احذروا الأقدام الغربية أن تدوس عليكم
صالح الطائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صالح الطائي

بين فينة وأخرى أنظر إلى الصورة القبيحة أمامي فأجد أنها صورة قاسية جدا، تؤلم القلب، توجع بشدة، تبعث على التأسف الشديد، وهي مكملة لفلم فتنة، والصور المسيئة للرسول، وإلقاء نسخ من القرآن في زريبة خنازير، والحرب الإعلامية الشعواء التي تُشن ضد الإسلام والمسلمين، وفي داخلي الذي ينظر إلى ما وراء الصورة، أشعر برعشة غريبة تقشعر منها كل خلايا جسمي وأنا أرى تلك الأقدام تسحق كواهل المسلمين برضاهم.
السؤال المحير:
لماذا لم نكن نرى مثل هذه الصور قبل سنين؟
ما الدافع الذي يقف وراء مرتكبي هذه الجرائم؟
ما يقصدون بهذا العمل المشين؟
من المستهدف، وما النتيجة؟
وهل يعقل بصفتنا مسلمين أننا نتحمل الجزء الأكبر من هذه الجريمة؟
وجوابا على تلك الأسئلة، أعتقد أن جميع العقلاء يتفقون بأن الحركات الإسلامية المتطرفة منذ ولادة المذهب السلفي الوهابي ولغاية ولادة (داعش) كانت صنيعة القوى العظمى بريطانيا وأمريكا، وبمساعدة فرنسا وبعض الدول الأوربية الأخرى. وأن هذه القوى هي التي وضعت قواعد عمل هذه التنظيمات، ودربتها، وأمدتها بالمال والسلاح، والدعم اللوجستي والإعلامي، وأوعزت إلى أذنابها في المنطقة لكي يدعمونها ويتبنونها، وردا للجميل، تحركت هذه التنظيمات بكل الاتجاهات؛ باستثناء أربابها وأسيادها، فبوصلتها أشرت إلى تونس واليمن وليبيا ومصر وسوريا، وقبلهن جميعا كان العراق وكانت أفغانستان، والصومال ونيجيريا ووسط أفريقيا وجمهورية البوسنة، بل أشرت إلى حيث يتواجد الإسلام في العالم باستثناء المناطق التي يتكاثر فيها الفكر الوهابي.
ووفق هذا التحديد لم يُمس لإسرائيل أو أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا ذيل؛ باستثناء تلك العمليات المحدودة جدا مثل هجمات الحادي عشر من أيلول في أمريكا، وهجمات قطار الأنفاق في بريطانيا، وهي عمليات نسبت إلى التنظيمات المتطرفة وثبت من خلال التحقيق أن أطرافا من نفس تلك البلدان، ومن مؤسساتها الحكومية الرسمية اشتركت في التخطيط والتنفيذ، وأخذت على عاتقها تنفيذ الجزء الأكبر من المهمة على أن تتحمل (القاعدة) الضجيج الإعلامي فقط لتبرئة جهات من تهمة الإرهاب، وزرع (الإسلامفوبيا) لدى شعوب تلك المناطق، والثمن مدفوع سلفا.
اليوم بعد الذي حدث في أفغانستان وسوريا والعراق من حرق وذبح وسبي واستهانة بالإنسان إلى حد السفالة والحقارة، وبعد أن تم توثيق كل تلك العمليات الإجرامية الإرهابية وعرضها في المحطات التلفزيونية واليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، فضلا عن بيع وشراء النساء واستعباد الأطفال وتهجير المسيحيين واستباحة دماء أتباع الأديان الأخرى علنا، ماذا نتوقع أن يحدث؟ ما نتيجة كل هذه الأعمال؟ ما حدود نتائج هذه الأعمال، هل تقف في حدود جغرافيتنا الإسلامية أم تتعداها إلى العالم كله؟
اعتقد ـ وهذا رأي شخصي ـ أن جزء كبيرا من وراء صنع التنظيمات الإرهابية كان يريد الإيحاء إلى شعوب العالم الغربي وإسرائيل أنهم يتعاملون مع أناس في منتهى التوحش والانحطاط، وان المبادرة في إبادتهم قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى حدود تلك الدول هي العلاج الأوحد للحفاظ على الأمن والاستقرار والتقدم من جهة، واستمرارية تدفق البترول شريان حياتهم من جهة أخرى. وخير طريقة هي الحرب غير المباشرة، أو الحرب بالنيابة، بأن تأخذ القاعدة والسلفية والوهابية وداعش وجبهة النصرة وباقي العملاء على عاتقها تنفيذ عمليات عسكرية في البلاد الإسلامية، لا تنتهي بتفجيرات يومية في المدن العراقية الجنوبية، ولا بقتل 2701 عراقي في سبايكر وبادوش، أو بقتل 500 عراقي من ألبو نمر، أو بقتل جميع الرجال الإيزيديين العراقيين الذين وقعوا تحت أيديهم، أو غالب الرجال العراقيين من أتباع الديانة المسيحية، ولا تنتهي بقتل مئات الألوف من الشعب السوري الشقيق، وعشرات الآلاف من الشعبين الليبي واليمني الشقيقين. على أن تقوم القوى العظمى من جانبها بدعم التنظيمات الإرهابية ماليا وعسكريا وبشكل متواصل، وتقوم القنوات الفضائية العميلة بالتغطية على انتصارات الدول ونشر أخبارا مموهة عن الانتصارات الوهمية التي تحققها التنظيمات. أما ما حدث في استراليا قبل أيام وما حدث بعده في بلجيكا من احتجاز للرهائن الأبرياء والتسبب بمقتل بعض الناس فهي ذر للرماد في العيون أكثر منها عمليات إستراتيجية. وأنا أعتقد أن ما حدث هو جزء من المشروع الكبير.
في مثل هذه الفوضى وهذا الضجيج، لابد وأن تكون هناك ردود فعل على المستويين الفردي والجمعي، في الداخل والخارج، أما ردود الأفعال على المستوى الفردي فتمثلها حالات الارتداد عن الإسلام الكثيرة التي صرنا نسمع أخبارها بشكل يكاد يكون يوميا وفي أغلب البلدان الإسلامية ومن الجنسين الرجال والنساء، أو حالات الاعتقاد بالعلمانية واللادينية والكفر بالأديان، وفي أضعف حالاتها ترك أداء العبادات مثل الصلاة والصوم وغيرها من الطقوس والشعائر.
وأما على المستوى الجمعي، فتتمثل بشقين، الأول: تلك الأعمال الإجرامية الكبيرة التي قامت بها بعض العشائر والمناطق والفئات بحق فئات أخرى تختلف معها عقديا، دون النظر إلى رأي الدين في تلك الأعمال، بل ودون التحرج من فعل أسوأ القبائح مثل الاغتصاب الجنسي أو بيع وشراء النساء، أو قتل الأطفال بما فيهم الرضع، أو حرق الأشخاص وهم أحياء. الثاني ظهور تيار غربي معارض للإسلام كله لا يكتفي بالمعارضة السلمية فحسب وإنما يحاول إغاظة المسلمين بالتطاول على أكبر وأقدس مقدساتهم ورموزهم.
ولذا لا أستغرب رؤية هذه الصورة ورؤية الأقدام وهي تدوس كلام الله، بل استغرب انهم لم ينفذوا بقية مشروعهم التخريبي المتمثل بإبادة جميع المسلمين حتى هذا التاريخ.
وبناء عليه أرى أن شعوبنا العربية والإسلامية تلعب بنار غدارة لا يمكن السيطرة عليها إلا بالعقل والدين، وهي إذا لم تستخدم العقل والدين في إطفاء هذه النار المستعرة، فإنها ستجد عن قريب أقداما غربية لنساء ورجال، تدوس على كواهلها
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat