صفحة الكاتب : حسن كاظم الفتال

آفة نخرت جسد واقعنا.. كافحوها  
حسن كاظم الفتال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لعلنا لا نقترب من الإفتراء أو نكون ممن يطلق الحكم بقسوة ولم نكُ من المغالين حين نصرح أن ظاهرة الإزدوادجية  تلبست معظمنا بل تسربت إلى الذوات وربما أن ثمة شريحةً من شرائح المجتمع جُبِلت على أن تمتزج بالإزدواجية امتزاج الملح بالماء وتكون جزءا من تركيبتها الشخصية فتقمصتها .

وكلما توسعت مساحة الإزدواجية في النفس كلما أزاحت معالم المصداقية فيناقض باطننا ظاهرنا وعلننا سرنا ولا تشبه أفعالُنا ما نزعم وندعي .

وليس الحديث عن الإزدواجية بيسير إنما هو أشبه بعرض  طلاسم أو ألغاز يتعذر على كثير منا فك رموزها فضلا عن مقتضى الجرأة والصراحة .

اتساع مدى هذه الظاهرة وامتزاجها بالطبائع أدى إلى أن تنتج ظواهر عديدة أخرى أوشكت أن تنخر هيكلية كينونة المجتمع . ويعدها قسم منا بأنها غير مألوفة أو دخيلة على مجتمعنا والقسم الآخر يحسبها جزءاً لا يتجزأ من مكونات مفردات طبائع أو سمات أو سجايا المجتمع وشغلت مساحة واسعة في مجريات أو منهجية أو طبيعة بعض المجتمعات  .

وحين تكون الولادة نتيجةَ كل مخاض فلابد لهذه الولادة عسيرة كانت أو ميسرة أن تمثل أو تبرز نتيجة معينة .

ويبدو أن تراكم انثيال التجاذبات أو الصراعات النفسية وتراكماتها لها مدخلية فاعلة في صناعة أو إيجاد حالة أو ظاهرة فهي أشبه بمخاض ينتج ولادة بغض النظر عن هيئتها أو صنفها أو توصيفها .

إذاً أسفر مخاض الإزدواجية في النفوس عن ولادة ظاهرة بل هي آفة تسللت لتنخر جسد المجتمع لتسلب منه عافيته وتشوه شكله وتفقده الزهو والعنفوان.هذه الآفة تمثلت بالمراءاة أو المداهنة والمراوغة والإنغماس بالخديعة أحيانا والتظاهر بعدة أوجه مع ما تستلزمه الحاجة .

ولعل هذه الولادة وإن كانت كسيحة أو مشوهة أحيانا إلا أنها من أسوأ الولادات التي شكلت خطرا بالغا في إنغماسها بذات الإنسان وليست هذه الولادة إلا نتيجة للثقافات المريضة التي نمت داخل بعض النفوس العليلة وأنشأت عقولا جامدة معطلة  بعض الشيء .

وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (استرشدوا العقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا) .

وقال علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه : (العقول أئمة الأفكار، والأفكار أئمة القلوب، والقلوب أئمة الحواس، والحواس أئمة الأعضاء).

فحين يتحد الفكر النير مع محددات العقل الرشيد وسلامة ونقاء القلب ينزه الحواس آنذاك يتيسر لنا مكافحة أخطر آفة راحت تنخر في جسد المجتمع أو تمزق نسيجه وتنشر أمراضا يتعذر معالجة استفحالها.

ولاشك أن الأذهان لا تخلو من احتوائها لحالات أو شواهد ومدلولات تثبت إنغماس الكثير منا بالإزدواجية حد النخاع

فكم من متقمص لشخصية المصلح والزاعم إصلاح الناس هو أحوج من سواه لتلقي النصح والموعظة ليتسنى له سلوك سبيل الإصلاح  .

وكم من زاعم بالتحلي  بروحية الإيثار وهو لا يؤثر إلا نفسه .

وكم من ناطق بالعلن بقولة الحق وهو أقرب للباطل من سواه

وكم من متظاهر بالدعوة للإصلاح والفساد ينمو بمكنونه النفسي والذاتي وقد أمات الفساد ضميره  . وقد قال أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: إني لعالم بما يصلحكم ويقيم لي أودكم، ولكني لا أصلحكم بفساد نفسي *

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ ـ الصف / 2 ـ 3

حسن كاظم الفتال

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن كاظم الفتال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/12/21



كتابة تعليق لموضوع : آفة نخرت جسد واقعنا.. كافحوها  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net