المؤسسون الأوائل لمنهج (التكفير) ؟ المؤسسون الأوائل لــ (سب الصحابة) ؟
راسم المرواني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
راسم المرواني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لو أنك أنفقت عدداً من (السنتات) وكلفت نفسك الإتصال بقناة (صفا) أو (وصال) أو غيرها من القنوات ذات المنهج (التكفيري) ، والمؤدلجة لشتم الشيعة واتهامهم بالكفر والزندقة ، والمقولبة لخلق (الفتنة) بين المسلمين ، ولو صادف أنك تحدثت مع (عرعور) مثلاً ، وسألته :- ما حكم من يسب الصحابة ؟؟؟ لكشر عن أنيابه ، ولتشدق بمصطلحات معروفة ورخيصة وسريعة ، ولقال لك بأن :- كل من يسب الصحابة فهو (فاسق ... فاجر ... كافر ... زنديق ... الخ) .
حسناً .. سنترك (عرعور) الآن ، وسنلجأ الى لغة العقل والنقل ، وأتمنى على من يريد (الرد) على مقالتي أن يكون موضوعياً ، ويرد بلغة (المنطق) ، وأن يكون من أتباع (الدليل) ، وأن لا يمارس دور الشاتم الناقم ، وأن لا يملأ صندوق بريدي بكلمات نابية تكشف عن انحطاط تربيته ، وتدني أخلاقه ، وتنم عن مستوى محيطه التربوي الضحل كما هي العادة في رسائل (الأعراب) التي تردني غالباً .
لست هنا في معرض تعريف (الصحابة) ، ولست في معرض تبيان حدود الصحابة والصحبة ، ولكنني سأنزل عند أبسط تعريف لكلمة (صحابي) ، والتي تفيد بأن الصحابي هو (من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ، وسمع كلامه) ، وسأتنزل عند رأي من يرى بأن (الصحابة) كلهم (عدول) ، بمؤمنهم ومنافقهم ، بثابتهم ومرجفهم ، بشجاعهم وجبانهم ، وهذا التعريف يكفيني في غايتي من هذه المقالة .
ومن المؤكد أن حتى الصحبة فيها (أفضلية) ، وبذلك تتفاوت درجات الصحابة من حيث التصاقهم برسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدة الصحبة ، وكمية تلقيهم وحفظهم وتطبيقهم لأحاديثه ، ومسايرتهم له ، وثباتهم معه (صلى الله عليه وآله) ، وغيرها من المفاضلات .
ولذا ، فمن الطبيعي – تنزلاً - أن يكون (الخلفاء الراشدون) هم من أكثر الصحابة قدسية ورفعة ، على الأقل لأنهم (أخلفوا) الرسول صلى الله عليه وآله في قيادة الأمة ، وصيانة مسيرة المنهج والشريعة التي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
وبالتالي ، فإن (سب أو شتم) خليفة من الخلفاء الراشدين هو أعظم وأشد - عند الله - من سب أو شتم أحد من باقي الصحابة ، وذلك لأن في شتم (الخليفة) جرأة على الصحابي نفسه أولاً ، وجرأة على موضع خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثانياً ، وفيها إجتراء على الأمة الإسلامية كلها ثالثاً .
وهنا سنتوقف للحظة لكي نقرأ ما أرودته كتب السيرة ، أمثال ما ورد في ((طبقات ابن سعد - ج 5 ص 25)) وفي ((أنساب البلاذري - ج 5 ص 70 ، 75 ، 91) (وفي ((الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري - ج 1 ص 43 ، 46 ،49، 57)) وفي ((تاريخ الطبري طبعة القاهرة سنة 1357 الجزء (الرابع) في الصفحة (407) والصفحة (477) وكذلك في الجزء (الخامس) صفحة 140 ، 166 ، 172 ، 176)) وفي ((العقد الفريد - ج 2 ص 267 و 272 و ج4 ص290)) وفي ((تاريخ ابن عساكر - ج 7 ص 319)) وفي ((الاستيعاب - ترجمة الأحنف صخر بن قيس)) وفي ((شرح ابن أبي الحديد - ج 2 ص 77 ، 506)) وفي ((شرح النهج في الجزء (الرابع) في الصفحة 458)) وفي ((تذكرة السبط - ص 38 ، 40)) وفي ((نهاية ابن الأثير - ج 4 ص 156و166)) وفي ((أسد الغابة - ج 3 ص 15)) وفي ((الكامل لابن الأثير - ج 3 ص 87)) وفي ((الفتوح لابن أعثم - ج1 صفحة (155) و (434)) وفي ((القاموس - ج 4 ص 59)) وفي ((حياة الحيوان - ج 2 ص 359)) وفي ((السيرة الحلبية - ج 3 ص 314)) وفي ((لسان العرب - ج 14 ص 193)) وفي ((تاج العروس - ج 8 ص 141)) وفي ((تذكرة الخواص لابن الجوزي/ ص61 و 64)) وفي كتاب ((الفتنة ووقعة الجمل - لسيف بن عمرو - ص 115)) وفي كتاب - المحصول - ج 4 ص 492)) وفي ((تاريخ أبي الفداء - المختصر في أخبار البشر - ج1 ص 172 و 239)) .
نقرأ كل هذه المصادر لنجد أن عائشة بنت أبي بكر (أم المؤمنين) وزوج الرسول (صلى الله عليه وآله) قد قالت مقولتها المشهورة بحق عثمان بن عفان :- (( أقتلوا نعثلاً .. إن نعثلاً قد كفر)) ، ثم قالت :- ((أشهدُ أنَّ عثمانَ جيفة على الصراط)) ، حين كان عثمان هو الــ (خليفة) الثالث للمسلمين ، بحسب التسلسل الزمني للخلفاء .
ولكي نجزء مقولة عائشة ، نجد أنها تنعت عثمان بن عفان بأنه (نعثلاً) ، وكلمة (نعثل) كما وردت في النهاية لابن الاثير ، والقاموس ، وتاج العروس ، ولسان العرب ، هي كلمة تحتمل أربعة معانٍ :-
· فإما أن يكون نعثلاً هو (الذكر من الضباع) .
· أو (الشيخ الأحمق) .
· أو إنه (كان رجلاً من أهل مصر طويل اللحية يسمى نعثلا) .
· أو (إن نعثلا كان يهوديا بالمدينة شبه به عثمان)
ولهذا ، أُلصقت هذه التسمية بعثمان بن عفان حتى يومنا هذا ، وهذه نبزة بالألقاب لا تخلو من (شتيمة) ، حتى بدأ الشعراء ينبزون (عثمان) بهذا اللقب في أشعارهم ، كما نقرأ
ومن جهة أخرى فإنَّ عائشة (تأمر) بــــــــ (قتل) عثمان ، مع الإلتفات الى أن (القتل) أو الدفع إليه أو الإعانة عليه هو أشد خطيئة من الشتم والسباب شرعاً وقانوناً ، ومع مراعاة أن قتل الخليفة (عثمان) في حينها لا يخلو من الـــ (فتنة) ، و (الفتنة أشد من القتل) .
وثُمَّ ، فقد أوردت عائشة في مقولتها :- (أقتلوا نعثلاً ، إن نعثلاً قد كفر) ... كلمة (قد كفر) ، وهي بذلك قد سبقت المسلمين بتأسيس مذهب (التكفير) ، ولست أعرف بالضبط كيف ستتم الإجابة عن أحد هذين السؤالين ؟ :-
1/ هل كان (عثمان) كافراً ويستحق القتل كما ادّعت أم المؤمنين ؟
فإن كان الجواب بــ (نعم) ، فــ (حيّـــا الله عائشة) ، ولعنة الله على عثمان (الكافر المستحق للقتل بكفره) كما ادعت عائشة ، لأنه انتحل أقدس وأرفع وأهم منصب في الإسلام وهو (الخلافة) ، وتقمصها وهو (كافرٌ) ، وهذا يستدعي أن يكون في جهنم وبئس المصير ، وهو يستحق (اللعن) والشتم والسب والتكفير ، وكل من يسبه أو يشتمه فهو يتخذ من (أم المؤمنين) قدوة له في ذلك ، وليس من المعيب أن يحذو الإنسان حذو (زوج الرسول) في تعامله مع عثمان وغيره ، خصوصاً وأن البعض يرى بأن (عائشة) هي أحب زوجات الرسول إلى الرسول (ص) ، وإن روحه فاضت بحضنها ، وإنها .... وإنها ..... الخ .
2/ هل إن شتم عثمان والإغراء بقتله و (تكفيره) هو محض (افتراء) من عائشة ؟
فإن كان الجواب بـــ (نعم) ، فلعنة الله على عائشة التي افترت على خليفة رسول الله وصاحبه ، وعليها إثم (الشتم والتنابز بالألقاب والأمر بقتل المسلمين وتكفيرهم) ، وبذا ، فلا جناح على من يسبها أو يشتمها ثأراً للخليفة ، وردّاً عليها ، بل واتهامها بأنها هي من أغرت وشجعت على قتل الخليفة ، وهي التي أشعلت (الفتنة) في صدر الإسلام ، (والفتنة أشد من القتل) .
ولست أدعي أنني محيط بكل كتب التأريخ الإسلامي ، ولن أدعي ذلك ، ولكنني جاهدت بمقدور ما أستطيع - بحثاً - لكي أجد أحداً من المسلمين قد اتهم أحداً من المسلمين (سراً أو علناً) بالكفر ، أو صحابياً سب (سراً أو علناً) صحابياً آخر غير عائشة أم المؤمنين ، ولكني لم أجد ، وربما يجد غيري ذلك ... والله أعلم .
ولو أننا وضعنا هذه الأسئلة أمام (عرعور) ، وواجهناه بما تقدم ، لأصابنا الصداع من تبريراته و (ثرثرته) التي ستنتهي غالباً بسب (الشيعة الروافض) واتهامهم بأنهم (يسبون الصحابة) ، ولبدأ باللف والدوران والتضعيف والتجريح والتملّص والرفع والخفض في محاولة للضحك على الذقون وإخفاء الحقيقة ، ومنتهياً إلى (الخاتمة) المتوقعة بأن (الشيعة) صفويون وعملاء لإيران ، ويسبون الصحابة ، ويتجرأون عليهم ، متناسياً بأن (سيدته) أم المؤمنين هي من شتمت عثمان بن عفان (ذا النورين) وخليفة المسلمين وصاحب رسول الله (ص) وأغرت بقتله .
وستجد (العرعور) متناسياً بأن (سيده) وقدوته وصاحبه (في الدنيا والآخرة) معاوية ابن أبي سفيان - الذي يترضى ويترحم عليه العرعور - هو من أمر بشتم وسب ولعن (أمير المؤمنين وأهل البيت ع) ، وجعلها (سُنــّة) من سنن المسلمين على المنابر ، حتى جاء (عمر بن عبد العزيز) فألغى هذه (السنة) وكانت له (منقبة) يذكرها التأريخ ويثبتها ليؤكد للجميع بأن (سب الصحابة) علناً ، وعلى المنابر هو ليس من (ابتكارات) الشيعة .
ولست أنكر أنني أقف حائراً أمام هذه الإزدواجية والكيل بمكيالين في موضوعة التعامل مع (معركة الجمل) و (حرب صفين) التي حدثت ضد أمير المؤمنين ، وخليفة المسلمين (علي) عليه السلام ، ولماذا لا يعتبرها المؤرخون وشيوخ التكفير من (حروب الردة) شأنها شأن ما حدث مع بقية الخلفاء من قبل ؟
وعلى كل حال ، نعود إلى سؤالنا الذي جعلناه عنواناً لمقالتنا هذه ، ونسأل بكل شفافية :- مَن الذي أسس مذهب (التكفير) ؟ ومن أسس لــ (سب الصحابة) ؟
ونضيف إليه أيضاً :- ما حكم من يسب الصحابة ؟ ويكفرهم ؟ ويغري بقتلهم ؟
أفتونا في أمرنا .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat