صفحة الكاتب : امجد المعمار

شعائرنا ... عقيدة وعبادة / ردا على مقال شعائرنا بين العادة والعبادة
امجد المعمار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام قضية استثنائية و كونية بل هي ربانية. فهي وفق قوانين الطبيعة و قوانين الكون استثنائية فعلى سبيل المثال الشيخ الطبراني ( و هو من أخواننا السنة ) لديه كتاب اسمه مقتل الحسين عليه السلام ، يذكر فيه أمور غريبة حدثت عند مقتل الحسين عليه السلام من قبيل أن السماء مطرت دماً ، و إنه لم يرفع حجر من بيت المقدس إلا ووجد تحته دم عبيط ، كذلك يذكر فريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين أمور كونية حدثت منها تغير السماء ، و ماء أحمر ظهر على الأرض ، و غيرها فلولا إنها قضية ربانية لما تغير الكون بذلك ، فقضية الإمام الحسين عليه السلام ، هي استثنائية عالمية بل كونية ربانية ، فهكذا أراد الله سبحانه و رسوله صلى الله عليه وآله وسلم و أهل بيته عليهم السلام أن تبتدء قضية الإمام الحسين عليه السلام ، و لا تنتهي فهي مشروع ثوري إصلاحي لا تتوقف إلى يوم القيامة.

إن الإنسان في المنظورة الفكرية الربانية و في شرائع السماء قاطبة ، هو خليفة الله في الكون فالله سبحانه و تعالى هو الخالق و هو الكمال المطلق ، فلقد كرم الإنسان و أعطى له صلاحية الكمال ، قال في الحديث القدسي :( عبدي أطعني تكن مِثْلي أو مَثَلي تقول للشيء كن فيكون ) فالإنسان باعتباره خليفة الله يجب أن يكون في قمة مكارم الأخلاق و في قمة السمو الروحاني و النفسي ، و كما قيل في الحديث الشريف:( تخلقوا بأخلاق الله ) فالله سبحانه وتعالى له الكمال المطلق فهو في قمة السمو وهذا يفوق تفكيرنا.
و الشريعة المقدسة وضعت مختلف الأساليب لتهذيب الإنسان و السير به نحو الكمال و من تلك الطرق طريقة القدوة فالإمام الحسين عليه السلام ، الذي بلغ مراتب سامية من الكمال أصبح قدوة لمن أراد السلوك إلى الله سبحانه و تعالى، و نجد ذلك واضحاَ في زيارات الإمام الحسين عليه السلام ، و التي تعتبر مدرسة سلوكية للإنسان فنجد عباراتها تجعل من الزائر متأثراً بالقدوة فعلى سبيل المثال يقول الزائر في الزيارات ( أشهد أنك طهر طاهر مطّهر من طهر طاهر مطّهر طُهرت وطهرت بك البلاد ) فهذه العبارات تجعل الزائر يشعر بأهمية الطهارة الروحية والمادية، كذلك نجد عبارة ( أشهد أنك أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ) فيشعر الزائر بأهمية الصلاة ووجوب الزكاة وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

إن طرق تنشيط الأمة كثيرة إلا أن أقربها إلى الشريعة المقدسة و إلى روح التشريع الإسلامي هو الطريق الأسرع و الأقرب إلى روح الأمة. فظاهرة المسير إلى الحسين عليه السلام و التي تتكرر كل عام بل في العام مرتين لهي من أقرب الطرق إلى تنشيط الأمة و عدم خمولها فهي طريق سلوك روحاني تربط الأمة بقيم الحسين عليه السلام ، الذي يمثل بدوره مجمل السلوك الربانية لذلك نجد كثير من الروايات التي حثت على استحباب المسير إلى الحسين عليه السلام ، فهناك من الروايات أعطت بكل خطوة ثواب حجة و عمرة ، فرغم أن زيارة الإمام الحسين عليه السلام مستحبة إلا أنها تحتاج إلى جهد نفسي عظيم لذلك أعطيت ذلك الثواب.

وما تناولته الكاتبة فاطمة نوري الحسيني في مقالتها الموسومة
شعائرنا بين العادة والعبادة في موقع كتابات في الميزان  
 

حيث تناولت في مقالتها امران الاول تعطيل الحياة العامة لمدة شهرين وتقصد بها شهري ( صفر ومحرم ) ، واين هو التعطيل لم افهمه اهو في دوائر الدوله  كلنا شيعه ونزور الحسين ولم نتذكر يوما اننا عطلنا شهرين ولم يسمع احد بذلك ... المسافه من البصرة التي هي ابعد نقطه شيعيه في الجنوب لاتتجاوز فترة المسير فيها 12 يوم .... فكيف اصبحت شهران والبعض يقطعها بتسعة ايام ...
فزيارة الامام الحسين عليه السلام  ثوابها عظيم فقد ورد في تفسير الإمام الحسن العسكري(عليه السلام): (علامات المؤمن خمس: التختم باليمين وصلوات إحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والتعفير للجبين وزيارة الأربعين) فربط الامام عليه السلام بين الزيارة والايمان بالله عز وجل . فزيارة الاربعين تجدد أحزان آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كانت أحزانهم ومظلومياتهم غير مختصة بهذين الشهرين لمصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) أبي الظيم خصوصية ولذا ترى المعصومين من النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الإمام القائم (عجل الله فرجه) عندما يتعرضون لمصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) يجعلون لها الحظ الأوفر وليس معنى هذا سهولة مصيبة باقي المعصومين (عليهم السلام) بل المقصود عظم مصيبة أبي عبد الله (عليه السلام) وقد عبّر عن ذلك الإمام الرضا (عليه السلام) حيث قال: (إن يوم عاشوراء اقرح جفوننا واذلّ عزيزنا وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء).
والحديث عن زيارة الأربعين ومدى أهميتها حديث واسع لذلك فأن التعطيل ( الذي ذكرته الاخت في مقالها ) لايستمر لاكثر من عدة ايام لو حسبناها بعدد الاصابع ( 8 ، 9 ، 10 ) من شهر محرم الحرام الا اذا لم تكن يومي التاسع والعاشر وتستمر الحياة الطبيعية لجميع اوصال المجتمع ولاينقطع الموظفون عن دوامهم  ، ولاتشل الحركة الا لبعض من يريد زيادة الثواب بالمسير ، فقد ورد في الحديث قال الإمام الباقر (ع) : (( لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسين عليه السلام من الفضل لماتوا شوقاً وتقطعت أنفسهم عليه حسرات )). وعن الصادق عليه السلام : (إن الرجل ليخرج إلى قبر الحسين عليه السلام فله إذا خرج من أهله بكل خطوة مغفرة من ذنوبه)  كما ورد ايضا في الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام قال: ( من أتى قبر الحسين عليه السلام عارفاً بحقّه كان كمن حجّ مائة حجّة مع رسول الله صلى الله عليه وآله )  وهنا ترى ان جميع العراقيين صغيرهم وكبيرهم يتركون المال والعيال لنيل هذا الثواب العظيم في زيارة الامام الحسين عليه السلام والتي هي مستحبة عند الشيعة وليست واجبة كما قد يتصورها من يتصور ،  وبقية الايام تقضى في مجالس الوعظ باقامة العزاء الحسيني يسبقها شرح لاحدى قيم البطولة والتضحية التي نتعلمها من ثورة الحسين مسبوقة  بشرح آية من آيات القرآن الكريم  ، وتستمر هذه المجالس الحسينية المسائية ( لا كما تصورت الاخت بانها تستمر منذ الصباح حتى المساء )  لنهاية زيارة الاربعينية لسيد شباب اهل الجنة عليه السلام ...  والحضور اختياري لها لم يلزم اي مرجع شيعي الشيعه بوجوب الحضور وهناك عدد كبير جدا يلازمون التلفزيون في بيوتهم ولم تحرم المرجعيه على احد عدم الحضور وان لا يستمع لاي محاضرة ....
فلا اعلم ماهو المقصود بالمبالغه والتهويل ...

اما مسالة الفعاليات او المهرجانات والاحتفالات التي تقيمها الشيعه في ذكرى عاشوراء وما يصاحبها فهي اعمال رمزيه متعارفه في كل الدول المتحضرة ولم نرها تؤثر على احد ومن الممكن متابعة احتفالات ومهرجانات الدول المتقدمه ونقارن نجدهم يحترمون شعائرهم ومراسيمهم ولم ينتقدهم احد على ذلك ... لما الكاتبه تراها عيبا على الشيعه وغير مسموح لهم ان يعبروا بالطريقه التي تعجبهم وهل تتصور اننا نسفك دماءا في التطبير ؟؟؟؟؟ مواكب التطبير محدوده جدا لدى الشيعه وما يسقط بها من قطرات دم من جبين المحتفلين جميعهم لاتملأ قارورة صغيره لاتنفع مريضا واحدا ... ويدخل هذا ضمن الحريه الشخصيه لا ولاية لاحد علينا بما نمارسه من فعاليات لانعتدي بها على الغير او نصادر حرياتهم ...
 

والامر الاخر الذي تناولته هو مواكب الطبخ واكرام الزوار
إن مواكب الطبخ و إكرام زوار الإمام الحسين ، تمثل قيمة إنسانية مطلوبة في المجتمع ، فإنها قيمة نبعت من ثورة الإمام الحسين عليه السلام ، و تأصلت وأصبحت من القيم العشائرية في المجتمع ، فهنالك الكثير من الروايات التي تحبب إطعام الطعام ، و إفشاء تلك القيمة في المجتمع ، حتى أصبحت عرف دارج لدى الشيعة خاصة و المسلمون عامة فنرى على سبيل المثال إن من لديه شخص ، قد مات فإنه يطعم الطعام ، و يرجو أن يبعث ثواب ذلك إلى روح الميت ، كذلك نجد إن المسلمين يزورون المقابر مستصحبين معهم مختلف من أنواع الطعام من فواكه و غيره ، و يوزعونها بغية تحصيل الثواب لميتهم ، وقد أكدت الروايات على استحباب ذلك حتى وإن كان المعطى له غني.
يذكر المحدث القمي في (الكنى و الألقاب) المجلد الثالث رجل اسمه عبد الله بن جدعان ، يسكن مكة و بعد هجرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كان الرسول صلى الله عليه وآله و سلم جالس مع مجموعة من الأصحاب ، و علموا بوفاة عبد الله بن جدعان فقال النبي صلى الله عليه و آله وسلم :( إن النار لا تمس جسد عبد الله بن جدعان ) قالوا: لماذا يا رسول الله؟ قال:( لأنه كان يحب إطعام الطعام ).
 

في نهاية مقالها اعطت الاخت بعض الامثلة على الدروس المستنبطة من تضحيات الحسين صلوات الله عليه وآله وسلم مذكرة بمقولة لغاندي ومقولة لماو تيس تونك حينما خاطب عرفات ( ولا نريد الدخول بالوصف الذي وصفته بانه المجاهد الشهيد كما ينادي اغلب من ينادي بصدام القائد المجاهد الشهيد ) فهما يحملان نفس الافكار مع اختلاف الاسماء ولابد هنا لنا بالتذكير بعظمة تضحية الحسين عليه السلام بعيدا عمن قال  فصناعة التاريخ لاتاتي الا من خلال تضحيات العظماء ، فالحسين لم يكن قربانا لفداء البشرية وفق المفاهيم الكنسية للمسيحية عبر محاولة تفسيرها لعملية الصلب المفترضة، والتي أنكرها النص القرآني، ولم تكن شهادة الحسين فكرة طوباوية، او مثالية مغرقة في مثاليتها حد التطرف، بل ان الحسين عليه السلام قد جسد عمق العلاقة بين الشريعة وحركة التاريخ من خلال تأكيد الترابط بين الانسان الفاعل والمحرك للتاريخ وبين الله كمصدر للتشريع، ليؤكد مرة اخرى مفهوما يؤشر ان حركة الامام  عليه السلام وسلوكه يمثل بعدا مستقبليا، ما يوضح القيمة الفعلية للامامة ككل باعتبارها مشروعا مستمرا لقيادة الامة على الخط الرسالي .


في الختام نقول للاخت
إننا نجد وعلى مر العصور أن أعداء الثورة الحسينية من الطواغيت ، يحاولون إطفاء تلك الثورة فكانوا يرغبون في عدم التأثر بالحسين عليه السلام ، لذا حاولوا مراراً و تكراراً منع زيارة الحسين بل و إلغائها ، حتى وصل الأمر إلى محاولة هدم و إلغاء قبر الحسين عليه السلام ، كما فعل المتوكل العباسي لعنه الله ، فلولا أنها تمثل معنى سياسي و هو رفض للطغاة و معنى ثوري و هو استنكار للظالمين لما منعوا الزيارة ، فزيارته عليه السلام تمثل مظهر من مظاهر التمرد ضد الظالمين و الأئمة عليهم السلام ، كانوا يحثون شيعتهم على زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، و التأثر بثورته و مبادئه رغم كل الظروف ، فقد روي إن رجلاً جاء إلى الإمام الصادق عليه السلام و قال له: إننا في مدينة نأتي إلى زيارة الحسين عليه السلام عبر البحر وفي بعض الأحيان يكون البحر هائج فهل نذهب إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام وبخاصة وإننا نخاف انقلاب السفينة ، قال لهم الإمام الصادق عليه السلام : " أخرجوا لزيارة جدي الحسين فإن انقلبت (أي السفينة) فإنما تنقلب في الجنة" .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

امجد المعمار

amjedalmemar@yahoo.com

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امجد المعمار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/07/20



كتابة تعليق لموضوع : شعائرنا ... عقيدة وعبادة / ردا على مقال شعائرنا بين العادة والعبادة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net