أي سؤال جديد عن الأنثى في 8 مارس
ادريس هاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لماذا يشكو الرجل من قسوة المرأة بينما المرأة ظلت عبر التاريخ صناعة ذكورية..هو صراع بين مذهبين ذكوريين لم تستطع المرأة حتى اليوم أن تبني لها مشروعا خاصّا..هناك من يدعوا للسبي وثمة من يدعو للتسيّب، وكلاهما مذهبان ذكوريان..ويتفق أن تختار المرأة هذا المذهب أو ذاك فتنشأ معركة الذكورة باعتبار أنها معركة بين وجهتي نظر ذكوريتين..ظلت المرأة موضوعا لصراع الذكورة مع بعضها..وهناك بنت ترسانتها ونسجت كل مخاتلاتها..في مسرحية طيكوك وأنا توّا عائد منها لعبد الحق الزروالي يتصوّر حفّار القبور حالة جثمان أتوا به له رأسان..حالة جسدين ملتسقين..لكنهما معا أحبّا امرأة واحدة..كان لا بدّ أن يفكّر أحدهما في قتل آخره..أعتقد أنّه توصيف صحيح..تاريخ الأنثى هو تاريخ فتنة، هذا صحيح..تاريخ صراع ذكوري كان دور المرأة فيه هو الترجيح بين آراء الذكورة وتدبير العلاقة..للمرأة أحلامها الخاصة يستحيل أن يبلغها ذكر..وربما الشعراء أدركوا بعضا من ذلك فقرؤوا مخيلة الأنثى وأرسلوا أكاذيبهم للغواية..يتبعهم الغاوون لأنهم بالكلمات يخفّفون من تاريخ العبث بالأنثى حدّ الوأد..كانت فكرة الجمال الأنوثي فكرة ذكورية..لم يخضع الذكور يوما لقهم أنوثي خاص للجمال..ومن هذه الفكرة الغارقة في التّشيّؤ انبثق كليشيه المرأة الخالدة والمتولّدة باستمرار في مخيال رجل ورث صورة الأنثى بالغريزة..فشلت الثقافة في أن تحرر الرجل من صورة جمالية مزيفة عن المرأة يقدحها في الغالب الليبدو..لأنه عجز غبر التاريخ أن ينظر إلى الهولوغرام الأنوثي خارج التجزيئ الفيتيشي لأنثى ممزقة في خيال تاريخي كانت المرأة رهينة فيه لثقافة ذكورية ولا زالت..تحرير المنظور الجمالي التقليدي للمرأة يتطلب ثورة تاريخية على المرأة والرجل معا..هناك تواطؤ تاريخي بينهما.. ماذا يا ترى يعني عيد عالمي للمرأة، بينما لا زالت المرأة نفسها لا تفتأ تذكّر بأنّها أنثى حتى في المساحات التي يجب أن تمحق فيه الجنوسة ويتجلّى المشترك الجوهري: الإنسان..سيستمر اللّغط التاريخي الذي هو بالمناسبة من اختراع الرجل..لغط مفاده وجوب وضع حدّ لسبات الذكورة..لكن ماذا عن سبات الأنوثة؟ ماذا عن سياسة التأنيث الخاطئ والمشاغب بينما الأمر يتعلق بانحطاط جوهري للكائن ذي الجوهر الإنساني أوّلا..لما لا تحاصر إشكالية الأنثى في دائرة الأنسنة ونظرة الإنسان إلى كينونته خارج أعراض الجنوسة..لم نهرّب السؤال من الأنطولوجي إلى السوسيولوجي الذي استنزف تاريخا من الأنين وانسداد الآفاق..ماذا تريد المرأة من الرجل وماذا يريد الرجل من المرأة؟ لا أعتقد أن اليوم العالمي للمرأة سيحسم في هذا السؤال..غير أنّ الثرثرة الجنوسية ستلوذ بالسوسيولوجيا مرة أخرى لتغرق في مأزق لا ينحل أساسا سوى بتفعيل السؤال الأنطولوجي لذات يجمعها الوجود ويفرق بينها الاجتماع..ستظلّ الأنثى معاندة قدر عناد الذكورة..ذلك لأنّ حوققة المسألة النسائية خارج إلحاحية فلسفتها سيجعل مسيرة الاستنزاف أطول...المرأة أبعد مدى من كل الفلكلور الممسرح..متى احتاجت الأنثى عبر العصور لعيد عالمي وقد احتوت العالم كلّه بألف ليلة وليلة من مكر شهرزاد...هذه الأخيرة هي مثال المرأة الحرة التي أبدعها أو نقلها على الأقل ابن المقفع...
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
ادريس هاني

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat