ما ان وقف على احد جوانب الطريق المؤدي إلى بيته الذي يقبع في طوريج بدا مستاءا مما هو فيه، فنبرا يتمتم بكلمات ملؤها الضجر من واقعه هذا حيث الطريق الطويل، والعربة البسيطة التي يقتادها، وافواه تنتظر منه لقمة يسدون بها جوعهم، والفي دينار اليتيمتان اللتاني تسكنا جيبه؟!
نعم جيبه الذي ارقعته زوجته للمرة الثالثة.
(ماذا عساني ان افعل يارب؟ ) ، قالها ثم المح شيئا ما من احد الافرع على جانبه الأيمن، ما ان أمعن النظر واذ به يلاحظ شخصا رث الثياب يلتقط شيئا من هنا وهناك لايصوب إلى شيء، كأن طائر خياله مابرح يطير به من غصن إلى آخر!
ممابدت علائم التعب والانهاك بادية على كله، وشفاهه ترتطمان مع بعضهما البعض مافتأت تهدئ، ونظراته باتت مشتته كأنها تفتقد شيئا ما.
فشده هذا المنظر واخذ يتأمل حتى استدار المجنون عائدا من الفرع ذاته ثم ما ان لبث يحدق به من بعيد حتى ابتلعه الفرع.
استدرك عندها انه جواب على عتابه للكريم، رفع راسه على استحياء مصوبا نظراته إلى السماء،
قائلا: انا عبدك حسين الذي لم يحمدك على ما افضت عليه من نعم شتى، واساسها نعمة العقل التي بها أدرك معنى الحياة واسير محترما بين الناس .
نعمة كبيرة منحتني اياها لكن فقدان الاخر صكت ناظري عنها، شكرا لك ياكريم.
حمد الله تعالى، ثم امتطى دراجته واكمل المسير عائدا إلى بيته.
ومرت أيام معدودة وفي إحدى الليالي وبعد أن اراد ان يخفف عن جسده تعب النهار.
همدت عيناه بالنوم وماهي الا دقائق فزع على صوت الهاتف فهرع اليه
- الو، سلام عليكم.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
- سيد حسين؟
- نعم هو بعينه.
- أردنا اخباركم بوجود عمل، فهل انت مستعد؟
قفز قلبه فرحا وتبعته كلماته:
-نعم نعم انا مستعد لذلك، لكن متى؟
- في صباح الغد؟
- ان شاء الله، ان شاء الله تعالى.
ما ان وضع الهاتف على المنضدة التي بقرب سريره، استرجعت له ذاكرته تلك الصور التي التقطها اثناء عودته لداره وعتابه لحضرة الكريم، والرجل الذي فقد عقله، وانتباهه للنعم التي يمتلكها وشكر الله على ذلك، كان ختامها وبالشكر تدوم النعم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat