صفحة الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري

الصديق علي بن ابي طالب مع اعدائه
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم يتوقف قلمي يوما عن ذكر الحقيقة حتى لو جائت بخلاف ما اعتقده ، لان الحقيقة عقيدة قائمة بذاتها ولا تقف اي عقيدة وضعية أخرى امامها، وسبق وان قلت أن هناك نصوص في الكتاب المقدس كان الاباء يتحاشون ذكرها لخشيتهم من اسئلة الناس عن معناها لأن اخفاء الحقيقة اسهل عليهم كثيرا من بيانها وما يتفرع عنها خصوصا وأن جميع الآباء المقدسين قساوسة ورهبانا صعودا حتى البابا كلهم لا يفهمون من الكتاب المقدس إلا ما وردهم عن طريق المفسرين الجهلة ايضا والذين ادخلوا الكتاب المقدس في نفق الآراء الفلسفية فزادوه غموضا.

نصٌ في الكتاب المقدس راجعته عدة مرات ، إلى ان قررت يوما ان الج هذه النصوص لأكشف غوامضها . النص يشرح حالة شخصية مستقبلية دينية على غاية من الكمال والشجاعة والحكمة اصابته مظلومية من قومه فنزل وحيٌ يشرح حال من خانة وآذاه وكأن الوحي في ذلك الوقت كان يُواسي وليا او إماما أو نبيا تم ظلمه وسلب حقه فيشرح له حال شخص مثله (صدّيق) سيظهر في أمة أخرى سيجري عليه ظلم شديد.

الغريب أن هذه الشخصية التي يطلق عليها الكتاب المقدس بـ (الصدّيق) يصفه الكتاب المقدس بأن لقبه سوف يُسرق منه ويوضع في غير محله (1) . وبقيتُ فترة طويلة استعرض مفردات الصّديق التي وردت في الكتاب المقدس فوجدت ان قصة هذا الصدّيق تم ابهامها لأنها ليست من شخصيات الكتاب المقدس بل نبوءة ووقف المفسرون حائرين امام هذه الشخصية وقد قرروا عدم قراءة هذه النصوص في القداس آيام الآحاد في الكنائس خشية ان تنهال عليهم سيول الاسئلة.

قلت لأجرب حظي مع شخصية دينية كبيرة تزورنا بين فترة وآخرى فكان الجواب (يا بنتي لا تتكلفي ما لا طاقة لك به) . فقلت له : وهل يُكلفنا الرب ما لا طاقة لنا به ؟ وهو الذي يقول: (كل كلماتي مفهومة تعشقها الاذن ويرقص لها القلب ونافع للتعليم والتوبيخ والتأديب والتقويم). فيكون الجواب كالعادة : اكتبي السؤال وسوف يردك الجواب . ولا يرد الجواب حتى يوم القيامة.

الغريب ان الرب دائما يُسهّل لي سبُل الوصول لأعرف الاجابة حيث كنت استمع يوما إلى برنامج تلفزيوني عن سيرة الأنبياء واصحابهم واممهم فتطرق المتحدث إلى شخصية إسلامية قال عنها : (أن لقب الصديق كان للامام علي ابن ابي طالب ولكن تم سلبه منه لشخصية أخرى). فشحذ هذا القول همتي ويا لهول ما وجدت خصوصا ما ورد في صحيح البخاري ومسلم وغيره من ان عليا هو الذي يقسم الناس إلى الجنة أو النار، ولذلك اطلق عليه نبي الاسلام بأنه (قسيم النار والجنة). وأن عليا هو (الصديق الأكبر) وفاروق هذه الأمة . فقلت في نفسي لقد اصطدتها .

فذهبت في مقارنة مضنية لاجد أن النص المذكور في الكتاب المقدس هو نبوءة لشخص علي ابن ابي طالب صدّق من صدّق وانكر من انكر. اقول هذا لأنه لا احد في عالم المسيحية يعطيني تفسيرا لهذه النصوص التي سوف اذكرها، الجميع تواطأ على السكوت والتعتيم والابهام.

أولا اذكر رواية البخاري التي تقول نقلا عن نبي الاسلام : (بينما أنا على الحوض اسقي الناس وإذا بزمرة من اصحابي حتى إذا عرفتهم وعرفوني حال بيني وبينهم رجل فيأخذهم فأقول إلى أين؟ فيقول : إلى النار ، فأقول انهم اصحابي . فيقول : انهم احدثوا بعدك فلا أراه يخلص منهم الا مثل همل النعم). (2) في هذا الحديث أيضا تم التعتيم على (الرجل) الذي يسوق الصحابة إلى النار، ليس فقط الصحابة بل سوف يسوق المنكرين له والمعاندين إلى النار إلى يوم القيامة، فمن هذا الرجل الذي تم ابهامة ؟ 
ما رواه البخاري أيضا في صحيحه يدلنا على شخصية هذا الرجل قالت عائشة : (لما ثقل النبي ص واشتد وجعه ، فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض ، وكان بين العباس ورجل آخر ، قال عبيد الله : فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة ، فقال لي : وهل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة ؟ قلت : لا ، قال : هو علي بن أبي طالب). إذن يتبين لنا من هذه الرواية أن الذي يسوق الناس إلى النار هو (رجل) وقد تبين أنه علي ابن ابي طالب.وهو نفسه في نص الكتاب المقدس والذي تم ابهام اسمه ايضا فقالوا الصدّيق بدلا من ذكر اسمه.

في رواية الكتاب المقدس أيضا هناك ابهام في شخصية الشخص الذي يسوق الناس إلى النار هذا الشخص يطلق عليه كاتب الكتاب المقدس بـ (الصديق) ولكن من هو . لا يذكر . فكما أن رواية البخاري تقول أن (الرجل) يأخذ اصحاب النبي من بين يديه ويسوقهم إلى النار فيخافون منه ويرتعبون فإن نبوءة الكتاب المقدس تقول ذلك أيضا.

رواية الكتاب المقدس أو النبوءة: 
(حينئذ يقوم الصديق بجرأة عظيمة في وجوه الذين ضايقوه، فإذا رأوه يضطربون من شدة الجزع، ويقولون في أنفسهم نادمين، وهم ينوحون من ضيق صدورهم: هذا الذي كنا حينا نتخذه سخرة ــ فيه دعابة ــ . وكنا نحن الجهال نحسب حياته جنونا، وموته هوانا. فكيف أصبح معدودا في بني الله ــ ولي الله ــ لقد ضللنا عن طريق الحق أعيينا في سبل الإثم والهلاك فماذا نفعتنا الكبرياء، وماذا أفادنا افتخارنا بالأموال. قد مضى ذلك كله كالظل ولم يكن لنا أن نبدي علامة فضيلة، بل فنينا في رذيلتنا لأن رجاء المنافق كغبار تذهب به الريح).(3)

في نص آخر لترجمة أخرى للكتاب المقدس نرى ابهام الإسم يتحول من الصدّيق إلى (البار).فيقول : (ثم يقوم البار بجرأة عظيمة في وجوه الذين ضايقوه).(4) ولو بحثنا عن مصاديق ذلك لوجدنا أن قرآن المسلمين هو من ذكر الابرار الأربعة فقال : (( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ..... ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا).(5) ومن هنا يتبين لنا أن الصدّيق والبار هو علي ابن ابي طالب الذي تعنيه هذه النبوءة التي وردت في الكتاب المقدس.

المصادر والتعليقات: 
1- المصادر كثيرة التي تؤكد أن الصديق هو الامام علي كما في إبن عساكر - تاريخ مدينة دمشق -الجزء : 12 - رقم الصفحة : 18 حديث رقم 2537 ، روى ، عن : معاذةالعدوية قالت : سمعت علي بن أبي طالب يقول على منبر البصرة : (أنا الصديق الأكبر، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر ، وأسلمت قبل أن يسلم).لا بل ورد في كتب اهل السنة أكثر من 20 رواية تؤكد بأن الصديق والفاروق هو علي ابن ابي طالب . ففي الاصابة والحمويني وفي القندوزي وغيرهم (أنا عبد الله وأخو رسوله، وأناالصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم، صليت قبل الناس سبع سنين ، وأسلمت قبل إسلام أبي بكر). 
2- صحيح البخاري - البخاري - ج 7 - ص 208 – 209 . 
3- سفر الحكمة 5: 1. والغريب أن عليا يُطلق عليه سيد البلاغة والحكمة ، والسفر يُطلق عليه (سفر الحكمة) وكأنه يُشير إلى الشخصية المتظلمة فيه على درجة عالية من الحكمة. 
4- ومن غيره الصدّيق الذي يقول مع القسم : ( اما والله لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين اهل التوراة بتوراتهم وبين اهل الانجيل بانجيلهم وبين اهل الزبور بزبورهم). انظر مناقب الخوارزمي 91 / 85 و فرائد السمطين ج1: ص338 - 339 / 261، شواهد التنزيل للحاكم 1ج: 280ص / 384.

5- عدد ليس بالقليل اجمع على ان سورة هل أتى مدنية إلا آية واحدة مكيّة والسورة نزلت في الإبرار الأربع وهم علي وفاطمة والحسن والحسين ، وعليٌ هو سيّد هؤلاء الأبرار وفي كتاب نزول سورة هل أتى في أهل بيت المصطفى للسيد علي الميلاني ذكر مصادر الحديث ، وردّ على اشكالاته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/28



كتابة تعليق لموضوع : الصديق علي بن ابي طالب مع اعدائه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 5)


• (1) - كتب : بورضا ، في 2018/07/04 .

لك أخي محمد مصطفى كيال.. كامل الحق في نقل التعليق على شكل موضوع مستقل أينما أحببت ولكل من يقرأ فله ذلك.. وهذه معلومات وتنبيهات يجب أن تظهر .


• (2) - كتب : بورضا ، في 2018/01/30 .

وهنا لا يفوتني أن اذكر نماذج من السرقات للفضائل التي تثبتها الروايات في التعليق السابق

فقد تم سرقة فضائل النبي والوصي معا صلى الله عليهما وآلهما!!

حيث يذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية : (( قال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو خيثمة ، أخبرنا حجين بن المثنى ، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي ، عن [ ص: 367 ] عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث ، فإذا موسى آخذ بالعرش ، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور ، أو بعث قبلي ؟ ) ))

ثم نقل عن صحيح مسلم : (( " أنا أول من تنشق عنه الأرض ، فأجد موسى باطشا بقائمة العرش ، فلا أدري أفاق قبلي ، أم جوزي بصعقة الطور ) )).

وعلق عليه : (( فذكر موسى في هذا السياق فيه نظر ، ولعله من بعض الرواة; دخل عليه حديث في حديث ; فإن الترديد هاهنا فيه لا يظهر ، لا سيما قوله : " أم جوزي بصعقة الطور " )) .

ثم نقل : (( وقال ابن أبي الدنيا أيضا : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، أخبرنا سفيان ، هو ابن عيينة ، عن عمرو ، هو ابن دينار ، عن عطاء ، وابن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كان بين أبي بكر وبين يهودي منازعة ، فقال اليهودي : والذي اصطفي موسى على البشر . فلطمه أبو بكر ، فأتى اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا يهودي ) ، أنا أول من تنشق عنه الأرض ، فأجد موسى متعلقا بالعرش ، فلا أدري هل كان قبلي ، أو جوزي بالصعقة ) )) .

ومما علق عليه : (( وهذا مرسل من هذا الوجه ، والحديث في " الصحيحين " من غير وجه بألفاظ مختلفة; وفي بعضها أن اللاطم لهذا اليهودي إنما هو رجل من الأنصار ))

ونقل : (( وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : أخبرنا إسحاق بن إسماعيل ، أخبرنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كأني أراني أنفض رأسي من التراب ، فألتفت ، فلا أرى أحدا إلا موسى متعلقا بالعرش ، فلا أدري أممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة ، أم بعث قبلي ")) .

وعلق عليه : ((وهذا مرسل أيضا ، وهو أضعف )) .

هذا بالنسة لسرقات اليهود واوليائهم من المنافقين لفضائل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله

ثم ذكر : (( وقال الحافظ أبو بكر البيهقي حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا موسى بن أعين ، عن معمر بن راشد ، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن بشر بن شغاف ، عن عبد الله بن سلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، وأنا أول شافع ومشفع ، بيدي لواء الحمد تحتي آدم فمن دونه ) )) .

وعلق عليه (( لم يخرجوه ، وإسناده لا بأس به ))

ولكنه نقل روايتين بلا تعليق وبلا معارضة أو ذكر لما يخالفها مما مر معنا في التعليق السابق من فضائل الإمام علي عليه السلام وخصائصه سلام الله عليه

فقد نقل : (( وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو سلمة المخزومي ، أنبأنا عبد الله بن نافع ، عن عاصم بن عمر ، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن ، عن سالم بن عبد الله ، وقال غير أبي سلمة : عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه سلم ( أنا أول من تنشق عنه الأرض ، ثم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم أذهب إلى أهل البقيع ، فيحشرون معي ، ثم أنتظر أهل مكة فيحشرون معي ، فأحشر بين الحرمين ) .

وقال أيضا : أخبرنا الحكم بن موسى ، أخبرنا سعيد بن مسلمة ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ، وأبو بكر عن يمينه ، وعمر عن يساره ، وهو متكئ عليهما ، قال : ( هكذا نبعث يوم القيامة ) ))

فهكذا كانت السلطات السقيفية ومن تبعها من الأموية والعباسية ينشرون هذه الروايات وتتلقفها الأمة ويشربها محدثيهم وهم يرون ما فيها ولعل بعضهم أعمى الفكر والبصيرة . فهذه سبيل السرقات والمضادة لأهل البيت عليهم السلام بدءا من رسول الله صلى الله عليه وآله من تشويه أو سرقة لفضيلة ومنزلة وخصائص إلهية وكل بقية اصحاب الكساء عليهم السلام، فهنا تم استبدال الإمام علي والزهراء والحسن والحسين بعمر وابو بكر.

كل شيء يسرق وكل شيء يشوه .

• (3) - كتب : محمد مصطفى كيال ، في 2018/01/30 .

السلام عليكم ورحمة الله
الاخ يورصا؛ شكرا لفضلكم؛ الا ان ما تفضلت به ليس ردا؛ هذا موضوع طويل بحد ذاته؛ حجمه اضعاف الموضوع الذي تعقب عليه؛ فارجو حضرتك مشكورا ان تنشره كمقاله مستقله لتعم الفائده.
تحياتي

• (4) - كتب : إيزابيل بنيامين ماما آشوري ، في 2018/01/30 .

سلام ونعمة وبركة عليكم اخي الطيب بو رضا . احسنتم واجدتم على ما تفضلتم به وقد توضحت الرؤية واصبح معلوم من هو الذي يذود المنافقين والمرتدين عن الحوض . اشكركم على هذا البحث المستفيض الذي تجشمتم فيه جمع رواياته من مصادر مختلفة . . اسأل الرب لكم التوفيق والمحبة والسلام .

• (5) - كتب : بورضا ، في 2018/01/30 .

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسمحوا بهذه الإضافة المتواضعة حول تتبع بيان الرجل المبهم في روايات الحوض :

لننظر في بعض الروايات الواضحة عند القوم..

من خلال القرآئن والتتبع يمكن أن نعلم من هو الرجل الذي يطرد المرتدين والمنافقين عن الحوض يوم القيامة المذكور في روايات الحوض عند البخاري وغيره؟

في البداية نذكر ألفاظ الحديث الدالة على المقصودين به
ثم نذكر الأحاديث المصرحة بالرجل الذي يذودهم وهو أمير المؤمنين علي عليه السلام
ونختم بملاحظات تتعلق بالموضوع، وان شاء الله تكون الصورة للقارئ مكتملة ولا يبقى لبس .

أولا : نلاحظ الألفاظ المستعملة وهي تبين الكم والنوع للمقصودين بالحديث :

لنذكر رواية البخاري عن أبي هريرة : عن النبي ‏ (صلى الله عليه وآله) ‏ ‏قال : ‏ ‏بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم ، خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم فقلت : أين قال : إلى النار والله قلت : وما شأنهم ، قال : إنهم إرتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم قلت أين قال : إلى النار والله قلت : ما شأنهم ، قال : إنهم إرتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم .

هنا لفظة : ((زمرة)) بعد ((زمرة))

ومن المهم التركيز على عبارة ((خرج رجل من بيني وبينهم))، فنريد معرفة هذا الرجل الذي يخبر عن ارتدادهم ويذودهم عن الحوض ويشهد عليهم بذلك .

وفي صحيح مسلم عن ‏ ‏أم سلمة وفيه : " فقال رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله) : إني لكم ‏ ‏فرط ‏ ‏على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم ‏ ‏فيذب ‏ ‏عني كما ‏ ‏يذب ‏ ‏البعير الضال ، فأقول فيم هذا فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول ‏سحقاً ".

هنا تعبير عام شامل : ((فإياي لا يأتين أحدكم ‏ ‏فيذب ‏ ‏عني))

وفي صحيح مسلم برواية أنس : " ‏أن النبي ‏ (صلى الله عليه وآله) ‏ ‏قال : ‏ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي ‏ ‏إختلجوا ‏ ‏دوني فلأقولن أي رب أصيحابي أصيحابي فليقالن لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ".

هنا تعبير : ((رجال ممن صاحبني)) ((أصيحابي))

وفي مسلم أيضا، عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏قال :قال رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله) : أنا فرطكم ‏ ‏على الحوض ولأنازعن أقواماً ثم لأغلبن عليهم فأقول : يا رب أصحابي أصحابي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

هنا تعبير : ((ولأنازعن أقواماً )) ((يا رب أصحابي))

وعند مسلم : عائشة تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه "وآله" وسلم يقول وهو بين ظهراني أصحابه : (( إني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم فوالله ليقتطعن دوني رجال فلأقولن أي رب مني ومن أمتي فيقول إنك لا تدري ما عملوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم ))

هنا تعبير : ((أنتظر من يرد علي منكم)) وقبله يقول الراوي أن هذا كان ((وهو بين ظهراني أصحابه))

ومن رواية في صحيح مسلم أيضا : "...ألا ‏ ‏ليذادن ‏ ‏رجال عن حوضي كما ‏ ‏يذاد ‏ ‏البعير الضال ‏ ‏أناديهم ‏ألا ‏ ‏هلم ‏ ‏فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك فأقول ‏: ‏سحقاً ‏ ‏سحقاً "

هنا تعبير : ((كما ‏ ‏يذاد ‏ ‏البعير الضال)) وهو يوافق ما سيأتي في الأحاديث المصرحة بأن أمير المؤمنين (ع) يذودهم كما يذاد غريبة الأبل .

وفي مسند أحمد : ‏خرج رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله) ‏ ‏إلى المقبرة فسلم على أهلها ، قال : ‏ ‏سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت إنا قد رأينا إخواننا قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ، قال : بل أنتم أصحابي وإخواني الذين لم يأتوا بعد أنا‏ ‏فرطكم ‏ ‏على الحوض ، قالوا : وكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ، قال : ‏ ‏أرئيت ‏ ‏لو أن رجلاًًً له خيل ‏ ‏غر ‏ ‏محجلة ‏ ‏بين ظهري خيل ‏ ‏دهم ‏ ‏بهم ‏ ‏إلاّ يعرف خيله ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فإنهم يأتون ‏ ‏غراً ‏ ‏محجلين ‏ ‏من الوضوء يقولها ثلاثاًً: أنا‏ ‏فرطكم ‏ ‏على الحوض ألا ‏ ‏ليذادن ‏ ‏رجال عن حوضي كما ‏ ‏يذاد ‏ ‏البعير الضال ‏ ‏أناديهم ‏ألا ‏ ‏هلم ‏ ‏ألا ‏ ‏هلم ‏ ‏فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك فأقول ‏: ‏سحقاً ‏ ‏سحقاً .

هنا تعبير والتفات هام : ((بل أنتم أصحابي)) ثم حذرهم أن هناك من يذاد عن الحوض والحديث ينص (( إنهم قد بدلوا بعدك فأقول ‏: ‏سحقاً ‏ ‏سحقاً ))

وفي مسند أحمد : ‏عبد الله بن رافع ‏ ‏قال : ‏ ‏كانت ‏ ‏أم سلمة ‏ ‏تحدث أنها ‏سمعت النبي ‏ (صلى الله عليه وآله) ‏ ‏يقول على المنبر وهي تمتشط أيها الناس فقالت ‏ ‏لماشطتها ‏:‏لفي رأسي قالت : فقالت : فديتك إنما يقول : أيها الناس قلت :‏ ‏ويحك ‏ ‏أولسنا من الناس فلفت رأسها وقامت في حجرتها فسمعته يقول : أيها الناس ‏‏بينما أنا على الحوض جيء بكم ‏ ‏زمراً ‏ ‏فتفرقت بكم الطرق فناديتكم ألا هلموا إلى الطريق فناداني مناد من بعدي ، فقال : إنهم قد بدلوا بعدك فقلت : ألا ‏ ‏سحقاً ‏ ‏ألا ‏ ‏سحقاً.

هنا تعبير :((أيها الناس ‏‏بينما أنا على الحوض جيء بكم ‏ ‏زمراً ‏)) أي لفظة الجمع لكلمة زمرة وهي ((زمرا))، بالتالي ليس مجرد زمرتين كما قد يتصور من رواية أبو هريرة عند البخاري، بل الذي يترجح من مجموع الروايات ومن هذه خصوصا وصريحا أن المراد هو مجيء الجميع زمرة بعد زمرة .

ثم تأكيد وإخبار حيث فيها : ((فتفرقت بكم الطرق فناديتكم ألا هلموا إلى الطريق))

ثم المخبر عنهم : ((فناداني مناد من بعدي، فقال : إنهم قد بدلوا بعدك فقلت : ألا ‏ ‏سحقاً ‏ ‏ألا ‏ ‏سحقاً))، وهذا يذكر برواية البخاري المشار إليها ما يحصل لهم (( ...خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم قلت أين قال : إلى النار والله قلت : ما شأنهم ، قال : إنهم إرتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم ))

لاحظ وصف المنادي حيث عبر عنه " فناداني مناد من بعدي"

وملاحظة هامة جدا للسند : إن هذا السند لرواية أحمد بن حنبل السابقة ذكره مسلم في صحيحه حينما روى الحديث عن أم سلمة كما مر معنا قبل قليل، فهو على شرطه، ولكنه بعدما روى النص أكتفى بالسند ولم يذكر من النص إلا : ((‏ ‏كانت ‏ ‏أم سلمة ‏ ‏تحدث أنها ‏ ‏سمعت النبي ‏ (صلى الله عليه وآله)‏ ‏يقول على المنبر وهي تمتشط أيها الناس فقالت : لماشطتها :‏ ‏كفي ‏ ‏رأسي ‏ ‏بنحو حديث ‏ ‏بكير ‏ ‏، عن ‏ ‏القاسم بن عباس )) .

ولا أدري هل أتهمه أم أنه مشغول بالأحاديث فأكتفى، وإلا فإن بعض النصوص وإن تطابقت في الهيكل العام إلا أن فيها فوائد مهمة لا يصح إغفالها، وعلى كل حال إن لم يكن مسلم أراد إغفال وانتخاب شيء دون شيء، فإنه من غير البعيد أن تكون هذه الطريقة الداهية والخفية جدا في عرض الروايات واسانيدها وانتخاب نص من بينها عند الغير كالبخاري واشباهه، ﻷنه يقتطع النصوص ويضع كذا وكذا، فكيف لا يستعمل هذه الطريقة التي لا يستطيع أحد أن يلزمه بشيء عادة ولو من باب الإختصار والزحام!!

وأيضا، لعلنا نجد في هذه فهم مع قسم يمكن أن نحسن الظن بهم،و نقول إن هذه الطريقة الجمعية للأحاديث بدون تدبر هي السبب في عماية كثير منهم فلا دراية للرواية عندهم، فكيف إذا إعتمدوا هذه الطريقة الإنتخابية وهم لا يشعرون خصوصا إذا انتهجها اكابرهم؟!

إذ يستحيل على الباحث أن يكتفي بذلك، ولكنهم نيام همهم يجمعون ويحفظون نصوص واسانيد!!


والآن لننظر في بعض الروايات الواضحة عند القوم المصرحة بحقيقة الرجل الشاهد على المنقلبين وذائدهم عن الحوض.. نبدأ من بعض الصحابة :

1- أبو سعيد الخدري

* عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أعطيت في علي خمساًً ، هن أحب إلي : من الدنيا وما فيها : أما واحدة : فهو تكإي بين يدي الله عز وجل حتى يفرغ من الحساب ، وأما الثانية : فلواء الحمد بيده آدم (ع) ومن ولد تحته ، وأما الثالثة : فواقف على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي ، وأما الرابعة : فساتر عورتي ومسلمي إلى ربي عز وجل ، وأما الخامسة : فلست أخشى عليه : أن يرجع زانياً بعد إحصان ، ولا كافراًً بعد إيمان. (( أحمد بن حنبل - فضائل الصحابة - من فضائل علي (ع) ))

((علما)): في هذا الحديث إشارات وتعريض بالمنافقين الزناة والكافرين..كما في حديث الراية : "يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار"..ومواضع متعددة غيرها..لذلك يقول إبن عباس قال : لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره ، هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهو الذى كان لواؤه معه في كل زحف ، وهو الذى صبر معه يوم فر عنه غيره ، وهو الذى غسله وأدخله قبره (( أحمد بن عبدالله الطبري - ذخائر العقبى ))

أما أولائك فكانوا يلهفون وراء السلطة في السقيفة!

* عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي (( الطبراني - المعجم الصغير، و الهيثمي - مجمع الزوائد - كتاب المناقب - باب مناقب علي بن أبي طالب ))

2- جابر بن عبد الله الانصاري

* عن جابر بن عبد الله قال : أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أناساً من المسجد وقال : لا ترقدوا في مسجدي هذا قال : فخرج الناس ، وخرج علي فقال لعلي : إرجع فقد أحل لك فيه ما أحل لي ، كأني بك تذودهم على الحوض ، وفي يدك عصا عوسج. (( إبن شبة النميري - تاريخ المدينة ))

3- أبو هريرة

عن أبي هريرة قال : قال علي بن أبي طالب : يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة قال : فاطمة أحب إلي : منك ، وأنت أعز على منها ، وكأني بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس ، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء ، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة ، إخوانا على سرر متقابلين ، وأنت معي وشيعتك في الجنة ، ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إخوانا على سرر متقابلين. (( الطبراني - المعجم الأوسط ))



أما الرواية من أهل البيت عليهم السلام من كتب السنة أيضا :

1- أمير المؤمنين عليه السلام

* عن عبد الله بن إجارة بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر يقول : إني أذود عن حوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي هاتين القصيرتين : الكفار والمنافقين ، كما يذود السقاة غريبة الإبل عن حياضهم (( الطبراني - المعجم الأوسط ))

* وعند المتقي الهندي : " 33047 - سألت الله : يا علي فيك خمساًً ، فمنعني واحدة وأعطاني أربعاًً‏ :‏ سألت الله أن يجمع عليك أمتي فأبى علي ، وأعطاني فيك أن أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي ، معك لواء الحمد وأنت تحمله بين يدي تسبق به الأولين والآخرين ، وأعطاني فيك أنك ولي المؤمنين بعدي ‏." (( المتقي الهندي - كنز العمال - فضائل علي ))


2- الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

* روى صاحب المستدرك على الصحيحين...عن علي بن أبي طلحة قال : ثم حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن حديج فقيل للحسن : إن هذا معاوية بن حديج الساب لعلي ، فقال : عليّ به فأتي به فقال : أنت الساب لعلي ، فقال : ما فعلت فقال : والله إن لقيته وما أحسبك تلقاه يوم القيامة لتجده قائماًً على حوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) يذود عنه رايات المنافقين بيده عصا من عوسج ، حدثنيه : الصادق المصدوق (صلى الله عليه وآله) وقد خاب من إفترى ، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

* وروى الطبراني - المعجم الكبير عن أبي كبير ، قال : كنت جالساًًً عند الحسن بن علي، فجاءه رجل ، فقال : لقد سب عند معاوية علياًً سباً قبيحاًً رجل يقال له : معاوية يعني إبن حديج تعرفه ؟ ، قال : نعم ، قال : إذا رأيته فإئتني به قال : فرآه عند دار عمرو بن حريث ، فأراه إياه ، قال : أنت معاوية بن حديج ؟ فسكت فلم يجبه ثلاثاًً ، ثم قال : أنت السباب علياًً عند إبن آكلة الأكباد ، أما لئن وردت عليه الحوض ، وما أراك ترده ، لتجدنه مشمراً حاسراً ذراعيه يذود الكفار والمنافقين عن حوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما تذاد غريبة الإبل عن صاحبها ، قول الصادق المصدوق أبي القاسم (صلى الله عليه وآله). ((وراجع الهيثمي - مجمع الزوائد، و أبي يعلى الموصلي - المسند - مسند الحسن بن علي (ع) ))

* و عند ابن عساكر عن بدر بن الخليل ، عن مولى الحسن بن علي ...فقال له الحسن (ع) : أنت الشاتم علياًً عند إبن آكلة الأكباد ، أما والله لئن وردت الحوض ولن ترده لترنه مشمراً عن ساقه حاسراً عن ذراعيه يذود عنه المنافقين. (( إبن عساكر - تاريخ مدينة دمشق ))


((علما)) : قد ولى معاوية ابن آكلة الأكباد ابن خديج هذا على مصر، وكان عثمانيا ومن الخوارج الذين لم يبايعوا الإمام علي (عليه السلام)، وخرجوا على محمد بن ابي بكر بمصر، ولما بعث معاوية جيشا بقيادة عمرو بن العاص الى مصر صارت الخوارج مع جيش عمرو بن العاص ومنهم معاوية بن خديج وهو القاتل لمحمد بن ابي بكر والي الإمام علي (ع) على مصر، ويذكرون ان محمد طلب الماء فمنعه وقتله عطشانا، ثم جعلوا جسده في جوف حمار ميت واحرقوه!!

وفي جواهر التاريخ ج2 للشيخ علي الكوراني : (( تربى محمد رحمه الله في حجر علي عليه السلام وكان من خاصة أصحابه، لأن أمه أسماء بنت عميس كانت صحابية جليلة محبة لأهل البيت عليهم السلام ومن خواص الصديقة الزهراء عليها السلام فتزوجها علي عليه السلام بعد وفاة أبي بكر، فمحمد ربيب أمير المؤمنين عليه السلام .
وكان أهل مصر يحبون محمداً لأنه شارك في فتح مصر ، وفي معركة ذات الصواري مع صديقه محمد بن أبي حذيفة ))


3- الإمام الحسين وهو سفينة النجاة (عليه السلام) وهي رواية بسلسلة الذهب!

* روى الموفق الخوارزمي في المناقب بسند يصل فيه...حدثنا : أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، حدثني : أبي موسى بن جعفر ، حدثني : أبي جعفر بن محمد ، حدثني : أبي محمد بن علي ، حدثني : أبي علي بن الحسين ، حدثني : أبي الحسين بن علي ، حدثني : أبي علي بن أبي طالب (ع) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا علي : إني سألت ربي فيك خمس خصال فأعطاني : أما أولها : فسألت ربي أن تنشق عنى الأرض وأنفض التراب ، عن رأسي وأنت معى فأعطاني ، وأما الثانية : فسألت ربي أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معى فأعطاني ، وأما الثالثة : فسألت الله أن يجعلك حامل لوائى وهو لواء الله الأكبر ، عليه المفلحون الفائزون بالجنة فأعطاني ، وأما الرابعة : فسألت ربي أن تسقى أمتي من حوضى فأعطاني ، وأما الخامسة : فسألت ربي أن يجعلك قائد أمتي إلى الجنة فأعطاني ، فالحمد لله الذي من علي بذلك. ((وراجع ايضا المتقي الهندي - كنز العمال))

اخيرا، في مجمع الزوائد : ((عن شراحيل بن مرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه "وآله" وسلم - يقول لعلي : " أبشر يا علي ; حياتك معي ، وموتك معي " .

رواه الطبراني ، وإسناده حسن . ))

وفيه : (( عن أبي ذر وسلمان قالا : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد علي ، فقال : " إن هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين " .

رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده ، وقال فيه : " أنت أول من آمن بي " . وقال فيه : " والمال يعسوب الكفار " .

وفيه عمرو بن سعيد المصري ، وهو ضعيف . ))

أما قوله ضعيف، فلم أجد من ذكره إلا هو " الهيثمي" وضعفه..وعلى كل حال فإن الراوي عن عمرو "صدوق يتشيع" كما يقولون..فلعل مثل هذا هو منشأ الضعف بالنسبة لعمرو وهو "التشيع" أو محبة أمير المؤمنين (ع) والبراءة من عدوه لا أقل معاوية وفضحهم وعدم رواية حديث موضوع لهم...وربما لم يستطيعوا تضعيف من نقل عنه لأنه واضح الصلاح والصدق فقالوا صدوق ثم وصفوه بالتشيع لروايته الفضائل -وهذه ريب وتهمة عندهم!!- أما عمرو بن سعيد فيبدو أن من في طبقته تركوه بناء على قاعدة الإعتزال عن رواة الحقيقة وعليه يكون عندهم شيعيا مغضوب عليه!!..و يصبح غير معروف للطبقة التالية..وهذا تمهيد من السابقين للاحقين ليقولوا لم يروي هذا إلا من ترك!!.. ولكن جاءت الرواية عنه الآن!!..فيقولون لا نعرفه!!..أو طريق منكر!!..أو ضعيف كما قال الهيثمي!!

ولا حجة لتضعيف لا نملك عليه دليل ولا نعرف سببه والمقصود منه.. ثم إن الهيثمي متوفى سنة 807 هجرية فالفاصل الزمني كبير جدا بينهما حيث بين سلمان وأبو ذر وبين عمرو بن سعيد اثنان من الرواة فقط أما الهيثمي متوفي في العقد الأول من القرن التاسع!!
فمن الناقلين للتضعيف له وإلا فنقله مرسل؟!!

تبقى بعض الملاحظات :

1- إن عبارة (( إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) الورادة في بعض الروايات..لا تعارض أحاديث عرض الأعمال على النبي صلى الله عليه وآله، حيث تحمل على معنى عدم معاصرتهم وهم يعصون وينقلبون وقد يراد من لفظ الحديث والسؤال التعليم والإخبار وليس حقيقة السؤال الجهل، وأيضا قد وردت عبارات تدل على الإخبار وليس فيها النفي المتوهم، مثل عبارة : (( إنهم قد بدلوا بعدك ))، ويدل عليه تصريح الروايات نفسها بعلمه بالمنقلبين وفي بعضها جاء خطابه لهم صلى الله عليه وآله ((ولكنكم أحدثتم بعدي وإرتددتم ‏ ‏القهقرى))، وأيضا علم حذيفة بالمنافقين منه صلى الله عليه وآله، وكل هذه واضحة لا يمكن للعامة أن ينكرونها، وفوق ذلك لنا رواياتنا الخاصة .

2- إن هذه الروايات تبطل وتكشف خدعة نظرية عدالة الصحابة من أساسها وتوجب البحث أصلا عن عدالة الرواة بدون فرق وبشكل أكيد .

3-في رواية عن أبي برزة قال أبو داود في سننه : حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم حدَّثنا عبد السلام بن أبي حازم أبو طالوت قال: شهدتُ أبا برزة دخل على عبيدِ الله بن زيادٍ فحدَّثني فلانٌ سماه مسلم وكان في السِّماط فلما رآه عبيدُ اللهِ قال إِنَّ محمديكم هذا لدحداح، ففهمها الشيخ فقال: ما كنت أحسب أَنِّي أبقى في قومٍ يعيروني بصحبةِ محمَّدٍ صلى الله عليه "وآله" وسلم، فقال له عبيد الله: إِنَّ صحبة محمدٍ صلى الله عليه "وآله" وسلم لك زين غير شين، ثم قال: إِنَّما بعثت إليك لأسألك عن الحوض، سمعت رسولَ اللهِ صلى الله عليه "وآله" وسلم يذكر فيه شيئاً؟ فقال أبو برزة: نعم لا مرَّة ولا اثنتين ولا ثلاثاً ولا أربعاً ولا خمساً، فمن كذب به فلا سقاهُ الله منه، ثم خرج مغضباً

وهذه الرواية وكذلك ملاحظة الروايات التي مرت بنا وغيرها، تعلم تشديد واهتمام النبي صلى الله عليه وآله بإيصال خبر الحوض للأمة، فلا عذر، كما تعدد الألفاظ لتعدد المناسبات والمواطن للحديث، فلا يعد اضطراب في النقل خصوصا على موازين العامة فقد جاءت في الصحاح والمسانيد المعتمدة .
ولا يفوت التعليق على خبث ابن زياد ويكفي كلمته التي قالها لعنه الله، كما لا يفوت أن مثله لا اهتمام له بالدين، وإنما خطورة الحديث، فلاحظ!
ولأحد العامة بحثا قال في مقدمته : (( الأحاديث الواردة في الحوض متواترة، لا شك في تواترها عند أهل العلم بأحاديث الرسول صلى الله عليه "وآله" وسلم، وقد رواها عن الرسول صلى الله عليه "وآله" وسلم أكثر من خمسين صحابياً، وقد ذكر ابن حجر أسماء رواة أحاديثه من الصحابة)) .

4- من روايات الحوض، تحذير من الاقتتال والافتتان بالدنيا من بعده صلى الله عليه وآله كما حصل لأمم السابقة :

أ- صحيح البخاري» كتاب الرقاق» باب في الحوض...عن أبي الخير عن عقبة : (( أن النبي صلى الله عليه "وآله" وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف على المنبر فقال إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها)) .

ب- وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا وهب يعني ابن جرير حدثنا أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد عن عقبة بن عامر قال صلى رسول الله صلى الله عليه "وآله" وسلم على قتلى أحد ثم صعد المنبر كالمودع للأحياء والأموات فقال : (( إني فرطكم على الحوض وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم)) قال عقبة فكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه "وآله" وسلم على المنبر . (( صحيح مسلم» كتاب الفضائل» باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه "وآله" وسلم وصفاته ))

ج- صحيح البخاري» كتاب المغازي» باب غزوة أحد...عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال صلى رسول الله صلى الله عليه "وآله" وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها قال فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه "وآله" وسلم

وفيه إضافة هامة لزمن الحديث : (( على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات )) وأحد حصلت في سنة 3 هجرية فإذا أضفنا إليها 8 سنين يكون 11 هجرية وهي آخر حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وهذا يعني أن حديث الحوض منسجم مع آية التحذير والإخبار عن الإنقلاب على الأعقاب!!
ولا ندري لعل الحديث منقوص ونتوقع ذلك، حيث نتوقع وجود الوصية مجددا بأهل البيت عليهم السلام، فأبحث عن الوصية في مقبرة الشهداء عند أحد، فهذا موضع متوقع .

5-العجب من ابن حجر في فتح الباري في شرحه حين يقول : (( قوله ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم المراد بالرجل الملك الموكل بذلك ولم أقف على اسمه ))

فلا أدري من أين علم بأنه ملك وليس رجل من الإنس، خصوصا وأن هنالك روايات تحدثت وصرحت بأن الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام بأنه هو الواقف على الحوض وهو الذي يذود المنافقين عنه .

6-والعجب أيضا منه حين يتكلم عن بعض الطرق ثم يقول : (( وقد أعرض مسلم عن هذه الطرق كلها وأخرج من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة رفعه إني لأذود عن حوضي رجالا كما تذاد الغريبة عن الإبل وأخرجه من وجه آخر عن أبي هريرة في [ ص: 483 ] أثناء حديث وهذا المعنى لم يخرجه البخاري مع كثرة ما أخرج من الأحاديث في ذكر الحوض والحكمة في الذود المذكور أنه - صلى الله عليه "وآله" وسلم - يريد أنه يرشد كل أحد إلى حوض نبيه على ما تقدم أن لكل نبي حوضا وأنهم يتباهون بكثرة من يتبعهم فيكون ذلك من جملة إنصافه ورعاية إخوانه من النبيين لا أنه يطردهم بخلا عليهم بالماء ويحتمل أنه يطرد من لا يستحق الشرب من الحوض والعلم عند الله - تعالى - ))

فأين ابن حجر عن طرق أحاديث ذكر أمير المؤمنين عليه السلام؟ فلماذا لم يقل أنه أراد مراد الآية في المباهلة ((وأنفسنا وانفسكم)) حيث عبرت عن النبي والإمام علي صلوات الله عليهما وآلهما بأنفسنا، فلا مانع من أن يكون ذود الإمام علي عليه السلام هو فعل للنبي صلى الله عليه وآله ، فكل ما يفعل الإمام علي عليه السلام هو عين ما يريده النبي صلى الله عليه وآله، فعله فعله وقوله قوله وحكمه حكمه، صلوات الله عليهما وآلهما، وفي هذا الشأن راجع الأحاديث التي تتطرق لهذه الحقيقة . خصوصا أنه وردت روايات تذكر رجل يذود وجاءت أخرى مصرحة بالإمام علي عليه السلام، فالإحتمال الذي ذكره بعيد جدا عن كل الروايات، وعلى كل حال فقد أفرد هو نفسه وعزل هذه الرواية وفق احتماله عن بقية الروايات الصريحة التي تتكلم عن حرمان المنافقين بكل وضوح، فما دام أنه فصل وعزل فإحتماله على بعده لا يخدش في إستدلالنا، على أنه في نهاية كلامه ذكر احتمال عدم الفصل خصوص هذا الحديث، وأعاده للبقية فقال : (( ويحتمل أنه يطرد من لا يستحق الشرب من الحوض والعلم عند الله - تعالى -)).

إلا أن يكون أخذها من أحد الروايتين، الأولى : (( وأخرج الحكيم في نوادر الأصول عن عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه "وآله" وسلم - أنه قال : " يا عثمان ، لا ترغب عن سنتي ، فمن رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب ضربت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة " ))

والثانية : (( وفي رواية لمسلم : " وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون ، فأقول : يا رب ، هؤلاء أصحابي ، فيجيبني ملك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ! " )).

وهذه الروايتين نقلتهما من كتاب : (( لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية» الباب الرابع في ذكر بعض السمعيات من ذكر البرزخ والقبور وأشراط الساعة والحشر والنشور» فصل في أمر المعاد» قوم يزادون عن الحوض، لمحمد السفاريني الحنبلي )) كما في موقع اسلام ويب، ولم أتتبع أكثر إن كان هناك غير هذه الروايتين .

ولكن كان عليه أن ينقل ما ورد صريحا في حق الإمام عليه عليه السلام، فلا عذر له في إغفال ذكر فضله هنا ولو بمقدار ما ورد عندهم، على نه لا يمتنع أن يجمع بينهم بأنهم أعوان للإمام (ع) حيث هم خدام بين يدي النبي وآله صلى الله عليه وآله بل للمؤمنين، كما ملك الموت واعوانه .

فكيف ترك الواضح الجلي؟
رغم الروايات المتعددة، كما أنه يمكن الجمع مع ما شذ، وهو لم يذكر الروايات فضلا عن أنه لم يشر إلى إمكان الجمع .

بالمناسبة صرح السفاريني المذكور قبل قليل في نفس الموضع بكثرة احاديث الحوض جدا : (( قال رسول الله - صلى الله عليه "وآله" وسلم - : " إني على الحوض أنظر من يرد منكم ، وسيؤخذ ناس دوني ، فأقول : يا رب ، مني ومن أمتي - وفي رواية ، فأقول : أصحابي - فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك ؟ فوالله ما برحوا يرجعون على أعقابهم " وفي ذلك أحاديث كثيرة جدا ))

ومن اللطيف أنه أي السفاريني ذكر ما يشير للظالمين : (( أخرج الترمذي ، والحاكم ، عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه "وآله" وسلم - خرج عليهم ، وقال : " إنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ، وليس بوارد علي الحوض ، ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ، ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه ، وهو وارد علي الحوض . "

وأخرج الطبراني من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه "وآله" وسلم - قال : " ليرفعن لي رجال من أصحابي إذا رأيتهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " )) .

بل نقل السفاريني ما يشير بظلم الظالمين وقتلهم لأهل البيت، وذكر رواية تصرح بفضل أمير المؤمنين عليه السلام وأنه يذود المنافقين عن الحوض : (( وقد أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : أغفى رسول الله - صلى الله عليه "وآله" وسلم - إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقال : " إنه أنزلت علي آنفا سورة ، فقرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر ) حتى ختمها قال : " هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هو نهر أعطانيه ربي في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منه ، فأقول : يا رب إنه من أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدث بعدك "

وأخرج الطبراني عنه مرفوعا " أعطيت الكوثر - قلت : يا رسول الله ، وما الكوثر ؟ قال : نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب لا يشرب منه أحد فيظمأ ، ولا يتوضأ منه أحد فيشعث ، لا يشربه من أخفر ذمتي ، ولا من قتل أهل بيتي "

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه "وآله" وسلم - قال : " ليردن علي الحوض أقوام فيختلجون دوني ، فأقول : رب أصحابي ، رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك "

وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن ريحانة رسول الله - صلى الله عليه "وآله" وسلم - أمير المؤمنين الحسن بن علي - رضي الله عنه - أنه قال لمعاوية : أنت السباب لعلي ؟ أما والله لتردن عليه الحوض - وما أراك ترده - فتجده مشمر الإزار على ساق يذود عنه لا يأتي المنافقون ذود غريبة الإبل قول الصادق المصدوق ، وقد خاب من افترى .

وأخرج الطبراني وابن حبان والحاكم وصححه عن خباب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه "وآله" وسلم - قال : " سيكون أمراء من بعدي ، فلا تصدقون بكذبهم ، ولا تعينوهم على ظلمهم ، فمن فعل لم يرد علي الحوض " ))

وذكر رواية لابن عباس ولا يوجد في صياغتها الإشكال "ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة ‏ ‏إبراهيم"! الذي عند البخاري، وهي : (( وأخرج الإمام أحمد والطبراني والبزار عن ابن عباس - رضي الله عنهما - سمعت رسول الله - صلى الله عليه "وآله" وسلم - يقول " أنا فرطكم على الحوض فمن ورد أفلح ، ويجاء بأقوام فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب ، فيقال :ما زالوا بعدك مرتدين على أعقابهم " )) لكنه هنا لم يصرح بإسم اصحابي، وغيرها من التعابير، إلا أن صدر الحديث كافي .

حيث روى البخاري : ((حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال إنكم محشورون حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده الآية وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله الحكيم قال فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم )) (( صحيح البخاري» كتاب الرقاق» باب كيف الحشر ))

هنا كلمة "أصحابي"

ورواه أيضا بسند ثاني : (( حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة أخبرنا المغيرة بن النعمان قال سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خطب رسول الله صلى الله عليه "وآله" وسلم فقال يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ثم قال كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين إلى آخر الآية ثم قال ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصيحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد فيقال إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم )) (( صحيح البخاري» كتاب تفسير القرآن» سورة المائدة» باب وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ))

هنا الكلمة: "أصيحابي"!

وعلق ابن حجر : (( وقوله أصيحابي كذا للأكثر بالتصغير ، وللكشميهني بغير تصغير ، قال الخطابي : فيه إشارة إلى قلة عدد من وقع لهم ذلك ، وإنما وقع لبعض جفاة العرب ، ولم يقع من أحد الصحابة المشهورين )). ونستفيد منه أن الصحابة ليسوا مستثنين بل مقصودين، بل أن هناك من وقع في الخطر وهو من المذادين، أما قوله "ولم يقع من أحد الصحابة المشهورين"، فهي دعوى لم يذكر عليها دليل، ولنا أدلتنا على أصحاب الإنقلاب .

ومما علق ابن حجر في الرواية التي في باب الحشر من كتاب البخاري : (( ولأحمد والطبراني من حديث أبي بكرة رفعه " ليردن على الحوض رجال ممن صحبني ورآني " وسنده حسن وللطبراني من حديث أبي الدرداء نحوه وزاد فقلت يا رسول الله ادع الله أن لا يجعلني منهم قال لست منهم وسنده حسن )) فهذا صريح في دخول الصحابة، بل الأمر لا يحتاج إلى توضيح لولا تعند القوم.

وهذه الرواية فيها ذكر شهيد، أولا، وثانيا ذكر أنه صلى الله عليه وآله يقول كما قال عيسى في القرآن "وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد"، دلالة على أن المنقلبين هم خصوص من عاش معهم صلى الله عليه وآله .

لكن السفاريني فسر المطرودين بقوله : (( والحاصل أن من الذين يذادون عن الحوض جنس المفترين على الله تعالى ، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - من المحدثين في الدين من الروافض والخوارج وثائر أصحاب الأهواء والبدع المضلة ، وكذلك المسرفون من الظلمة المفرطون في الظلم والجور وطمس الحق ، كذلك المتهتكون في ارتكاب المناهي ، والمعلنون في اقتراف المعاصي))

ثم نقل عن القرطبي : (( قال القرطبي : قال علماؤنا كل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ولم يؤذن به ، فهو من المطرودين عن الحوض ، وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين كالخوارج والروافد والمعتزلة على اختلاف فرقهم ، فهؤلاء كلهم مبدلون ، وكذا الظلمة المسرفون في الجور والظلم وطمس الحق وإذلال أهله ، والمعلنون بكبائر الذنوب ، والمستخفون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ والبدع .

ثم الطرد قد يكون في حال ، ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال ولم يكن في العقائد .

قال : وقد يقال : إن أهل الكبائر يردون ويشربون ، وإذا دخلوا النار بعد ذلك لم يعذبوا بالعطش . انتهى .

فأهل البدع مطرودون عن حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - ومردودون عن الشرب ...))

ولكن، الحديث كما يقول البعض أنه منهم وليس كلهم، وقلة زمرة أو زمرتين، فكيف ينزل على الكثرة حيث يستوعب كل الأمة؟! هذا من ناحية الجدل والاحتجاج على من ذهب الى هذا القول للتقليل
ثم إن فيه تصريح بالصحابة، ويبدو أنهم رؤوس المنافقين واتباعهم خصوصا المخاطبين بالحديث وقتها ، فكيف يريد البعض إلقاءه على المرتدين كما يقولون ولو كان فمن هم هؤلاء هل هو ما اعلنته السلطة ورمت به غيرها وبرئت نفسها من فعلها؟!

لا أقل، كان يسعهم أن يفصلوا، بأن هنالك عموم وخصوص فالخصوص للصحابة والعموم للأمة .

ومن الملاحظات الهامة : أن الإمام علي (عليه السلام) هو الذائد للمنافقين عن الحوض كما صرحت الرواية، بل صرحت بأنه من اسباب الذود هو عداء وسب الإمام (ع)، فهي منطبقة على كل من عاداه سلام الله عليه .

وهنا تتجلى الحقيقة في حديث الثقلين حيث تم ذكر الحوض فيه، لذلك عندما نقرأ أحاديث الحوض ثم نقارنها بحديث الثقلين وحديث الغدير نجد الإنسجام الواضح كالتالي :

1- تم ذكر الحوض في الحديثين .

2- تم إيداع ثقلين في الأمة، وتمت الوصية بهما .

3- "فأنظروا كيف تخلفوني فيهما" .. هذه أناس يعملون بها وأناس يخالفونها، بالتالي التبديل والإحداث محوره الإنحراف عن القرآن وأهل البيت (عليهم السلام).

4- الثقلين واردون الحوض لدى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وهم لا يفترقان.. فيشهدان للعامل ويشهدان على المفارق التارك العاصي .

5- الصحابة ومن بعدهم واردون الحوض فمنهم من يسمح له ومنهم من يطرد عنه، فهنالك من يفترق عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وهو نتيجة افتراقه عن الثقلين في الدنيا .

وهنالك تصريح مثل : "...ثم قال : " يا أيها الناس ، إني فرطكم ، وإنكم واردون علي الحوض ، حوض أعرض ما بين بصرى وصنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضة ، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل ، سبب طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنه نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض " .
ومذكور معه حديث الغدير..وفيه تصريح بعد ذكر الورود على الحوض..وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخليفوني فيهما.. برواية أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري - المعجم الكبير

وقال ابن كثير في البداية والنهاية : "وكذا رواه أحمد ، عن غندر ، عن شعبة ، عن ميمون بن أبي عبد الله ، عن زيد بن أرقم. وقد رواه ، عن زيد بن أرقم جماعة منهم أبو إسحاق السبيعي ، وحبيب الأساف وعطية العوفي وأبو عبد الله الشامي ، وأبو الطفيل عامر بن واثلة. وقد رواه معروف بن حربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد قال : لما قفل رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه ، عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن ، ثم بعث إليهن فصلى تحتهن ثم قام ، فقال : أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلاّ مثل نصف عمر الذي قبله ، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب ، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ ، قالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراًً ، قال : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن جنته حق وأن ناره حق وأن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ؟ ، قالوا : بلى نشهد بذلك ، قال : اللهم أشهد. ثم قال : يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ثم قال : أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض ، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء فيه آنية عدد النجوم قدحان من فضة ، وإني سائلكم حين تردون علي ، عن الثقلين فإنظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ الثقل الأكبر ، كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فإستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا ، وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، رواه إبن عساكر بطوله من طريق معروف كما ذكرنا."

وأيضا في المعجم الكبير للطبراني : "حدثنا : أحمد بن عمرو القطراني ، ثنا : محمد بن الطفيل ح ، وحدثنا : أبو حصين القاضي ، ثنا : يحيى الحماني قالا ، ثنا : شريك ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن ثابت ، عن النبي مثله ، حدثنا : محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا : جعفر بن حميد ح ، حدثنا : محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا : النضر بن سعيد أبو صهيب قالا ، ثنا : عبد الله بن بكير ، عن حكيم بن جبير ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم ، قال : نزل النبي يوم الجحفة ثم أقبل على الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إني لا أجد لنبي إلاّ نصف عمر الذي قبله وإني أوشك أن أدعى فأجيب فما إنتم قائلون ، قالوا : نصحت قال : أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث بعد الموت حق ، قالوا : نشهد قال : فرفع يديه فوضعهما على صدره ، ثم قال : وأنا أشهد معكم ثم قال : إلاّ تسمعون قالوا : نعم ، قال : فإني فرطكم على الحوض التجارة واردون علي الحوض وإن عرضه أبعد ما بين صنعاء وبصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة ، فإنظروا كيف تخلفوني في الثقلين فنادى مناد ، وما الثقلأن يا رسول الله ، قال : كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فإستمسكوا به لا تضلوا ، والآخر عترتي وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، وسألت ذلك لهما ربي فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت أولى به من نفسي فعلي وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه."

روى الطبراني : ((عن حنش بن المعتمر ، قال : رأيت أبا ذر أخذ بعضادتي باب الكعبة وهو يقول : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يقول : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ، ومثل باب حطة في بني إسرائيل)).

((ورواه عن ابي سعيد وابوذر بأسانيد أخرى أيضا، والهيثمي في مجمع الزوائد، وابن حجر في المطالب العالية، وحديث السفينة عند الحاكم وقال :هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.، وعند ابن حنبل وغيرهم))

روى الحاكم في المستدرك :(( عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ، فقال : كأني قد دعيت فأجبت أني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى وعترتي ، فإنظروا كيف تخلفوني فيهما فأنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله عز وجل مولاى وأنا مولى كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي ، فقال : من كنت مولاه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وذكر الحديث بطوله ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله)).

والنسائي في السنن الكبرى يسأل الراوي الصحابي متعجبا!! : ((فقلت لزيد : سمعته من رسول الله ؟ ، فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّّ رآه بعينيه ، وسمعه بأذنيه)).

وحق له أن يتعجب مما جرى بعد رحيل نبي الرحمة صلى الله عليه وآله..؟!!

وحديث الثقلين والغدير كثيرة جدا وقوية لديهم .

وفي صحيح مسلم بسنده عن ‏ ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏، عن ‏ ‏عامر بن سعد بن أبي وقاص ‏ ‏، عن ‏ ‏أبيه ‏، ‏قال : ‏قال رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله)‏ ‏لعلي ‏: ‏أنت مني بمنزلة ‏ ‏هارون ‏ ‏من ‏ ‏موسى ‏ ‏الا أنه لا نبي بعدي ، قال سعيد ‏: ‏فأحببت أن أشافه بها ‏ ‏سعدا ‏ ‏فلقيت ‏ ‏سعدا ‏ ‏فحدثته بما حدثني ‏عامر ‏، ‏فقال :‏ ‏أنا سمعته ، فقلت ‏: ‏أنت سمعته فوضع اصبعيه على أذنيه فقال : نعم ، والا ‏ ‏فاستكتا.‏

وهذا حديث المنزلة أيضا ضخم المصادر وقوي لا ينكر .

روى الذهبي في ترجمة سعيد بن جبير :

(( أخبرنا المسلم بن محمد ، وابن أبي عمر كتابة ، أن عمر بن محمد أخبرهم ، أنبأنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا محمد بن محمد ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا محمد بن شداد ، حدثنا نعيم ، حدثنا عبد الله بن حبيب ، عن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه "وآله" وسلم : " أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا ، وسبعين ألفا " ))

ثم قال مباشرة : (( ، هذا حديث نظيف الإسناد ، منكر اللفظ ، وعبد الله وثقه ابن معين ، وخرج له مسلم )) ((راجع سير أعلام النبلاء الذهبي» سعيد بن جبير ابن هشام )).

وهذه عادة لديه، (( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ( 83 ) )) ((سورة النحل))

وملاحظة مهمة ذكرها السيد علي الميلاني في كتاب مقالتان في الغدير :

(( بين «الغدير» و«الحوض»
وبعد فلقد كان يوم الغدير وحديثه آخر مراحل الإبلاغ والإعلام وهو في هذه المرّة لم يُكَنِّ .ولم يشبِّه بل ينصّ ويصرِّح .
لقد كان ما قاله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وافياً بالغرض، وإلاّ لما نزلت بعده آية إكمال الدين، بعد ما نزلت قبله آية التبليغ وأنّه (إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ).
وحينئذ تصل النوبة إلى التهديد والتحذير من مغبّة المخالفة والتبديل .
وما عساه يفعل "صلى الله عليه وآله" .
فقد أدّى ما عليه، لكنّه في أُخريات أيّامه وسوف لن يرى هذه الجموع بعد اليوم وهو يعلم بما سيكون في اُمّته .
وما عساه يفعل "صلى الله عليه وآله" .
لقد ذكّرهم بالموقف التالي والموطن الذي سيجتمع بهم حيث يَرِدُون عليه .

لقد ربط بين «الغدير» و«الحوض» في خطبته إذ قال لهم قبل أن يأخذ بيد عَليّ فيقول فيه ما قال:
«أيّها الناس، ألا تسمعون؟ قالوا: نعم. قال: فإنّي فرط على الحوض، وانتم واردون عَلَيَّ الحوض...».

والحوض يجب الايمان به، فقد روى حديثه خمسون نفساً من الصحابة(1)، وقد قال بعض الأكابر بكفر منكره .

نعم ذكّرهم بالحوض هنا ليذكّر بما أخبرهم به من قبل وقال لهم:
«أنا فرطكم على الحوض، وليرفعنّ رجال منكم، ثم ليتخلجنَّ دوني، فأقول: يا ربّ أصحابي. فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» وفي بعض الألفاظ قال: «فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيَّر بعدي»(2).

أقول: لابدَّ وأنّه لا يقصد خصوص الرجال من الأصحاب، بل يريد كلّ الأصحاب، من الرّجال والنساء ليشمل عائشة التي قيل لها:
«ندفنك مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟
فقالت: إنّي قد أحدثت أموراً بعده. فادفنوني مع أخواتي.
فدفنت بالبقيع»(3).

بل كلّ الّذين بدّلوا وغيّروا وما زالوا وإلى يوم الورود عليه على الحوض .
ربّنا آمنا بما أنزلت واتّبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين. وصلّى الله عليه وآله الطاهرين

(1) لقط اللآلي المتناثرة في الأحاديث المتواترة، للزبيدي: 251.
(2) الحديث في الصحيحين وغيرهما من الصحاح وغيرها. أنظر: البخاري، باب في الحوض 4 / 87 .
(3) المستدرك على الصحيحين 4 / 6 وصحّحه على شرطهما، المعارف: 134، وغيرهما. ))

وصرح السفاريني بتواتره وادعى ان المعتزلة لم تثبته : (( خالفت المعتزلة فلم تقل بإثبات الحوض مع ثبوته بالسنة الصحيحة الصريحة ، فكل من خالف في إثباته فهو مبتدع ، وأما ثبوته بالقرآن فاحتمال وليس بصريح ، وأما قوله تعالى ( إنا أعطيناك الكوثر ) ، ففيه اختلاف هل الحوض أو الخير الكثير أو النهر الذي في الجنة ، ولكن الحوض ثابت بالسنة المتواترة وظاهر الكتاب ، فمنكره زائغ عن الثواب مستحق للطرد والعذاب ، ويكفيه من الخزي والنكال أنه يذاد عنه ويطرد ، ويمنع من الشرب منه ويرد ، وقد أخرج أبو داود عن أبي طالوت قال : شهدت أبا برزة - رضي الله عنه - دخل على عبيد الله بن زياد فحدثني فلان - سماه مسلم - وكان في السماط ، فلما رآه قال : إن محمديكم هذا لدحداح ، ففهمها الشيخ ، فقال : ما كنت أحسب أني أبقى في قوم يعيروني بصحبة محمد - صلى الله عليه وسلم . وقال عبيد الله : إن صحبة محمد لكم زين غير شين .

ثم قال : إنما بعثت إليك لأسألك عن الحوض هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه "وآله وسلم - يذكر فيه شيئا ؟ قال أبو برزة - رضي الله عنه - لا مرة ، ولا مرتين ، ولا ثلاثا ، ولا أربعا ، ولا خمسا ، فمن كذب به فلا سقاه الله منه ، ثم خرج مغضبا )).

7- جاء عند مسلم : حدثنا أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى وابن بشار وألفاظهم متقاربة قالوا حدثنا معاذ وهو ابن هشام حدثني أبي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن ثوبان أن نبي الله صلى الله عليه "وآله" وسلم قال : (( إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم فسئل عن عرضه فقال من مقامي إلى عمان وسئل عن شرابه فقال أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل يغت فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق )) (( صحيح مسلم» كتاب الفضائل» باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه "وآله" وسلم وصفاته))

فلا أعلم وثاقة ثوبان، حيث في الحديث ذكر لأهل اليمن وثوبان هناك قول أنه يماني . لكن إذا فرضنا اقتصار الذود على أمير المؤمنين عليه السلام فنقول أنه جرى مجرى آية (( وانفسنا وانفسكم)) أو بأمره صلى الله عليه وآله، وإلا فلا تعارض . أو نقول أن هذه الرواية ورواية أبو هريرة تم تحريفهما إما من قبل الصحابي أو من تحته لكي يبعدوها عن أمير المؤمنين عليه السلام ويصوروننا وكأننا نريد أن نفضل الإمام عليه السلام على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وهذا ليس بعيد على النواصب والساسة الظلمة .

على أن هنالك احتمال أن تكون هذه واقعة مفصولة عن بقية ما تحدثت عنه الأحاديث السابقة، وإلا فإنها شاذة و معارضة بالروايات السابقة .

إضافة : وفي الإستذكار لابن عبد البر مما قال في حاشيته : (( قال البخاري : وحدثنا سعيد بن أبي مريم ، عن نافع بن عمر قال : حدثني ابن أبي مليكة ، عن أسماء بنت أبي بكر ( رضي الله عنهما ) ، قالت : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم ، وسيؤخذ ناس دوني فأقول : يا رب مني ومن أمتي ، فيقال : هل تعرف ما عملوا بعدك ، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم )) (( كتاب الاستذكار» كتاب الجهاد» باب الشهداء في سبيل الله )).

وصرح في آخر الحاشية : (( وقد ذكرنا أحاديث الحوض وهي متواترة ، وتقصيناها بألفاظها وطرقها في باب خبيب بن عبد الرحمن ، من كتاب " التمهيد " ، والحمد لله )).

ورواية البخاري تجدها في صحيحه في -كتاب الرقاق- باب في الحوض : (( حدثنا سعيد بن أبي مريم عن نافع بن عمر قال حدثني ابن أبي مليكة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قال النبي صلى الله عليه "وآله" وسلم إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ ناس دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي فيقال هل شعرت ما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم فكان ابن أبي مليكة يقول اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا أعقابكم تنكصون ترجعون على العقب ))

وتذكروا الآية في معركة أحد : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ( 144 ) )) من سورة آل عمران

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net