كيف نقرأ التأريخ الإسلامي ..؟ الجزء الثاني
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

نستطيع القول أن القرآن الكريم تضمّن أولى النصوص التأريخية التي سجّلت أهم أحداث الإسلام ودوّنت أهم وقائعه ، وذلك من خلال الآيات التي تحدّثت عن وقائع إسلامية تزامنت مع نزول الوحي ومجريات الدعوة الاسلامية وحتى قريب وفاة النبي الأكرم صلوات الله عليه ..
وعليه فإن نفس هذه النصوص القرآنية الخاصة بالتأريخ الإسلامي تعتبر أفضل معلّم لنا حول الكيفية التي نقرأ بها التاريخ الإسلامي ، كونها تشترك بالقواعد العامة لذكر التاريخ في القرآن الكريم ..
فالكتاب المجيد عندما يذكر التأريخ إنما يذكره لحكمة وضمن أهداف محددة وليس حشواً او نثراً أدبياً وما شاكل ذلك ، وهذه الحكمة والأهداف هي ما يريده الإسلام من قارىء التاريخ ويعلّمه كيف يتعاطى معه .
فمن هذه الأهداف لذكر التاريخ في القرآن الكريم مثلاً : تثبيت إيمان المسلم بمبدأه وترسيخ عقائده ، قال تعالى ( وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) ، ويعلّمنا القران أيضاً أننا ينبغي أن نقرأ التأريخ للتفكر ( فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) ، وأخذ العبرة ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) .
المصداقية من أسس التأريخ المنقول في القرآن الكريم ومن شروط الاستفادة منه ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْه ..ِ ) .
ومن أجمل عروض القرآن الكريم للتاريخ هو عرضه كقوانين ونواميس ومعادلات رياضية لا تختلف ولا تتخلف ، قال تعالى ( وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا * سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ) ، لاحظ كيف عرض التأريخ على شكل سنّة وقانون ، وخير من كتب في موضوع السنن التاريخية هو المفكر الكبير السيد محمد باقر الصدر عند عرضه لفكرة التفسير الموضوعي للقرآن الكريم .
إذن : أهداف وأغراض ذكر وعرض التأريخ في القرآن الكريم تعتبر بوصلات الإتجاه الخاصة بالقراءة الناجحة للتاريخ الإسلامي على القارىء أن يتحراها ويسير باتجاهها ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat