العراق الماضي والحاضر وافاق المستقبل
عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الستار الجابري

لحلقة السادسة _ غزو الكويت الغايات والنتائج٢
كان انتصار الثورة الاسلامية في ايران حدث غير متوقع ادى الى تغيير الحسابات الدولة في المنطقة اذ كانت ايران منطقة النفوذ الامريكي المانع من وصول الاتحاد السوفيتي الى المياة الدافئة فكانت الخطوة المرحلية التي اقتضتها طبيعة مرحلة الصراع الامريكي الاوربي - الروسي، اضعاف ايران سياسيا واقتصاديا وامنيا وعسكريا واعلاميا وفكريا لمنع انتقال روح الثورة الى المجتمعات المسلمة فكان جزء من برنامج التطويق اشعال فتيل الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمان سنوات فضلا عن العقوبات الاقتصادية ووسائل التطويق المختلفة، ومن جانب اخر تحركت اسرائيل لاعادة تريب القوى في لبنان التي تضم قوى شيعية متعددة انتشر بين صفوفها الشعور بالفخر والحب ازاء انتصار الثورة في ايران فجاء الاجتياح الاسرائيلي لبيروت ليكون لبنة في طريق تطويق الثورة الايرانية. في طول فترة الحرب العراقية الايرانية كانت القيادة الدولية الكبرى المتمثلة بامريكا تخطط لاعادة رسم الخارطة العالمية خاصة بعد دعم التوجهات السنية في افغانستان للوقوف امام اجتياح السوفيت لها دعما للحكم الشيوعي في افغانستان ، فضلا عن توقعات الانهيار الكبير الذي تنتظره المنظومة العالمية نتيجة ترنح الاتحاد السوفيتي تحت الضربات الاقتصادية الموجعة مضافا الى ما يتقتضيه الوقوف امام ظهور الصين كقوة اقتصادية نامية تسعى للهيمنة على اقتصاديات العالم.
في ضوء تلك التطورات الكبيرة في الساحة الدولية مع الياس من اسقاط النظام الاسلامي في ايران والنمو الاقتصادي الكبير الذي حققته دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة ارتفاع اسعار النفط والحاجة العالمية له، وعدم قدرة اسرائيل على التمدد والتوسع اكثر لان الراسمال اليهودي والعالمي لا يرغب ان يعمل في منطقة غير امنة وقد اثبتت الاحداث ان اسرائيل تعيش على برميل من البارود يمكن ان ينفجر في كل لحظة مضافا الى عدم قدرة اسرائيل على استيعاب كل اليهود في العالم لانها بحاجة الى سوق لتصرف المنتجات فضلا عن ايجاد مناطق تستوعب اليد العاملة اليهودية وبحثها عن حل جذري للفلسطينين الذي اقر لهم القانون الدولي حق العودة.
فخارطة التحولات السياسية الجديدة تحتاج الى حدث مهم يمكن امريكا من استنزاف المال الخليجي ويمكنها من اضعاف القوى العربية التي من الممكن ان تشكل خطرا استراتيجا في مستقبل الايام ضد الكيان الصهيوني الذي اذا تمكنت الشعوب العربية والاسلامية من القضاء عليه فانه سيشكل خطوة في اتجاه مجتمع اسلامي موحد يشكل ضربة في الصميم للمشروع العالمي في منع قيام كيان اسلامي يهدد مستقبل العالم الغربي اذ الدول العربية والاسلامية تمتلك اكبر مخزون للطاقة التي يحتاجها العالم الغربي كما انها تمتلك قوى وامكانات بشرية هائلة تشكل عاملا مهما في الجانب السياسي والاقتصادي لو استثمر بصورة صحيحة فانه من الممكن ان يغير المعادلات العالمية التي تعتبر ان الاستثمار الحقيقي اليوم في الانسان نفسه وليس في المصادر الطبيعية فقط.
ان كل ما يتوقف عليه ادامة مشروع انهيار وتقسيم المجتمع الاسلامي يعتمد على انهيار العراق فانهيار العراق هو الخطوة الاولى في المشروع الجديد، الذي يضم تطبيع الدولة العربية مع اسرائيل وهيمنة اسرائيل على العالم الاسلامي وسيطرة امريكا وحلفائها على قلب العالم الواصل بين شرقه وغربه لضمان بقاء الهيمنة الغربية على العالم ومنع ظهور قوى دولية جديدة تغير الواقع العالمي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat