صفحة الكاتب : علاء كرم الله

الوجه الآخرلأردوغان؟!
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ اكثر من أسبوعين وتركيا الأردوغانية تعيش حالة لم تألفها منذ بداية حكم أردوغان وحزبه (حزب التنمية والعدالة) عام 2003 حيث يتظاهر اللألاف من الأتراك  في أنقرة وفي ميدان (التقسيم) وسط أسطنبول وباقي المدن التركية  الأخرى مطالبين بأستقالة أردوغان!! غير مبالين بنداءات أردوغان لهم بأنهاء التظاهرات و  بتصدي قوات الدرك التركي لهم،والملفت للأنتباه ان المتظاهرين لم يكونوا من حزب الشعب المعارض القوي لأردوغان بل كانوا من جميع شرائح المجتمع يتصدرهم المثقفون والأدباء والفنانون  بما فيهم (عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني!) الذي أبدى تأييده للمظاهرات رغم مفاوضات السلام التي يجريها مع الحكومة التركية حيث أعرب برسالة من سجن (أمرلي) الذي يقضي فيه حكما بالسجن مدى الحياة (أجد حركة المقاومة ذات معنى وأحييها داعيا المتظاهرين الى الأنتباه من أية أستغلال من قبل الحركات القومية التركية). وقد تفاجأ العالم من مشهد التظاهرات تلك وهي تهتف  بسقوط أردوغان! الذي قدم الكثير لأقتصاد تركيا و أوصل الدخل السنوي للفرد التركي الى مديات من الرفاه الأقتصادي  لم يكن يحلمون به!، وكان العرب الأكثر تفاجأ بهذه التظاهرات!! لكونهم كانوا من المعجبين بسياسة اردوغان وتجربة حكمه الأسلامية الديمقراطية حتى صار الأنموذج الذي يراد تقليده أو يتمنون الوصول اليه!. ولكن هل رغيف الخبزوالرفاه الأقتصادي كاف للأنسان الذي خلق وهوحروينشد الحرية ؟،وماذا يعني رغيف الخبزوالتطور العمراني والأقتصادي أمام كبت الحريات؟، ومحاولة تغيير البنيان العلماني لتركيا منذ مؤسسها (أتاتورك) بداية القرن الماضي الذي يعتبره غالبية الأتراك الأب الروحي لتركيا الحديثة، الذي فصل الدين عن السياسة وألغى المدارس الدينية ورفض أرتداء النساء الحجاب ومنعه أولا عن زوجته!ولأنه ضابط وعسكري مرموق أعطى للجيش هيبة كبيرة وأصبح العسكر هم أصحاب الحل والعقد في تركيا، لحين أستلام (أردوغان) وحزبه الأسلامي (التنمية والعدالة) مقاليد الحكم بعد فوزهم بالأنتخابات عام 2003 الذي أعاد فتح المدارس الدينية لتخريج الخطباء وأئمة المساجد! وأعلانه صراحة بأنه يسعى الى تخريج جيل متدين، حيث جعل لكل (350) فرد جامع!! مقابل مستشفى لكل ستين ألف تركي!أضافة الى تقليمه أظافرجنرالات الجيش الكباروأقالة الكثير منهم  بتهمة التآمر؟!.فقد كشفت التظاهرات زيف الكثير من ادعاءات أردوغان  وتناقظاته، وأسقطت عنه برقع الديمقراطية الكاذب الذي طالما أخفى شخصيته الدكتاتورية المقيته تحته!! عندما سمعه العالم وهو يوجه قوات الشرطة والأمن بأستعمال القوة في قمع المتظاهرين وأسكات أصواتهم بكل الوسائل المتاحة (قنابل المسيلة للدموع،خراطيم المياه الساخنة، الهراوات وغيرها) كاشفا بذلك عن وجهه الحقيقي القبيح والذي لا يختلف فيه عن الحكام العرب الذين لا يفهمون غير لغة القوة في أسكات من يعارض حكمهم!.وقد اقلقت مشاهد المتظاهرين  العالم كله والصور التي نقلتها الفضائيات و القسوة المفرطة التي عوملوا بها  من قبل قوات الشرطة وكانت الولايات المتحدة الأمريكية  الأكثر قلقا على الأوضاع  لعدها الحليف الأستراتيجي لتركيا، حيث ذكرت المتحدثة بأسم البيت الأبيض الأمريكي (كاتلين هايدن) معلقة على مايجري في تركيا (نحن نواصل متابعة الأحداث في تركيا بقلق وما زال أهتمامنا بدعم حرية التعبيروالتجمع بما في ذلك حق الأحتجاج السلمي، وبأننا نعتقد أن أفضل ما يضمن أستقرارتركيا على المدى الطويل هو تقرير الحريات الأساسية المتعلقة بحرية التعبيروالتجمع ووجود أعلام مستقل) الى هنا أنتهى تعليق المتحدثة بأسم البت الأبيض. وقد تقف أسباب داخلية وخارجية وتراكم سنوات وراء انفجار تلك التظاهرات التي يبدوا أنها سوف لن تنتهي! لأصرار المتظاهرين على المضي بمطالبهم بأسقاط حكومة أردوغان! 

 

ومن  الأسباب الداخلية:

1- في عام 2008 ألقى أردوغان خطابا في مدينة أرباك التركية بمناسبة الأحتفال باليوم العالمي للمرأة نصح فيه الأخوات العزيزات بأنجاب 3 ويفضل 5 أولاد! ، وقد أشارت بعض الصحف التركية حينها معلقة: بأن أردوغان يود الأحتفال باليوم العالمي للولادة بدل اليوم العالمي للمرأة!.

2- عام 2010 أعترف أمام منظمات نسائية في قصر (دولمة بهجة)بأنه لا يؤمن بالمساواة بين المرأة والرجل!!.

3- عام 1994 قال لأحد الموظفات عندما كان أردوغان رئيس بلدية أسطنبول بأنه لا يجب السماح للنساء بخوض السياسة وأستلام القيادة السياسية لأن  ذلك مخالف لطبيعتهم البشرية!.

4- مرة تظاهر الممثلون بسبب قراربرفع مسرحية من الجدول الزمني للموسم المسرحي لأن السلطات شعرت بأن المسرحية مبتذلة للغاية. وعلى الفور أعلن أردوغان بأنه لا بد من خصخصة المسارح التي تمتلكها الحكومة.

5- وفي أحد المرات صادف أن تصادمت أبنة أردوغان (سمية) مع أحد الممثلين وكان ذلك في أبريل من عام 2011 بعدما راح يقلد طريقتها في مضغ (العلكة)، فخرجت من المسرح وأشتكت الممثل الى والدها الذي سرعان ما أرسل أستدعاء الممثل للمحكمة!!.

6- أما النحات التركي (محمد أكسوي) فكان يقول أن سياسة أردوغان تقود الى الدكتاتورية، وكان هذا الفنان قد نحت تمثال (الأنسانية) المخصص للسلام بين الأرمن والأتراك، ألا أنه دمر التمثال لأنه لم يعجب أردوغان!

7- ومثلما أشار المؤلف (نديم غورسيل) بأن تركيا تزداد تدينا في عهد أردوغان، يقول عازف البيانو الشهير(فاضل ساي) لم نتفاجا بما يفعله أردوغان، أليس هو من أراد ألغاء الباليه!.هذا على صعيد تراكمات وسياسة أردوغان الداخلية.(ماورد أعلاه نشرة قبل فترة طويلة على أحدى مواقع الأنترنيت)

أما على صعيد السياسة الخارجية: فقد تعامل أردوغان مع الأحداث التي عصفت بالمنطقة ولا زالت منذ ما يسمى بثورات (الربيع العربي)، بطريقة لم تكن مقبولة ومرضية من قبل شعوب تلك الدول، حيث جلب لتركيا الكثير من الأنتقاد الذي وصل الى حد الكره! لأنه لم يتعامل مع الأحداث بطريقة الدولة الأقليمية الكبرى التي تريد السلام  والهدوء للمنطقة وتبعد عنها أية توترات وصراعات أقليمية، بل انه تعامل بطريقة (ماسك عود الثقاب) هنا وهناك ليزيد من اشعال الحرائق! مما زاد من حدة التوترات في المنطقة، كما أنه لم يتعامل بسياسة القرار التركي الداخلي المستقل! بقدر ماتناغم تعامله مع الأحداث وجاء أتساقا مع توجهات  دويلة قطر والسعودية وأسرائيل التي تريد ألحاق أكبر الضرر بالأمة العربية وخلق حالة من الفوضى والنزاعات المذهبية والعرقية بين شعوبها وبتوجيه من أمريكا!!.وما أستمرار الأزمة الدموية في سوريا ألا بسبب تدخل الأطراف الخارجية فيها( أمريكا، روسيا، الصين،قطر، السعودية ، أيران ، لبنان ممثل بحزب الله، وتركيا تحديدا التي لعبت دورا واضحا ورمت بكل ثقلها السياسي والدبلوماسي والعسكري والتسليحي واللوجستي والمخابراتي لدعم المعارضين !) ضد حكم الرئيس بشار الأسد.ناهيك عن تدخلها الواضح بالشأن  العراقي الداخلي وتأجيجه للصراع الطائفي تارة وتارة لتأجيج الصراع القومي بين العرب والأكراد لدفع العراق الى حافة التقسيم!.، من خلال دعمه لبعض الأحزاب والشخصيات السياسية  المؤثرة في الموصل وكركوك! ولا يستغرب ما يفعله أردوغان بسياسته الخارجية تلك فهذا الأفعوان! لا زال ينظر الى العراق وباقي الدول العربية بأنها مقاطعات أقتطعت من جسد الدولة العثمانية بداية القرن الماضي!.أن سياسة أردوغان الخارجية تجاه الأحداث الجارية في المنطقة جلبت له الكثير من المشاكل  والأنتقاد الذي لا يخلو من الكره وخاصة بعد ان أكتشف الجميع كذبة(باخرة مرمرة) للمساعدات الأنسانية لأهالي غزة!والتي أدت الى مقتل عدد من الأتراك على أيدي الجنود الأسرائيليون، فبالوقت  الذي كانت الصحف التركية القريبة من الحكومة تندد بأسرائيل وكان العرب مبهورين لمواقف اردوغان الأعلامية  ضد أسرائيل كان هو!! يوقع المزيد من الصفقات العسكرية سرا مع أسرائيل التي ترتبط أصلا بعلاقات ستراتيجية طويلة مع تركيا ومنذ عهد سلاطينها الأسلاميين!! فهل يعقل بعد ذلك أن يكون أردوغان  ناصحا مع العرب ويريد لهم الخير؟!!، وهاهي سياسته الخارجية المتطرفة والمتدخلة بالشأن الداخلي للدول العربية  أدت الى أشعال المزيد من الحرائق بالمنطقة حتى وصل  لهيبها أليه!!.ويبقى السؤال المهم هل يستطيع اردوغان أحتواء هذه الأزمة التي جعلته يترنح من شدة مفاجأتها!أم هي بداية لربيع تركي! لربما سيعيد الكثير من الحسابات في المنطقة التي لا تزال حبلى بأحداثها؟!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/16



كتابة تعليق لموضوع : الوجه الآخرلأردوغان؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net