صفحة الكاتب : الشيخ عبد الرزاق فرج الله

الشيعة هم الشهداء على الناس
الشيخ عبد الرزاق فرج الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كتاب فضائل الشيعة للصدوق (رحمه الله)، بإسناده عن الثمالي – أبي حمزة - قال: قال أبو عبد الله (ع): (نحن الشهداء على شيعتنا، وشيعتنا شهداء على الناس، وبشهادة شيعتنا يجزون ويعاقبون...) بحار الأنوار – للعلامة المجلسي -: 7/325.

بعد أن نعرف أن الوسطية التي خاطب بها الله (عزّ وجل) أمة الرسول محمد (ص) في الآية الكريمة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة: 143. جاءت مقترنة بحادثة تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة، والتي ثبت أن موقعها في وسط الأرض، وهي تمثل المركز، أو المحور الذي تدور حوله كل المواقع، وتتجه إلى كلّ الأطراف من أقاصي الأرض.
نستوحي من ذلك، أن الوسطية ترمز إلى قوة موقع الرسالة الإسلامية التي بعث بها رسول الله (ص) في هذه النقطة من الأرض، والتي ينبغي أن تلتقي عندها الشرائع، وتسلم لها الأمم بالإيمان والطاعة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) الفتح: 28.
ومن خلال اقتران الوسطية بالمسؤولية التي أولاها على عاتق المسلمين، فقال: (لتكونوا شهداء على الناس)، نستوحي كذلك: 
أن الوسطية تعني: أنكم أصحاب الموقع المسؤول الذي هو بين عديد من الاتجاهات والعقائد والسبل، وأنكم تشرفون من خلال هذا الموقع، بأسنى الدلائل وأبلغ الحجج على كافة الأمم، وأنتم تحملون لها مشعل الهدى وإشارة السلامة من كلّ تطرف، (فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ) يونس: 108.
لذا فإن هناك مسألة أدق، وهي: أن لا يكون الإنسان شاهداً على غيره ما لم يكن ذا رؤية دقيقة يميز بها بين الحق والباطل، وما لم يكن مستوعباً لتفاصيل موقف غير المشهود عليه، وما لم يكن قوياً لا تأخذه في الله لومة لائم، فلا ينفعل ولا يداهن ولا يجامل على حساب الحق الذي يراد منه إثباته.
عن الإمام أبي جعفر (ع) في حديث طويل قوله: (وأيم الله! لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد (ص) علينا، ولنشهد على شيعتنا، وليشهد شيعتنا على الناس، أبى الله (عزّ وجل) أن يكون في حكمه اختلاف، أو بين أهل علمه، تناقض) موسوعة الإمام الجواد (ع) – للحسيني القزويني -: 4/14.
من هنا نعرف أن الله (عزّ وجل)، ما أوكل إلى الشيعة مهمة الشهادة على بقية الأمم، إلا بعد أن منحهم عنصر القوة والمنعة، وألقى عليهم خلعة العز ومؤهلات الصدارة، التي يستطيعون معها أداء مسؤولية الشهادة على الناس، ودعاهم إلى حمل الأمانة في وعيهم وفكرهم وسلوكهم، وقضى أن لا اختلاف بينهم؛ لأن الإختلاف يؤسس حالة من التحامل والميل الصراع والإنفعال.
لذا فقد أسس لنا منهجاً كاملاً وشاملاً في حياة أهل البيت (ع)، علينا أن نترسمه وننتهجه في حياتنا، فقال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام: 153.
روى العياشي، عن الباقر (ع) أنه قال لبريد العجلي: تدري ما يعني بـ(صراطي مستقيماً) قال: قلت: لا، قال: (ولاية علي والأوصياء) بحار الأنوار – للعلامة المجلسي -: 64/31.
وذكر علي بن يوسف بن جبير في كتاب نهج الإيمان قال: الصراط المستقيم هو علي بن أبي طالب (ع) لما رواه إبراهيم الثقفي في كتابه بإسناده إلى بريدة الأسلمي قال: قال رسول الله (ص): (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ..): (قد سألتُ اللهَ أن يجعلها لعلي (ع) ففعل) بحار الأنوا – للعلامة المجلسي -: 24/17.
وعند نزول الآية الكريمة خط رسولُ الله (ص) خطاً وسطاً، وخط عن اليمين وعن الشمال خطوطاً عديدة، لإيضاح معنى الاستقامة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) فصلت: 30.
أي: على الأمة أن لا تميل عن هذا الخط الوسط؛ لأن الميل عنه سبب للضعف والزلل والسقوط، أما الاستقامة على الخط الفكري والعملي لأهل البيت (ع) فإنه يحمل للإنسان المؤمن خصائص وعناصر القوة في فكره وعقيدته ووعيه وسلوكه وأخلاقه.
وتعتبر الوسطية طابعاً لكل ما رسمته رسالة الاسلام للأمة من منهج التعامل والتطبيق لالتزاماتها على كافة الصعد، سواء على مستوى التعامل الطولي مع الله (عزّ وجل)، أو على مستوى التعامل الأفقي مع بعضها، أي: في الجانب العبادي والجانب الاجتماعي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الرزاق فرج الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/17



كتابة تعليق لموضوع : الشيعة هم الشهداء على الناس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net