صفحة الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري

طول العمر. 
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 
ما أحكيه ليس مبالغة او من اختراع الخيال . بل هو نتيجة جولات وزيارات كنت أقوم بها لبعض  المعارف والأصدقاء. 
في أحد زياراتي لعائلة مسيحية صديقة دار نقاش بيني وبين صديقتي وكان زوجها يجلس مقابلنا، فسألتني : في رايك متى سيأتي يسوع ويخلصنا. فرأيت زوجها يضحك ساخرا من قولها، فقالت لي: اتركيه هذا علماني يميل للإلحاد.
 فقلت له قبل أن أجيب زوجتك، لماذا ضحكت. قال : وهل يُعقل أن يبقى يسوع اكثر من الفين عام حيا ولأجل ماذا؟ 
تعودت في لحظات السؤال الحرجي أن اجد الجواب. وقع نظري على جدار الصالة فكانت هناك صورة جميلة جدا لشجرة عملاقة تُعرف بإسم : (شجرة البوابات او شجرة الحياة). وهي شجرة أفريقية. فأشرت إلى الصورة وسألته: ما هذه الشجرة. فقال: هذا شجرة معمّرة يبلغ عمرها أكثر من ألفين عام. 
فقلت له: وما سبب بقائها ألفين عام من دون سائر الأشجار وما الفائدة من ذلك؟ فسكت ، سكوته كان حقيقي جدا لأنهُ لم يسأل نفسه عن سبب بقاء هذا الشجرة حيّة في أجواء إفريقيا الحارقة، حيث تقوم هذه الشجرة بخزن الماء في موسم الأمطار بكمية تستطيع العيش بها لسنوات وقدّر العلماء أن هذه الشجرة تستطيع العيش لخمسة آلاف عام. بقى صامتا ثم قال: قولي لنا عن سبب طول عمر هذه الشجرة. 
قلت له : لربما لا تفهم كلامي لأن الدليل الذي سوف اقدمه لك لا تؤمن به وهو الإنجيل. فقال : أنا اؤمن بالإنجيل. فقلت له: هل قرأت قول الإنجيل عن يسوع الذين يقول: (وكان يُكلّم الناس بأمثال كثيرة، ولم يكن يُكلمهم إلا بأمثال).() إنجيل متى 13 : 34. السؤال هنا: لماذا يعتمد يسوع في خطابه للناس لإيصال رسالته على الأمثال؟ فقال: لتقريب المراد إلى أفهام الناس. 
فقلت له : وهكذا يفعل الرب ، يُكلم الناس بأمثال كما يقول المسلمون في قرآنهم (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون).فالأمثال تحتاج إلى علم لفهمها ، وأما الذين يتكلمون وليس لهم علم فسيبقون يدورون في متاهة ويطرحون الاسئلة ولا يبحثون عن اجوبة لها. وما موجود في الطبيعة هو نموذج يتكرر فينا نحن البشر ، ألا تؤمن معي بأن أغلب لا بل أكثر اختراعات الأنسان هي من وحي الطبيعة التي حوله؟ قال نعم. قلت له ألم يبحث الإنسان في أسباب طول أعمار بعض الطيور والحيوانات والأشجار. قال نعم : قلت له لماذا يبحث في ذلك؟ سكت. قلت له : الإنسان منذ أن خُلق يبحث عن الخلود أو على الأقل لإطالة عمره وهذا شعور غريزي خفي يحمله كل إنسان لكي يدفع عن نفسه الأخطار وما اكتشاف الأدوية واللقاحات إلا دليل على سعي الإنسان لإطالة عمره. وأما في الإنسان نفسه فقد يوحي لك اختلاف الأعمار بين الناس بأن العمر ليس محدد أو ثابت بل هو حالة متغيرة تختلف من شخص لآخر. فالرب ضرب لنا مثلا بطول عمر بعض الأنبياء والصلحاء، وكذلك في الطبيعة طول عمر السلحفاة التي يبلغ مئات السنين. وكذلك بعض الصقور والنسور والعقبان. وكذلك بعض الأشجار ومنها شجرتك ، وبعض مخلوقات البحار لازال يعيش منذ آلاف السنين ، وهذا كله رسائل وأمثلة للناس لكي تتفكر في حالة إبقاء البعض أحياء سنين متمادية مثل : الخضر بن ارفخشد، وإيليا ، و الياس ،وحزقيال، ويسوع وحوارييه كلهم بقوا أحياء إلى يوم المجيء . وأما المسلمون فعندهم الدجال والمهدي كطرفي معادلة في اليوم الأخير. ولم تكن المسيحية والإسلام وحدهم من ذكروا طول الأعمار بل غيرهم خذ مثلا الهندوس في الأوبانيشاد من كتابهم المقدس الفيدا. فهم يرون بقاء فشنو وشيفا أحياء لتدبير العالم. وأما في البوذية فإن النرفانا، تؤمن بخلود نبيها غوتاما سيدهارثا يوذا. وهكذا الديانات والمعتقدات الأخرى. وهذا يُمثّل إجماعا بشريا دينيا لا بل نرى آثاره حتى في الطبيعة ومنها هذه الشجرة المعلقة على جداركم . وكل هذا يقدم لنا صورة واضحة على أن طول العمر حقيقة ثابتة لا جدال فيها إلا عند بعض أنصاف المثقفين. 
أشو زوج صديقتي زعل. لربما فهم من كلامي اني أصفه بنصف مثقف.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/14



كتابة تعليق لموضوع : طول العمر. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net