الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : محمد عبد الله

قصة المحامية لهيب التي اعتدى عليها عُدي صدام وباتت مجنونة تجوب شوارع حي الغدير
محمد عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لنتعرف أولا بكامل حنا ججو الذي كان أحد حراس صدام حسين الشخصيين , ومتذوق الطعام الخاص به، وهو الذي عرَّفَ صدام بسميرة الشاهبندر التي أصبحت الزوجة الثانية لصدام .
اعتبر عُدي ذلك إهانة لأمه ساجدة، ففي عام 1988 قتل عُدي كامل حنا.
بعدما قام عُدي بقتل كامل حنا، طلب صدام من المحامية القديرة لهيب كشمش نعمان بالمرافعة ضد ابنه عُدي أثناء محاكمته بتهمة القتل هذه، إلا أن المحامية لهيب رفضت وترجت من صدام أن يعفيها من هذه المهمة، فكرر صدام طلبه ثم أمرها وأجبرها.
هناك من يدعي بأن صدام كان لا يؤذي إلا أولئك الذين يتدخلون بالسياسة أو يتكلمون ضده أو يخالفوه، والمحامية لهيب لن تتدخل بالسياسة أو تتكلم ضده أو تخالفه.
 
وجاء يوم محاكمة عُدي ووقفت لهيب ضد عُدي أثناء المرافعة وتسببت في إدانته بجريمة قتل كامل حنا، وبعد المحاكمة أدار صدام ظهره لها واستلمها عُدي ليعاقبها على فعلتها، فاعتدى عليها وعذبها بطرق لا يمكن ذكرها ورماها في المجاري المائية وبالتالي حقنها بإبرة في رأسها أدت إلى فقدان عقلها وأصبحت مجنونة تماما.
 
كانت تتمشى في شوارع مدينة الغدير في بغداد، هيئتها يرثى لها وترجع في الليل لنفس بيتها الذي امتلكته قبلما تجن لتنام مع قططها. يروي جيرانها بمدينة الغدير بأن عُدي لم يرمِها لأسوده لأنه أراد لها الإهانة المستمرة التي هي أسوأ من الموت، وأيضا أرادها أن تبقى لتُذكِر الآخرين بقسوته لتكون عبرة لهم.
 
حين زرتُ بغداد عام 2004 سكنت قرب مدينة الغدير وراقبت لهيب عن كثب. وصف أهل المنطقة المحامية لهيب قبل الجنون بأنها كانت شابة جميلة ومثقفة وأنيقة للغاية، ويعرفها جيدا العاملون بأرقى صالون شَعَر في الغدير ويروون بأنها كانت زبونة مستمرة تتردد على الصالون لصف شعرها عدة مرات في الأسبوع، وكانت لهيب بعد الجنون تتردد على نفس الصالون لتضع يديها على شباك الصالون وتحركهما بطريقة تفقدية كأنها تبحث عن شيء قد فقدته في هذا المكان. وبقيت مهووسة بالأناقة وتزين نفسها رغم فقدان قدرتها على التفكير المتوازن، فكانت مثلا تضع حُمرة الشفاه على جبينها وفوق عينيها وتصّر على لبس جواريب نايلون طويلة «كولون» ثم تلبس فوق الجوارب شورتز قصير ممزق الأطراف وفي شعرها حبّاسات وورود.
 
طلبتُ من العاملين بالصالون أن يغسلوا لها شعرها ويصفوه لكنهم رفضوا وقالوا أن لا جدوى من ذلك لأننا قد قمنا بذلك عدة مرات في الماضي وهي تعبث بشعرها ووجهها من جديد، وأضافوا بأنها أكثر من مرة قد وعت وكادت أن تشفى لكن الجنون عاد ليخيم عليها من جديد بسبب ظروفها القاسية، ولم يصغ إليها أحدٌ قبل 2003 خوفا من أن تروي لهم قصتها ويعدمهم عُدي-وكان بعض الخيِّريين يسلموها الطعام دون نطق كلمة معها.
 
شاهدتُ لهيب تتمشى وبيدها قطف سيكارة وتقضي طوال النهار في عمل واحد مضني وهو شحذ السكائر من أي كان. راقبتها طويلا ولعدة أيام وحين حاولت الكلام معها برقة، أكفهر وجهها وأنهرتني وقالت «أدبسز عيب قلة أدب، يله» فابتعدتُ عنها. وفي يوم آخر رأيتها تشحذ سكائر من بائع السكائر فطلبتُ منه أن يعطيها كارتون سكائر كاملا «كلوص» فأدارت ظهرها إلي بكل أدب ورقة وخجل وقالت وهي تضع يدها على فمها وبلهجة مسيحيي أهل بغداد «ميغسي، وِلي، ميغسي، أشكغكي»  وقلت لها بالكلدانية «لهيب دِخيوَت عززتي» وأحسستُ بأنها في عالم آخر لا تراني شخصيا بل ترى أناساً مُحسِنين من ماضيها تذكرتهم حين قدمتُ لها حسنة فقالت «رَنْدِه» وبدت عاقلة في تلك اللحظات ولهذا استنتجت بأن الأمل في شفائها لم يكن مستحيلاً وربما هي بحاجة للمزيد ممن يحسن إليها كي تشفى. إن ما قام به صدام وابنه ضد لهيب هو مثال واحد لما صنعه هؤلاء المجرمون ضد المسيحيين وضد العراقيين كلهم. تُرى كم لهيب موجود بمقابر صدام الجماعية؟
 
أخذتُ تكسي وذهبت إلى نقابة المحامين بمنطقة ذاك الصوب في بغداد لأطلب منهم إيجاد حل للمحامية لهيب، وقابلني عدد من المحامين-ثلاثة منهم نطقوا كلامهم بطريقة لم افهمها بسهولة «لغلغه» وبدا عليّ الحرج، ففتح أحدهم فمه ليريني لسانه الذي قد قطعه صدام وألسن عدد آخر من المحامين الذين أثاروا مسألة حقوق الإنسان. ولم تُجدِ رحلتي لنقابة المحامين وقالوا حينها بأن إمكانياتهم محدودة. وقال أحد المحامين المسيحيين هناك بأن صدام كان يحب المسيحيين فقط كخدم مأمورين ليس إلا، ولم يكن كامل حنا أو لهيب الخادمان المأموران الوحيدان له، حتى طارق عزيز كان خادما مأمورا. ولم اتفق معه عن ما قاله عن طارق عزيز لأن عزيز تسلق على أكتاف الآخرين لأجل الصعود ثم الوصول إلى المناصب، وباع عزيز قوميته حين انظم بنفسه لحزب البعث العربي، ثم باع دينه حين أسلمَ، ثم باع وطنه العراق حين استمر في خدمة عصابة صدام.
 
يُقال أن للمحامية لهيب عشرة أخوة وأخوات في أمريكا لا يتصلون بها وأختين في العراق بدون زواج خاف الناس من الاقتران بهما. كان يجب أن لا تقضي لهيب بقية عمرها مُهانة في شوارع بغداد، خاصة بعد زوال عصابة المُجرمَين صدام وابنه. بقيت المحامية القديرة لهيب كشمش نعمان مُهملة إلى أن وافاها الأجل قبل عامين.
 
الباحثة اللغوية
كاميليا صادق 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/10


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • من القتيل في الدجيل ..؟  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : قصة المحامية لهيب التي اعتدى عليها عُدي صدام وباتت مجنونة تجوب شوارع حي الغدير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
ط·آ£ط·آ¯ط·آ®ط¸â€‍ ط¸ئ’ط¸ث†ط·آ¯ ط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط·آ­ط¸â€ڑط¸â€ڑ : 4 + 5 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net