقة.
أسلوب هذه الميليشيا مبني على أساس عقائدي، لا يختلف عن رد الإسلاميين في عدة أماكن، بعد فشلهم في السيطرة على الحكم، في دول عربية معروفة، أو ردة فعلهم تجاه ما عانوه، من تعذيب وتنكيل واضطهاد، حسب ما يتناقلونه، وهو مقابلة الإساءة بالإساءة، والدخول في دوامات الفتن والانتقامات، والصراعات الاستنزافية الطويلة، بدل التركيز على الحكمة والصبر.
المقاومة اللبنانية أصدرت بيانا تستنكر فيه ما يحدث من جرائم في حق مسلمي بورما، والأمر خاضع لمرتكزها الأخلاقي، بعيدا عن الاصطفاف المذهبي الضيق والتعيس، أما الملايين المحبة للفوضى؛ فهي تنسخ وتلصق الصور البشعة، وتدعو بتجميد الدماء في عروق أتباع بوذا، ويستمر مسلسل لعب دور الضحية، ثم الحاقد، ثم الثائر المتهور، ثم الشهيد من أجل الحوريات، ثم المشوه لصورة الدين الإسلامي، المسروق من الله، والمحرّف على يد السلاطين، في الماضي والحاضر.
اليمني يتم قتله سرا وجهرا، والجلّ أبكم أخرس، بحجة أن الحوثيين هم السبب في نشوء الحرب، وهم المستهدفون من الهجمات، مع العلم أن طائرات العدو تضرب جزافا، في الأعراس والجنائز، والمدارس والمشافي، لتهدم البنية الفوقية والتحتية، وتزيد الفقر فقرا، وتحرم الشعب اليمني من كل شيء، حتى من القات ربما !.
هناك من لديه استعداد لإحراق اليمن وسوريا بالكامل، متحججا بأن هدفه هو استبعاد العلويين والحوثيين من الحكم، لكن الهدف الخفي هو محو أي نظام يرفض الانبطاح، وسحق كل محاولات النهوض بالنضال والمقاومة، وتسطيح الوعي الجمعي للأمة، وتدجين الجيل العربي والمسلم، ليظل تابعا، ويضل سبيله خانعا، ومن ثم توفير حماية أطول لشذاذ الآفاق في الأراضي المحتلة، والأسر المتسلطة في خليج إيفانكا.
وتبقى بورما فرصة لإلهاء الناس، وإخفاء جرائم أوباما، ومكائد ترامب، وخيانات مشائخ الزفت، ويبقى خيار العوام هو الصراخ والعويل، دون فعل حضاري سليم، ووحدوي ناجع.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الشفيع
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/13


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • سلمان خلف قضبان ابن سلمان  (شؤون عربية )



كتابة تعليق لموضوع : اليمن مار قبل ميانمار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net