من يبحر في أشعار الثورات العربية لن يجد أروع من كلمات الشاعر التونسي الكبير "أبو القاسم الشابي" حين نسج أبياته التاريخية قائلاً في رائعته "إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ --- فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي --- وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر" ، وكأنه أراد بهذه الأبيات الرائعة ، أن يوجه الشعوب ولأعوام قادمة نحو طريق الحرية والتغيير ، فما حدث بمصر المحروسة من نجاح ساحق في الاستفتاء على الدستور ، لدليل على صحة هذه الأبيات الرائعة ، فكل أطياف الشعب تواجدت أمام مراكز الاستفتاء من ساعات الصباح الأولى ، وكأنها في سباق مع الزمن المصري الأصيل !
وإذا كانت ثورة 25 يناير قد أطاحت بالظلم والاستبداد الذي ذاق مرارته كل من تنفس الهواء فوق أرض وربوع الغالية مصر ، فقد جاء خروج الشعب في30 يونيو ليكون مكملاً ومصححاً لهذه الثورة الفتية وليقول لحكم الإخوان المسلمين ، انه قد آن لكم النزول من علياءكم المزيفة ولترحلوا عن سماءنا وأرضنا ، فالشعب الذي أزاح حكم فرعون لقادر أيضا على إزاحتكم ….
أن نجاح مشروع الدستور بهذه الأغلبية الساحقة لهو نصر مظفر بدون أدنى شك للإرادة الشعبية ، وخطوة جبارة ، قد تحققت من خطوات خارطة الطريق والتي رسمتها أيادي وعقول وأفئدة نقية ومخلصة على طريق الاستقرار وضمانة أكيدة لغد مشرق رسمته سمرة وعزيمة الإنسان المصري بالمشاركة الفعالة مع نسوة ماجدات خرجن بهذه الأعداد الكبيرة ، ليخبرن العالم أجمع ان لا شئ مستحيل طالما توفرت الإرادة ، ليس هذا وحسب بل فأن نجاح الاستفتاء على الدستور جاء كصفعة قوية على وجه جماعة الأخوان المسلمين وأسيادهم في العالم الغربي وتحديدا كان بمثابة انفجار قنبلة من العيار الثقيل تحت كرسي أوباما الفاشل على الدوام وسقوط مدوي لخططه الإستراتيجية الهادفة للقضاء على أخر جيش عربي قوي بالمنطقة !
نعم كان عرس وطني يذكرنا بسالف البطولات التي خاضها الجيش المصري ومن خلفه شعب جسور ، خرج بأكمله للميادين ليناصره ويشد من عزمه ، يذكرنا بعبور قناة السويس أبان حرب أكتوبر 1973 وتدمير خط بارليف ، ذلك العبور الذي نقل مصر من الهزيمة الى المجد ورسخ في عقولنا فشل المقولة الإسرائيلية القديمة ان لديها جيش لا يقهر وليس غريبا ان قلنا ان هذا مشابه لما ادعته جماعة الإخوان المسلمين بغبائها المفرط حين توهمت أنها جماعة لن تهزم وإنها باقية في الحكم لمئات السنين !
ولم يقتصر الأمر في هذا العرس المصري الكبير على خروج المواطنين للاستفتاء على الدستور بل كان استفتاء علني على رغبة جموع الشعب في دعوة قائدهم العسكري الهمام الفريق أول عبد الفتاح السيسي للترشح لرئاسة الجمهورية ، الرجل الذي نجح في أن يثبت للعالم ان ما حدث في 30 يونيو ، ثورة وليس انقلابا ، فقد أصبح رمزاً وطنياً يذكرنا بزمن الراحل جمال عبد الناصر ومواقفه البطولية والتاريخية ، فالشعب المصري وجد فيه حلمه وأيقن أنه الوحيد القادر ، ان يعيد له الشعور بالأمن وفرض النظام خاصة وان الإخوان لا يؤمن مكرهم ولن يتوقفوا عند هذا الحد ولا يوجد من بينهم للأسف عقلاء ليدركوا الحقيقة وان ما ذهب لن يعود !
ختاماً نبارك لمصر العروبة هذا الانجاز العظيم ونقول للإخوان المسلمين خاب ظنكم في هدم أول بنود خارطة الطريق وفشلتم بجدارة في تعطيل التصويت علي مشروع الدستور ولم يبقى أمامكم سوى النحيب والحسرة والادعاء بتزوير النتائج ، فهذا هو حال المفلسين فكرا ومنطقاً على الدوام !
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat