صفحة الكاتب : كاظم عبدالله

الحكومة الدينية بين النظرية والتطبيق
كاظم عبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الدين بوصفه نُظمَاً فكرياً متناسقاً يعطي تفسيراً شمولياً للكون والحياة والوجود في بعده النظري، وينشأ عن هذا النُظم أبعاد أيديولوجية تحدد للإنسان ماينبغي فعله في معتركات العمل المختلفة، في كثير من حقول المعرفة، كالمجتمع، والإقتصاد والسياسة، وغير ذلك....، ينبأ في نصوصه الدينية انباءً واضحاً أن له المكنة و الإقتدار على تقديم نظامٍ حكومي متكامل على أسس دينية، يضمن للإنسان نيله لكماله اللائق وسعادته المنشودة، وهذا ما نروم وصفه ب(الحكومة الدينية). ويعد هذا الإنباء مسلّمة أولية، ومقدمة يقينية، عند جميع معتنقي الديانات بوجه عام والإسلام بوجه خاص، لكونه ديناً يدّعي لنفسه الخلود والشمولية.

ولكن الذي نريد بحثه وتنقيبه، هو مدى ملائمة ذلك التأصيل النظري للحكومة الدينية مع تجاذبات الواقع الشرقي المعاصر، كون الشرق البقعة الجغرافية الأكثر خصوبة لإمتداد نفوذ الدين الإسلامي العقدية، ومايواجه ذلك من تحديات وإشكالات منهجية.

فنقول: أننا بالإمكان حصر الأسباب التي تؤدي الى إضفاء المشروعية على حكومة من الحكومات بسببين رئيسين: فإما أن تكون تلك الحكومة منتخبة من عامة الشعب، باختيارهم ورضاهم، وهذا انسياق واضح مع أسس الديمقراطية. أو تتأتى مشروعية تلك الحكومة من سلطة أعلى تمتلك حق التنصيص والتنصيب بالأصالة كالإله أو من ينوب عنه، وهذا بالضبط ماتريد الأديان إعلانه والسعي الى تطبيقه.

ولكن هذا التطبيق يواجه عقبة كؤود، ليس بالسهل إغفالها أو تجاوزها، وهي أننا نواجه كماً كبيراً، وأكداساً من القراءات الإجتهادية للنص الديني، في تحديد معالم الحكومة الدينية، تصل في غالب الأحيان الى حد التناقض أو التعارض بين أتباع الديانة الواحدة وحتى بين أبناء المدرسة والمذهب الواحد.

مع أننا كذلك لا نملك معاييراً أو ضمانات، تضمن لنا واقعية تلك القراءات، ناهيك عن الإجماع عليها. وهذا لا يعني -كما أسلفنا- ثغرة معرفية أو فراغاً تنظيرياً في متن النص الديني، بقدر ما هو فراغ في فهم ذلك النص، وحالة من عدم الوئام بين النص وقارئه.
ولاننسى أيضاً أن نضع بالحسبان ما سنواجهه في التطبيق من تصادم بين أبناء الأمة الواحدة، وما ينجم عن ذلك الوضع من قتل وإقتتال وإفساد للحرث والنسل، كما شاهدنا ذلك جلياً، وما عشناه من مضاعفات تطبيق نظرية الخلافة المشؤومة في واقعنا الإسلامي المعاصر، وما يؤول ذلك إلى إثقال كاهل الأمة وإضعافها. 

وفي الخاتمة أقول: أن هذه ليست دعوى للعلمانية كنظرية بديلة للحكومة الدينية، بقدر ما هي موقف عملي لا يمكن تجاوزه، وخطة وقائية تحفظ للأمة وحدتها، وللدين مكانته في نفوس أتباعه . وكذلك هذا لايعني البتة، إقصاء الدين مطلقا عن الواقع السياسي، بل بالإمكان تحكيم قوانينه العامة، وأحكامه الكلية، التي هي محل اجماع وإتفاق بما يجتمع مع تسيير المجتمع الى مايكون مدعاة للتشارك والسلام.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم عبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/09



كتابة تعليق لموضوع : الحكومة الدينية بين النظرية والتطبيق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net