تعكسُ الحيوية الجديدة للمجتمع المدني زيادة كبيرة في قدرة الشعوب، ورغبتها في السيطرة على حياتها وتحسينها أو تغييرها، بفعل المرافق التعليمية الأكثر اتساعاً، والفرص الأفضل للمرأة، والوصول الأكبر إلى المعلومات وكذلك التقدم السياسي.
كما بذل عددٌ من الحكومات والحركات السياسية والمؤسسات الأخريات جهوداً واعية أيضاً، لتمكين الشعوب من التعبير عن إرادتها، ويعتمد ذلك التمكينُ على قدرة الشعب على أن يوفّر سبلَ المعيشة لنفسه، لأن الفقرَ يُترجم إلى افتقار الفرد للخيارات؛ ويُعتبر الأمنُ الاقتصادي قضية جوهرية، إذا أردنا أن يحظى الشعب بالاستقلال الذاتي، وأن يمارس السلطة.
وفي الوقت الذي تضاعف عدد الوظائف المنتجة في مختلف أرجاء العالم، وبصفة خاصة من خلال القطاع الخاص الصغير، فإن جميع اﻟﻤﺠتمعات عمليا قد ابتليت ببطالة توهن قواها، ويبدو أن الموقف أخذ في التدهور، حيث يعمل التهميش على تقويض أركان اﻟﻤﺠتمعات، ولن تتحقق الاستمرارية في فرض ارادتها إذا ما كانت الشعوب تفتقر إلى الدخل المستقر.
وتتصل صور الإخفاق الأكثر فظاعة في عملية تمكين الشعوب من ممارسة إرادتها بوضع المرأة، فعلى الرغم من الحملات الواسعة من أجل تحريرها، وتحقيق كثير من أوجه التقدم، فلا تزالُ نسبة كبيرة من نساء العالم لا رأي ولا حول لهن، ويتواصل النضال من أجل تحقيق فرص عمل وأجر متساويين للمرأة في اﻟﻤﺠال الاقتصادي.
وقد تحقق هذا بصفة رئيسة نتيجة لتصفية الإستعمار، والتحسن الاقتصادي، وانتشار الديمقراطية، بيد أن جماهير الناس بدأت الآن ومن خلال أطر تتعدى عملية الانتخابات، في تأكيد حقها في المشاركة في إدارة شؤون مجتمعاتها، ولكن يسود الان شعور أكبر بالاستياء من العملية السياسية نفسها، وفقدت كل من الحكومات وأحزاب المعارضة والساسة من جميع الأشكال والألوان مصداقيتهم، وهذا ناجم في جزء منه عن عدم تلبية مطالب الناخبين المتزايدة، وعجز الساسة المتنامي عن تحقيق الأهداف المنشودة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat