في كل الشعارات منذ بداية اندلاع التظاهرات في الأول من تشرين الاول الماضي ، لم تكن وزارة الثقافة هدفا لها ، ولم يؤشر أي معترض واعٍ على وزارة الثقافة ووزيرها ، ما يدعو لشمول هذه الوزارة بمطالبات التغيير .
أقول هذا ، وأنا لست موظفا في وزارة الثقافة ، فأغلب الأصدقاء والمتابعين يعلمون أني أستاذ جامعي على ملاك التعليم العالي ؛ لكن الإنصاف مطلوب وبعض مما يستحق الإنصاف سأذكره بعد هذين البيتين :
يقول الزبير بن عبد المطلب :
إذا كنتَ في حاجةٍ مرسلاً
فأرسل حريصا ولا توصهِ
وإن رأسُ أمرٍ عليك التوى فشاور نصيحا ولا تعصهِ
والبيتان استهل بهما العلامة محمد حسين الاعرجي دفاعه عني في مناقشة الماجستير ؛ فوجدت من المناسب أن أدعم بهما ما أنا بصدده .
الصديق الأديب عبد الأمير الحمداني ليس وزيرا للثقافة ، بل وزيرنا على الثقافة وهنا يكمن الفرق ، فهو من اختيار الأدباء والمثقفين بعد جولات طويلة مع الكتلة السياسية التي صارت حقيبة الثقافة من حصتها ، إلى أن تم الاتفاق عليه ، وهو الذي قبل استيزاره وبعده ، يحضر جلسات اتحاد الأدباء ونشاطات نقابة الفنانين بصفته الثقافية لا بصفته الحكومية ، من دون حمايات وجعجة سلاح ، وهو نفسه الذي يتجول بزيه غير الرسمي في مقاهي المثقفين إن في المتنبي أو في الكرادة من مثل رضا علوان وكهوة وكتاب .
ولعلي رصدت بعض انجازاته خلال عام من استيزاره ، فكان من أروعها اهتمامه بأعلام الثقافة والفكر في العراق بدءا من إعادة طبع كتب عزيز السيد جاسم ومرورا بتخصيص جناح خاص لمكتبة عناد غزوان الثرية جدا ؛ حيث خصص لها جناحاً خاصا في دار الكتب بعد تبرع أخي د. معتز عناد غزوان بها لكلية الآداب فاعتذرت الكلية عن نقلها ، فأمر صديقنا الوزير بأن تنقل إلى دار الكتب والوثائق وتكون بشكل يليق بعناد غزوان وقيمته ؛ ولم يتوقف اهتمامه عند هذا الحد ، فقد أسهم في علاج الشاعر الصديق سلمان داود محمد وكان له دور كبير في بعض مراحل علاجه ؛ ولم يتوقف ، أيضا ، عند هذا الحد ، بل أمر بطبع ديوان العلامة الكبير محمد حسين الأعرجي ، ثم جاءت رعايته لإبداع زملائه بحملة إصدارات لأغلب المثقفين على نفقة الوزارة .
حين أقول الأديب ولا اقول الوزير ، وحين أقول الصديق ، فإن له موقفا جميلا حدث أمام عيني ، حين كنا في اجتماع اللجنة العليا لجائزة الابداع ، فدخل مدير مكتبه وقال له : إن رئيس اتحاد أدباء ديالى ينتظر في السكرتارية .. لم يأمر بدخوله بل قال لمدير مكتبه قل له أن يبقى في مكانه لأخرج لاستقباله في الباب فهذا شاعر ورئيس اتحاد !! ؛ وقام واستقبل الزميلين الاستاذ الشاعر علي فرحان رئيس اتحاد أدباء ديالى ، والناقد الدكتور علي متعب .
ملابسه التي ظهر فيها بجولته في الكرادة ، كأي مثقف لا يريد القيود ، لم تكن مفاجأة فلقد كان معنا في المربد الأخير في البصرة الفيحاء حين انزوى في مقعد في آخر السفينة المخصصة لأحدى الجلسات ، حتى أن بعض الأدباء لم يتعرفوا عليه بسبب عدم رسميته!
هل مدحت الوزير ؟
الجواب : لا ، ولست من مداحي المسؤولين ، وسيرتي تشهد .
لكني أشدت بما يجب الإشادة به ممن يجب الاعتزاز به .
أشدت بوزارتنا التي اقتربت من الهم الثقافي اقترابا غير مسبوق ، فهو الوزير الذي يرد على جميع اتصالات المثقفين ، وقد سبقني للتركيز على هذه الميزة الشاعر الحبيب حسن النواب .
ختم صديقنا الحمداني السنة الأولى من عمله بكتاب شكر وتقدير لجميع موظفي وزارة الثقافة والسياحة والآثار ، وهو الشيء الذي يجب أن يحتذى به ، لعل بقية الوزراء يبادرون مثله ، تشجيعا للموظفين وتعزيزا للتكاتف بين الموظف والمسؤول .
أختم مقالي هذا وأقول : نريد أن تبقى وزارتنا لنا .. فمن له رأي غير ذلك ليس مجبرا على التضامن وليس له أن يسيء ..
الآن ، ومع التغييرات المتوقع حدوثها استجابة لحركة الاحتجاج .. هل لنا أن نطلق هاشتاك :
مع_الإبقاء_على_الحمداني_وزيرا_للثقافة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat