مظلومية المتقاعدين تستصرخ ضمائر البرلمانين
حمزة علي البدري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا توجد في العالم كله شريحة تتسم بالأصالة والتاريخ المشرف والمشرق كالمتقاعدين الذين طرزوا صفحات الوجود بالعطاء والمثابرة والعمل الدؤوب , فأنهم بناة الوطن الحقيقيون , وهم الذين رفدوا البلاد بطاقات عملاقة , وانجازات شامخة , فهم الأوائل في كل منجز وإبداع , وهم الذين رفعوا رايات التنمية والبناء فقد افنوا زهرة ونضارة شبابهم في صيانة ورفد الوطن والمواطن , فمن ينكر أو يتنكر لإعمالهم المثمرة وتضحياتهم الجليلة , فأنهم وراء كل نهضة وأنهم صناع المجد والتطور والازدهار والعنفوان , فكل متقاعد قد أضاف لبنة قوية متماسكة لصرح البلد , وان امهر الأطباء وأذكى المهندسين وأروع المعلمين والمدرسين واخلص العمال وأنظف الموظفين من عامل المدرسة إلى البرلمانيين والوزراء ورئيسهم والى رئيس الجمهورية فكلهم قد تخرجوا من تحت أيدي المتقاعدين , وان أي متقاعد له الفضل والجميل المشهود الذي لن ينسى ... فالمتقاعدون يقفون على تاريخ شامخ من الإبداع والنزاهة والتفاني والإخلاص ولكنهم طيلة العهود المنصرمة يعيشون على لائحة الإهمال والنسيان منتظرين من ينتشلهم من بئر الفاقة والفقر والعدم فرواتبهم الضئيلة البائسة لا تلبي معيشتهم المزرية ولا تحقق أمنياتهم وطموحاتهم المشروعة .. فان توزيع الرواتب في العراق لا مثيل له في العالم اجمع إذ نجد شريحة متخومة بالرواتب والامتيازات والثراء وأخرى محرومة حتى من ابسط متطلبات الحياة , فميزان العدالة مختل بصورة فظيعة , وأدنى درجات التوازن معدومة وهذا يعكس بان قيادة الشعب بل ( إهمال الشعب ) تعيش في جنة الجنان وفي واحة البذخ والاطمئنان , والجياع يعيشون في بؤس وامتهان .. وان قيادتنا المتنوعة لا تفكر إلا بنفسها ومصالحها ومأربها والأدهى والأمر كلهم لا يفكرون بنا ( نحن المتقاعدين ) سواء كانوا إسلاميين أو لبراليين أو علمانيين وعلى امتداد التعاقب التاريخي , ولم نحصد منهم سوى الشعارات البراقة واليافطات الكبيرة التي تنادي بإسعاد الشعب وتحقيق آماله و أمنياته . والذي يثير الاستغراب والتعجب ان الكثير من قادتنا قد تنكروا لجهادهم , فأنهم وكما سمعنا وشاهدنا هم تحملوا الكثير في غياهب السجون والغربة والمطاردة والمضايقة في العهد الصدامي المقبور , ولكنهم عندما عادوا للعراق ومارسوا دور الحكام وجدناهم لا يلتفتون إلى أوجاع ومنغصات المواطنين ونسوا عهودهم ووعودهم , فضخامة الرواتب الخرافية والاستحواذ على المكاسب إلا محدودة قد أنستهم الحالات المزرية التي يعيشها الآن المتقاعدون البؤساء , فاتقوا الله يا سادة يا كرام وارحموا الفقراء لأنهم عيال الله وان الله بالمرصاد لكل ظالم ولكل متحكم بمصائر الفقراء والمتقاعدين والذين منهم الكثير الكثير الذين تسنموا ارفع وأسمى الدرجات الوظيفية العالية والسامية وهم الآن يتقاضون رواتب اقل بكثير ممن يتقاضاه الشرطي والجندي وليس معنى هذا بأننا ( المتقاعدون ) ضد الرواتب هؤلاء الذين نعتمد عليهم في أمننا واستقرارنا والذين تحملوا ومازالوا يتحملون المتاعب والسهر والاغتيالات من اجل الوطن والمواطن , فألف ألف عافية لهم والمزيد المتزايد لرواتبهم ولكن الذي نريد قوله أن تكون خزينة الدولة توزع حسب الاستحقاق الأصولي والمعقول والمقبول والعادل , فنحن معشر المتقاعدين نريد منكم أيها البرلمانيون أن تنظروا لواقعنا المرير ولظروفنا الاقتصادية المتعبية ولمعيشتنا الرثة بعين التعاطف والعدالة وليعلم كل الموظفين في الدولة ( ماعدا الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة ) بأنهم يجب أن يتضامنوا ويتعاونوا ويساندوا المتقاعدين لأنهم في يوم أو سنة أو أكثر سيتقاعدون ويعانون ما نعاني ... أما قيادتنا المخملية فأنهم يظلون يعيشون في بذخ وبطر وتبطر سواء ظلوا في مناصبهم البهيجة أو تقاعدوا وإنهم ( كالتي بيتها على الشاطئ كلما مدت يدها اغترفت ما تشاء ) ( يمسعده وبيتج على الشط منين مامديت ايدج غرفتي ) فالمذهل والمدهش أن قياداتنا تتقاضى رواتب تقاعدية فلكية وأسطورية وان مدة خدمتها لا تتجاوز الأربع سنوات ودوامهم الفعلي خلالها هم اعرف الناس به ... فاه أواه واحسر تاه على تسرعنا بمنحكم أصواتنا وبيعتنا التي سوف لم ولن تتكرر مستقبلا وان تكررت فيا ليت عقولنا نستبدلها بحفنة رماد , ونحكم على أنفسنا بأننا جهلة ومغفلون ومخدعون , فقد طفح الكيل وتجاوز حده , وإذا برز في تونس الخضراء شاب واحد قد حرق نفسه احتجاجا ورفضا على معاناته وتعاسته وبذلك قد احرق كل الأوراق المتهرئة وحقق لتونس المعجزة ... فهل تريدون منا نحن ( المتقاعدين ) يا قادة يا كرام أن نحرق أنفسنا بالجملة حتى تمنحوننا الحقوق المشروعة , فتبا وسحقا لحياة الذل والمهانة , فعيشة بالذل لا نرضا بها وجهنم بالعز افخر منزل فقد صبرنا وصبرنا فإلى متى نعتصم بالصبر المر ونقول :
وصبرا ثم تنكشف البلايا
ويفتح للمصابر ألف باب
كل المسائل مرة
وسكوتنا عنها أمر
فيا أيها البرلمانيون إن فضلنا عليكم لكثير وكبير لأننا بأصواتنا منحناكم هذه الكراسي التي تحتلونها فتعاطفوا معنا ولا تتنكروا لعطاءاتنا وعند الله تحتكم الخصوم .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
حمزة علي البدري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat