صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

الوزارة الجديدة على منصة التشريح
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من له فكر فليفكر .. ومن له لسان سؤول فليسال .. ومن له أذنان سامعتان فليسمع .. ومن لديه فاعلية فاعلة فليفعل .. وينبغي أن لا نسكت فالسكوت على السلبيات والمخالفات مؤامرة وجبن وعار.. وان سكوت المرء للمرء قاتل , لأنه يكثف ويضاعف ويرسخ التجاوزات والمعاكسات والخربطات .. فالكلام الصريح والصحيح يصلح كل ما هو قبيح .. فعندما تتمسرح على المسرح السياسي أخطاء وخطايا وخطوات خاطئة , فهنا يستوجب الكلام مهما تكن الضريبة شديدة وقاسية ولا نلجأ إلى ( اضعف الإيمان ) لان أقسى ما تكلفنا الليالي سكوت عندما يجب الكلام, فعراقنا الممتحن والمثقل بالفتن والمحن والمشكلات والمعضلات يفرض على كل منا أن ينطق وبصوت عال .. فأية لعنة تلاحق هذا الوطن الجريح .. وأي حظ عاثر يطارده .. وأي قدر أحمق الخطى يحاربه .. فالله الله في عونك يا عراقنا المأزوم , فعليك تتناسل الأزمات , وتتوالد المنغصات , وعليك تتولى الفواجع والكوارث والخطوب فواحدة لواحدة تجر, فيا عراقنا المكابد كم صبرت وتصابرت ؟؟ وكم عانيت وقاسيت من المخازي والماسي والانتظار والاصطبار الذي تجاوز الحدود ؟؟ فهل في التاريخ شاهدة أن الوزارة لا تنبثق في أي بلد إلا بعد ثمانية أشهر مرة وثقيلة,  فمن أين اجلب الكلمات التي احتاجها للتعليق عن هذه الحالة الشاذة ..؟؟ فأي تعبير مهما كان مستواه يتضاءل ويعجز عن إيفاء هذا الموضوع حقه من الحقائق التي قد تتثاقل بعض الألسن عن التجاهر بها وسردها على السفود .
اجل بعد وعكة سياسية طويلة أطلت علينا (  عروسة التاريخ ) ..!! الوزارة المستحية من نفسها ومن الشعب الصابر ( الوزارة الصدمة ) .. المبتورة ) .. وان أنجع وانجح واصدق تعليق عليها هو تعليق السيد رئيس الوزراء نوري المالكي والذي قال عنها : إنها لا تلبي طموحي وطموح البرلمان والشعب .. فكان الرجل صائبا ومحقا وصريحا وجريئا عندما جاهر بالحق والحقيقية ووضع أصبعه على الجرح ... وهنا وهناك وهنالك من قال : كيف ينتقد رئيس الوزراء  وزارته قبل أداء أعمالها ..؟؟ والواقع يقول أن كل ذي بصر وبصيرة ومنطق سليم يؤكد أن تشكيل الوزارة ليس باختيار السيد المالكي, إنما باختيار رؤساء الأحزاب والتكتلات والائتلافات والذين قد تتألف مصالحهم ولكن نواياهم وقلوبهم شتى و مختلفة .
وان رئيس الوزراء أمام حزمة من التحديات والموازنات والترضيات تفرض عليه  موافقات قد لا يرتضياها, ولكن يوافق عليها نزولا لمبدأ المحاصصة ولمتطلبات الظرف الصعب وحسم الفراغ السياسي والحكومي,  فلهذا تم إعلان الوزارة الرخوة الخاوية والتي تصاعد إزاءها اللغط السياسي المنوع والمتنوع .. فالوزارة كما هو واضح لا تضم نخبة من الأكاديميين التكنوقراط , ولا تحتوي على عناصر متخصصة ومتميزة من أصحاب الدراية الإدارية والخبرة المتراكمة والكفاءة المشهودة والممارسة والتجربة المطلوبة,  أنما برز فيها بعض رؤساء الكتل والمتميزون في أحزابهم وكتلهم والذين هم أعضاء في البرلمان .. وهنا تثار أسئلة معقولة ومقبولة هل أن الأحزاب تعيش في بئس وقحط وامحال ولا تمتلك عناصر مؤهلة للوزارة غير النواب المنتخبين من الشعب ليكونوا ممثلين له ..؟؟وان السؤال الكبير هل أن منصب الوزير هو أفضل وأسمى  من  منصب النائب والذي هو منتخب من الشعب , في حين الوزير يعين أما برأي رئيس الوزراء أو بقرار من حزبه أو كتلته,  وهل أن راتب ومخصصات وامتيازات الوزير أكثر من النائب..؟  لست ادري فرواتب الرئاسات الثلاثة ونوابهم ورواتب الوزراء والنواب قد أصبحت لغزا أو من الطلاسم المجهولة والمحرية .
إن أهم المأخذ والانعكاسات على الوزارة والتي يطرحها وتتناقلها كل الأوساط الرسمية والجماهيرية هي ما يأتي :
أولا :- إن المتضرر والمتذمر من هذه التشكيلة الوزارية الحالية هما اثنان ... وان المنافع والفوائد من هذه الوزارة تكون في حوزة اثنين .. فأما المتضرر الأول من هذا التشكيل الوزاري المفروض والمرفوض فهو الشعب المنكود الذي يؤكد بان الوزارة عاجزة عن تحقيق نقلة نوعية في مستواه المعاشي الهابط ( المبهذل ) فقد أعلن عن تقليص البطاقة التموينية إلى أربع مواد في الوقت الذي فيه البطاقة التموينية ضمان مؤكد لمعيشة الفقراء الذين كانوا يتوقعون من الوزارة الجديدة أن تزيد المواد الغذائية مع التأكيد على اختيار النوعيات الجيدة وخضوعها للرقابة المستمرة ,  فقد حدث تململ وتذمر واستياء من هذا الإجراء الظالم المتعسف , كما أن الشعب متأكد من أن الوزارة غير قادرة على تحقيق المشاريع الإستراتيجية الكبرى في الصناعة والزراعة والتجارة و .. و .. الخ .. فالمتوقع أن الشعب الذي منح بيعته وأصواته للبرلمان والوزارة سوف لن يحصد إلا الوعود والتخدير فهو المتضرر الأول من هذه الوزارة الميئوس من انجازاتها الكبرى التي يجب أن تنهض بها  كاستتباب الأمن بصورة تشعر المواطن بالأمان والطمأنينة , وتستأصل جذور الإرهاب والإرهابيين , وتضع حدا لاستشراء الفساد الإداري والمالي والسياسي وتنقذ الشعب من المحاصصة والرشوة والاختلاس والمحسوبية والمنسوبية فالشعب لحد الآن هو المتضرر والمنهوك وينتظر من هذه الوزارة أن تمد له حبل النجاة وتنقذه مما هو فيه وتحقق له الخدمات المطلوبة والملحة .
وأما الممتعض والمحرج والمثقل بالمتاعب والهموم والغموم هو السيد رئيس الوزراء المالكي الذي لم يكن مقتنعا وراضيا عن التشكيل الوزاري وان الذي يحاصره ويعيق مسيرته المحاصصة والرغبات والمأرب الحزبية المتنوعة من المكونات التي تريد وتسعى لتحقيق طموحاتها قبل انجاز خدماتها للشعب الصابر .
فالسيد رئيس الوزراء يمر الآن بظرف صعب وعصيب وخانق ,  وانه حائر ومتحير أمام طوفان المحاصصة وأمزجة المكونات باختيار الوزارات المغرية والتسابق بينهم على المصالح والمأرب فالرجل متمشكل ومضطر وبإلحاح إلى اللجوء للموازنات المحرجة ,  والترضيات الاضطرارية , والى التقنيعات الملحة  , وتنفيذ القرارات التي تتقاطع مع قناعته تحت خيمة الاضطرار ,  وليس بالإمكان أبدع مما كان .
 فالسيد المالكي لم ولن يمتلك قوة لتنفيذ القرارات المتأتية من المحصاصة المتحكمة فانه محاصر ومطوق بمكونات جاهزة للرد السريع عليه إذا خالف أراءها , إذ قد تتهمه بالتسلط والاستبداد والدكتاتورية والتفرد بالقرار .
اما العنصرين المستفيدين بكثافة من هذا التشكيل الوزاري المصلحي والنفعي فهما : - الحزب الذي استولى على حصته من الوزارات التي أصبحت له كضيعة أو اقطاعية أو مملكة يصول ويجول فيها ويسرح ويمرح ويكدس أعضائه ومريديه في أروقتها ودوائرها ... أما المستفيد الثاني بعد الحزب فهم  وزراءه  فأنهم  الذين يتمتعون وينعمون (  بفردوس الدولة ) , حيث الرواتب الخرافية ,  والامتيازات العالية والمدهشة ,  والتي ما كانوا يحلمون بها لو لا هذه المحاصصة التي جعلتهم يعيشون في عليين والشعب يظل بانتظار زورق الإنقاذ .
ثانيا : - إن الوزارة الجديدة مخيبة للآمال إذ كان الشعب يتوقع ولادة وزارة تتميز بالمزايا المطلوبة من شهادة عالية ,  واختصاص متخصص ,  وخبرات متراكمة ,  وممارسات مشهودة مع التأكيد على الوزير بان يكون متسما بنظافة الضمير واليد والسلوك والتاريخ ,  وله مواقف مبدئية تتسم بالشجاعة والقيادة والرأي السديد . وان معظم هذه الصفات قد لا تتوفر عند معظم الوزراء وستثبت الأيام ومعطيات العمل فشلهم وإخفاقهم بالأداء وسيتعرضون للإقالة أو الاستقالة ويجب على الحزب والكتلة أن تحاسب وزيرها وتبدله  إذا ثبت لها أي تقصير أو قصور منه , وان الملفت للنظر أن السمات الطاغية على الوزراء هي السمة السياسية وليس المهنية , ثم أن الوزراء لم يقدموا للبرلمان سيرهم الذاتية قبل وأثناء الانتخابات وان مكوناتهم وأحزابهم لم يقدموا ثلاثة مرشحين حسب الاتفاق المسبق بينهم وبين رئيس الوزراء ,  كي يختار واحدا منهم وان البعض منهم قد اكتفى بتقديم شخصا واحدا للوزارة وهذا ماحصل فعلا ,  وكانت النتائج كمسرحية ذات فصول كلما انتهى فصل أتى بعده فصل ,  والمواطن يطحن وبصمت عبر المواسم والفصول , وغاب عنهم أن المواطن هو الفيصل الحاسم لكل تفاصيل الفصول .
ثالثا : - إن الوزارة متخمة ومترهلة ومنتفخة بعدد تضخم من الوزراء الذين حشروا في كابينة الوزارة تحت ضغط التسويات والترضيات لإشباع شهوة وشهية المكونات على حساب الشعب الصابر المبتلى , والملاحظ أن أي دولة في العالم تكتفي بوزارة لا يزيد عددها عن عشرين وزيرا ,  وان الذي نقوله بصراحة بان عراقنا المجرب يحتاج إلى اثني عشر وزارة وهي ( الدفاع , الداخلية , الخارجية , التخطيط , المالية ,  التربية , الصحة , البلديات , الشئون الاجتماعية , الثقافة , والرياضة والشباب , النقل ) إن هذه الوزارات كافية لتقديم انجازات هائلة إذا كان الوزراء يمتلكون الكفاءة والنزاهة ... أما الوزارات الباقية فانها  شكلية ومصطنعة ونتوءات وزوائد تستنزف خزينة الدولة وتكبدها خسائرا فادحة لا داعي لها مطلقا .
رابعا : - إن الوزارة تجاهلت بعض المحافظات المهمة حيث لم يتم اختيار وزيرا واحدا من محافظة البصرة وهي ثاني محافظة للعراق لما تمتاز به من من موقع ستراتيجي ومخزون نفطي هائل , وخيرات طبيعية كثيفة وعدد سكاني كبير , ثم أنها تمتلك رجالا أكفاء واصلاء , وكذلك بعض المحافظات الاخرى .
خامسا : - تعالت الصيحات وتصاعدت الإدانات على التشكيلة الوزارية الحالية لأنها تجاهلت وهمشت وغيبت المرأة بصورة أثارت السخط والاستياء والتذمر .. فأين الشعارات البراقة التي تنادي بحرية المرأة ومشاركتها الرجل في الواجبات والخدمات والامتيازات ..؟؟ وأين أصبحت المؤتمرات المتوالية والاجتماعات الصاخبة والتظاهرات المحتشدة والهتافات العالية التي تنادي بحقوق المرأة واقتداراتها المبدعة ..!!؟؟ .
سادسا :-   أن الحديث عن الوزراء الأمنيين طال وتكاثر التعليق والتعقيب عليه ,  والذي أتصوره بأنه لا ولن يتم تعيين وزراء مستقلين قولا وفعلا وواقعا وتاريخا لوزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني ,  وان الذي نود التأكيد عليه بان معنى ( مستقل ) أن لا يكون منتميا طيلة حياته لأي حزب سياسي ,  ولا يتناغم ويساند أي حزب في الوطن , إنما يكتفي باستقلاليته ,  ويمدح ويعاضد أي خطوة وطنية صادقة أو أي عمل منتج ومفيد للوطن يصدر من أي حزب أو مكون من المكونات السياسية ,   فهل سنرى هذه الصفات واضحة على الوزير المعين .؟؟ فسننتظر ونرى ما تخبئه الأيام , وهذا ما تسمح به المساحة المحددة للمقال والى مقال أخر إن شاء الله وعند الله يحتكم الخصوم  .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/07



كتابة تعليق لموضوع : الوزارة الجديدة على منصة التشريح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net