مواجهة التطرف الفكري من خلال تفعيل دور الامن الفكري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن مسالة التطرف الفكري هي مسالة قديمة بقدم التاريخ، ولعلها واكبت الأنبياء والمرسلين الذين أُرسلوا بالشرائع السماوية، فكانت محط اعتراض المخالفين والمناهضين للفكر والنظام الجديد الذي يريده الله تعالى أن يعيد اليهم حالة الاستقرار والأمان، والتواصل مع الخالق، والعمل على الاصلاح العقائدي والأخلاقي والاجتماعي في اطار تلك التشريعات، واستمرت هذه الحالة حتى يومنا هذا، بل إنها تطورت وأصبحت على مستوى أكبر لما يشهده العالم من تطور تكنولجي وتقني، استطاع أن يواكب هذا الأمر، بل ولعله يكون هذا التقدم من أدوات ذلك التطرف، حسب أوجه الاستعمال، وهنا لابد لنا من وقفة مع تعريف لماهية التطرف الفكري، لكي نتوصل من خلاله الى معرفة المشكلة التي تواجه مجتمعنا، ولعلنا نوفق الى إيجاد حلول لهذا الأمر :
يعرف التطرف لغةً: الوقوف في الطرف، والطرف بالتحريك: جانب الشيء، ويستعمل في الاجسام والاوقات وغيرها( ) .
التطرف اصطلاحاً: مجاوزة الاعتدال، فكل شيء له وسط وطرفان، فإذا جاوز الانسان وسط الشيء الى حد طرفيه قيل له: تطرف في الشيء، أي جاوز حد الاعتدال ولم يتوسط.، وكذلك فإن التطرف يصدق على التسيّب، كما يصدق على الغلو، وينتظم في سلكه الإفراط، ومجاوزة الحد، والتفريط والتقصير على حد سواء، لأن في كل منهما جنوحاً الى الطرف، وبعداً عن الجادة الوسط ( ).
فالتقصير في التكاليف الشرعية والتفريط فيها تطرف، كما أن الغلو والتشدد فيها تطرف، لأن الإسلام دين الوسط والوسطية، والى هذا ينبه القران الكريم في قوله تعالى: { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}( الاسراء/ 29)، وقوله تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا  إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}( الأعراف/ 31)( )
كما يعرف الفكر لغةً: وهو اعمال الخاطر في الشيء، والتفكر هو التأمل، ويقال فكّر في الأمر تفكيراً، أي أعمل العقل فيه( ).
ويعرف الفكر اصطلاحاً: إن التفكير عمل عقلي عام يشمل التصور والتذكر والتخيل والحكم والتأمل، ويُطلق على كل نشاط عقلي( ).
    وهنا نتوصل الى العلاقة بين التطرف والفكر، حيث يُحدِث مغالات وتسويف في التصور والتذكر والتخيل والحكم والتأمل الذي يكون في العقل، وينتج عنه (اصدار احكام مغالطة للواقع)، من خلال تبني أفكار وآراء متشددة وغير متسامحة تتعارض مع القيم العامة للمجتمع وتدعوا الى التغيير العنيف أو الانعزال الفكري، فغالباً ما يرتبط التطرف الفكري بالتعصب لرأي أو عقيدة معينة الى درجة رفض الرأي الأخر واعتباره تهديداً، مما يؤدي الى انتشار الكراهية أو العنف ضد الآخرين.
اما خطورة التطرف الفكري: فإنها تكمن في وجودها لدى الشباب الذين يعدون ثروة للمجتمع وأمله، وإن كان في بعض الأحيان يتسم سلوكهم بالتسرع وعدم التروي وقلة الخبرة، لذا فإنه يعد مرضاً اجتماعياً كما هي الامراض الجسمية، يصيب المرض فيها الجسم السليم عن طريق العدوى.
وهنا لابد لنا من المعالجات الفكرية والتي هي ضد التطرف الفكري والتي تعني بـ: 
1-  الحفاظ على المبادئ الأخلاقية، والمكونات الثقافية الاصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الدخيلة.
2-  الاجتهاد في تحقيق السكينة والاستقرار والاطمئنان القلبي، واخفاء مشاعر الخوف على مستوى الفرد والجماعة في جميع المجالات النفسية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية. 
3-  الاهتمام بالفئة الشبابية وقيادتها الى الأفكار الإيجابية، والتفاعل الاجتماعي لصيانة عقولهم من أية انحرافات فكرية أو عقدية مخالفة لما نصت عليه تعاليم الإسلام الحنيف وأنظمة المجتمع وتقاليده.
4-  الدعوة الى الوسطية والاعتدال وتكرار هذا الأمر من خلال استثمار وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الاعلام.
إن القيادة الفكرية مسالة ضرورية تحتاج الى أدوات عدة وأفكار كثيرة لاستثمار الطاقات الفتية والشبابية من أجل افشاء روح المحبة والسلام، لذلك وجب على المتصديين لهذا الأمر الإحاطة بكل الوسائل التي تدفع الفكر من التطرف الى الوسطية، لتحقيق مسالة الأمن الفكري، ولعله لا يخص فئة محددة بالمجتمع وانما شخصنا فئة الشباب لكونهم العنصر الأكثر حيوية بالمجتمع.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/03/05



كتابة تعليق لموضوع : مواجهة التطرف الفكري من خلال تفعيل دور الامن الفكري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net