الإعلام العراقي من سلطة رادعة الى سلطة تابعة
واثق الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
واثق الجابري

الإنسان كائن متعلم باحث عن الحقائق، يحاول الإهتمام بالمظاهر ومراقبة الظواهر، يعبر عن رغباته بأفعال وحركات ورسائل يتدل على منتوجه الفكري وأهدافه المستقبلية، بوسائل إستطاعت مع تقدم التكنلوجيا قلب الموازين؛ حتى صار الإعلام ركيزة في بناء الدولة وأحد مقومات سيادتها، وتُولي الدول في السابق الحراسات المشددة على قنوات التلفزة والإذاعات الحكومية، كون الإنقلابات تبدأ من السيطرة عليها.
الإعلام أداة فاعلة في ترسيخ الثوابت الوطنية، وتعريف المواطنين بتاريخهم وسياسة الدولة، ومن أشد الأخطار كونه مرأة بوجهين: أبيض للناظرين وأسود في الكواليس.
لم تعد الدول تستخدم السلاح، بوجود الأكثر خطورة وأقل تكاليف، وللإعلام الحربي فرع متخصص في بناء الأمن والتخطيط الإستراتيجي، وتحريك الجمهور للتفاعل مع التحديات والتهديدات، ومواجهة المشاكل في رسائله الموجهة المجابهة للغزو الفكري، والتصدي للدعايات المضادة والحرب النفسية.
الوسائل المتطورة والإتصالات، راصد حقيقي لمنظار المجتمع للواقع، وتأثير القضايا في الرأي العام وصاحب الكلمة الأولى في حديث المجتمع، تحت تأثير ثورة إعلامية تكنلوجية لا تتوقف، تسبح في سمائه الأقمار الصناعية، وتدخل قنوات الفضاء غرف النوم، وتناقل مواقع التواصل الإجتماعي ملايين الصور في لحظات من أقصى المعمورة، في قرية الكترونية يحملها الطفل الصغير في جيبه، وجزء من حياة الناس إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً، ومشاركة الشعوب تتم بمساعدة الإعلام.
الإنتفتاح المفاجيء على العالم والتعددية الحزبية في العراق، أحد اسباب الرئيسية في تعدد الوسائل والمصادر والأهداف، مقابل تبويب الإعلام الحكومي في الفترة السابقة لصالح السلطة على حساب الدولة، وصار الإعلاميون يتنقلون بين القنوات والصحف، وأنسلخ بعضهم عن المهنية لمواجهة التكاليف الإقتصادية الباهضة التي يتحملوها للبحث عن الحقيقة، حتى طوع منهم للإرتزاق والتبعية وسلطة رادعة لا رابعة تتابع وتقوم وتؤشر مكامن الخلل.
وسائل الإعلام المدعومة من التطرف، عملت بشكل مهني أكثر، وأستخدمت إمكانيات متقدمة في الترويج لأهدافها، وقدمت الأموال الكبيرة للإستعانة بالخبرات العالمية في صناعة الأخبار والإشاعات، بينما بقي الإعلام المحلي يراوح في مكانه في موقع الدفاع والتداول المحلي فقط، وسيطر الفساد والمحسوبيات على المواقع المهة، وإنحسر النشر في مواقع التواصل الإجتماعي والمجموعات، التي تستقطب الأشخاص المناغمين لأفكارها، بينما كان تويتر وغيره يسيطير عليه الإرهابيون، ويعلنون رسالتهم الإجرامية الى العالم، ونحن نتقابل بيننا ونندب حظنا؟! ومع فقدان المصداقية في تناول الأحداث من الإعلام الحكومي، صار الإعلام المضاد هو المؤثر، يتابع الناس قنواته الفضائية لمعرفة الحقائق، وسلبية أخرى قيام الإعلام المحلي بنشر المذابح والترويج للإرهاب دون علم، وإنشغال الجهات الحزبية بالترويج لأحزابها بلا منهاج أو قاعدة موحدة، ولا تزال المؤوسسة الحكومة تقابل الصورة بالتصريح؟! و المفروض أن تكون الكاميرا مع الجندي في ساحة المعركة.
نجاح الإعلام الحكومي مكفول بالإستقلالية والحيادية، على أن يكون شريكاً لا تابعاً، مرعي من مؤوسة أو مدينة إعلامية مهنية تجتذب الطاقات وتنمي القدرات، لها القدرة على المحافظة على كرامة مشاركيها.
جزء كبير من السقطات السياسية، أسبابها إعلامية؛ هيمنة الجهات السياسية على وسائل الإعلام، وإنشغال القادة بالتصريحات والإلتفاف على المواطن، أكثر من بحثهم عن المصداقية والمصارحة، بعضهم يشتري الإعلام وأخر يُشترى، حتى سيطر الإنقلابيون والمتطرفون، وصارت أصابعهم هي من تحرك الأدوات الإعلامية، بل أشد من ذلك تهيأ أرضية للإندفاعات الخاطئة للتصريح بالمعلومة الإستخبارية أو الترويج للإرهاب، ويعتقدون أنهم يحسنون صنعا؟!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat