أزمة الطفل في انعدام الثقة
د . محمد عماد الدين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد عماد الدين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بناء على الأسلوب الذي يتخذه الآباءُ في إشباع حاجات أطفالهم، يمكن أن تنمو لديهم إما (ثقة) متزايدة في أن حاجاتهم سوف تشبع، وإما انعدام تام لهذه الثقة. وفيما بين هذين الطرفين توجد بالطبع درجات مختلفة، فإذا استطاع القائمون على رعاية الطفل أن يتعرفوا على حاجاته، وأن يستجيبوا لها بطريقة سديدة مناسبة، وفي الوقت المناسب تنمو لديه الثقة في أنه مقدر، وأن حاجاته سوف تشبع، وأن من حوله سوف يهرعون إليه عندما تنشأ لديه حاجة إلى ذلك.
إن إحساس الطفل بالثقة، ما هو في الواقع إلا حالة انفعالية تساعده على الشعور بالتوحد مع البيئة المحيطة به، أما إذا لم يستطع القائمون على رعاية الطفل أن يتعرفوا على حاجاته، وأن يستجيبوا لها بطريقة مناسبة، وفي الوقت المناسب، فإن بذورَ الشك في البيئة المحيطة به، يمكن أن تزرع عندئذ لدى الطفل.
والواقع أن معظم الآباء قد يرتكبون بعض الأخطاء في الاستجابة للتوترات التي يعاني منها أطفالهم، وفي بعض الحالات لا يستطيع الوالدان أن يكتشفا الحاجة الفعلية، فيصران على حلّ واحد كالرضاعة مثلا، حتى بعد أن يكون الطفل قد رفضها... من هنا تبدأ الثقة تنعدم: عندما يصبح الطفل غير متأكد من إشباع حاجاته في المرات القادمة، وعندما يصبح من العسير على الطفل أن يحصل على الراحة الجسمية والنفسية اللازمة. والطفل في هذه الحالة أيضا لا يستطيع أن يعبر عن مشاعره هذه بالألفاظ، ولكنها مع ذلك تظهر في سلوكه، فنحن نستطيع أن نستشف الشعور بانعدام الثقة عند الطفل من عزوفه عن التفاعل، ومن أعراض الاكتئاب والحزن التي تبدو عليه، والتي قد تظهر في صور متعددة كالنهنهة أو الافتقار إلى الانفعال، أو فقدان الشهية للطعام أو اللامبالاة أو غير ذلك من استجابات سلبية. والواقع أنه بالرغم من أن جميع الأطفال يعانون بعض مشاعر الشك أو القلق نحو العلاقة وهي في دور التكوين بينهم وبين القائم على أمر رعايتهم، فإن الخبرات الإيجابية تفوق الخبرات السلبية عند الأغلبية العظمى من الأطفال.
إن الجو الذي تشيع فيه الثقة بالطفل وأفراد أسرته، سوف يدعم الجهود التي يقوم بها الطفل لكي ينجز واجبات النمو لهذه المرحلة، فهو يعد الأرض الصلبة التي لابد أن يقف عليها الطفل إذا كان له أن ينجح في تحقيق المستويات النمائية المتوقعة منه. بعبارة أخرى يمكن أن نقول إن المواجهة بين الطفل وبيئته، إما أن تحل لصالح الطفل، وعندئذ تتكون لديه ثقة متزايدة فيمن حوله وفيما حوله، تساعده على النمو إلى المستويات المتوقعة منه، وإما أن تحل في غير صالحه، وعندئذ يكتسب من عدم الثقة ما يعطل نموه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat