صفحة الكاتب : كريم مرزة الاسدي

انتصاراً للمرأة العربية ... ( 1 )
كريم مرزة الاسدي

 المرأة والرجل بين التوازن المطلوب والغزل المحبوب في  الزمن المنهوب
 
خدعوها بقولهم حسناـــــء*** والغواني يغرهن الثنــــاء
جاذبتني ثوبي العصي وقالت *** أنتم الناس أيها الشعراء
فاتقوا الله في قلوب العذارى ***فالعذارى قلوبهن هــــواء

رويدك لا ترميني بحجارة من سجيل، فأنا ذلك الإنسان الظليل ، الذي يركع لإبداع الجليل ، ويهوى خلقه الجميل ، ولم يضل السبيل، ولن يضله ، ولكن هذا العصر العربي العميل ، والجاهل العليل منذ زمن طويل - ولا أخصّ بلداً بعينه -  بظلامه وظلمه قد فرض واقعاً ظلامياً مريراً ، يتوجب فيه على المفكرين والمثقفين والشعراء والأدباء ، أن يزيحوا الغمة عن هذه الأمة ، لذا أدعو لسدّ الخلل الاجتماعي العربي  الخطير الذي وضعنا في أدنى الركب الإنساني حضارة ، وأفرغنا من محتوى الذوق الجمالي للأمة وحضارتها وتراثها الزاهي ...، حتى وجد الآخرون منه ثغرة للإساءة إلينا ، بل والاشمئزاز منا بتحريض ومبالغة في إبراز السلبيات من قبل وسائل إعلامية عالمية، وما نحن بغافلين عنها   ، وهذه ليست دعوة للتبرج الجهول ، وإنما للتفهم المعقول ، وللتماهي بجمال الخلق والخلقةّ !! ، نعم ليس بالتبرج ، ولكن بالعفة الواثقة بنفسها ، وجرأتها ، والمتفهمة لحقوقها وواجباتها  ، ولذائقة وأناقة وجمالية إنسانيتها وذاتها ، كما أنجبتها الطبيعة ، وأرادتها مشيئة الله  ، والرجل عندما يلبّي دوافع غريزته صدقاً وحقاً ، قولاً لا فعلاً إلا وفق ما أقرته الشرائع والقوانين والأعراف السليمة، لتنظيم العلاقات الاجتماعية ، وتثبيت أحقية النسل والإرث ، وصلة الرحم ، وإلا فالتلطف لطيف ، بالقول العفيف ، والمليح الطريف   كما يقول الجواهري العظيم في(جربيني))- سنأتي عليها -:
فقربيني من اللذاذة ألمسها*** أريني بداعه التكوين
فيهما دافع الغريزة يغريني** وعدوى وراثة تزويني
    الجواهري هنا لا يركن للخيال الشاعري ، وإنما يدلي بمعلومة كمنت في السرالخافي ليشهرها بالإعلان  الظاهري سيان ببداعة تكوينها ، أوإغراءغريزتها ، أو عدوى وراثتها ، والشعراء الشعراء في لحظات الإلهام الشعري ، قد يجهرون وبإباحية  بما يكمن في أنفسهم ، وبما يكتم غيرهم  تحت ستار الفضيلة المزيفة ( من برة هالله الله ، ومن الداخل يعلم الله ههههه!!) ، كم تاجر بعفتك أيتها الفضيلة الجميلة المنافقون والمخاتلون والدهاة المحتالون  ، واللذين يفعلون ما لا يقولون  ، ويقولون ما لا يفعلون ؟!! على مَن تعبّرون ، ولله عيون وعيون ، ولا أظن الشعراء الكبار وعباقرة الفنون الجميلة بقادرين على  إخفاء ما يكتمون من أحاسيس جمالية  ، ولك ولي  أن أقول   عندما يفتح العهر أمامك كل أبوابه  ، والظلم  يسيّدك بجميع قدراته ، والمال يمنحك جلّ مغرياته   ، ولا تسقط  بهاوية ضلال الشيطان   ، وتصمد  بجبروت الإنسان الإنسان ، وتحترم ضميرك ، قبل أن تخاف ربّك  ، تلك هي الفضيلة !!     
 مهما يكن من أمرك وأمري ، والله يدري ، وأنا وأنت لا ندري حتى بما نحن ندري !!  المرأة يرضي الثناء  غريزتها زهواً ورقةً  بالإعجاب ، أ والغزل البريء العفيف  ، فستزداد تماهياً ، وثقة بالنفس،وبالتالي عطاء للنوع والحياة والحضارة  ، يقول أحمد شوقي من (خفيف) غزله:
خدعوها بقولهم حسناـــــء*** والغواني يغرهن الثنــــاء
جاذبتني ثوبي العصي وقالت *** أنتم الناس أيها الشعراء
فاتقوا الله في قلوب العذارى ***فالعذارى قلوبهن هــــواء
هذا هو الحال ، الغواني والثناء ، والناس والشعراء ، والقلوب الهواء ...!! بل هذا شأن الطبيعة كلها ، يقول العبقري الخالد ابن الرومي  ، وهو أول من ربط بين الطبيعة والمرأة قائلاً   :
ورياضٍ تخايل الأرض فيها*** خُيلاء الفتاة في الأبرادِ
وكأنما أراد أن ينبهنا  أنّه أول من أكتشف هذا الربط بين مخلوقات الله الحية النباتية والحيوانية ، ولِمَ لا يكون قوس قزح تبرجاً كونياً  بألوانه الزاهية ، مهما يكن  نرجع لابن الرومي وإلحاحه على توليد المعاني والصور ، وتقليبه إياها من جميع النواحي حتى يستنفذها تماما ، ولايدع لك ولنا مطمعاً فيها ، على حد  قول ابن رشيق في (عمدته) ، وابن خلكان في ( وفياته)، اقرأ لابن الرومي وربطه مرّة ثانية وثالثة بين الرياض الزاهر ، والفتاة الزاهرة  :
تبرّجتْ بعد حياءٍ وخفرْ *** تبرج الأنثى تصدت للذكرْ
ولما يصف العنب ، يشببهه بالقراط  ( التراجي) :
لو أنّه يبقى على الدهور *** قرّط آذان الحسان الحورِ
وحتى في الرثاء يلح في هذا التشبيه متقصداً ، ففي رثاء يحيى بن عمر الطالبي المقتول 250 هـ  في عصر المستعين على يد عبد الله بن طاهر يقول :
لمن تستجد الأرض بعدك زينة ***  فتصبح  في أثوابها تتبرجُ ؟
منذ العصر العباسي الثاني (232هـ ) ، أي من أيام هذا ابن الرومي  البغدادي  ، بدأ التخلف الاجتماعي والفكري والحضاري والمدني والديني ( بروز ظاهرة الطائفية) ، ينخر في جسد الأمة ، إذا اسثنينا عصر المعتضد العباسي ( 278 هـ - 288 هـ) ، وتوالت النكبات ، ووضعت المرأة في غياهب النسيان ، كمجرد نسوان ، وهيمن التسلط  الذكوري على مقاليد   القيادة في جميع المجالات ، والطبيعة تأبى الخلل في توازن عناصرها ، وأي خلل يؤدي إلى مآسٍ رهيبة ، وكوارث رهيبة ، لا يعلم مداها إلا الله ، من هنا أدرك الإنسان بدليل التجارب ، والمشاهدات الدقيقة  لظواهرالطبيعة ، ما يسبب الخلل في توازن المواد الغازية والسائلة والصلبة ، بل حتى التواازن بين وجود الحيوانات وأنواعها فيما بينها من جهة  - كي لا ينقرض أحد الأنواع  -  وبين أنواع  النباتات من جهة ثانية ، وبين أنواع النباتات فيما بينها ،وبين الكائنات الحية ، والمواد الطبيعية غير الحية،ولهذه الدورات ، شبكة من ( التوازن الطبيعي) الدقيق في الحياة والكون ، وما المرأة والرجل - كجزء من هذا الوجود - إلا متكاملان ، متوازنان، وإن أيّاً منهما يتخذ قراراً انفرادياً سيان على المستوى الأسري ، أو الجمعي، سيؤدي حتماً إلى عواقب وخيمة لا يعلمها ‘لا الله ، ومن هنا تُشن الحروب ،وتُنهب الأموال ، وتخلق الفوضى ، وتنعدم الرحمة ، مشورة الرجل للرجل ، والمرأة للمرأة ، لا تكفيان ، فبأيّ آلاء ربّكما تكذبان ،   
"إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ  وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ" ولله الأمر من قبلُ ، ومن بعدُ ... 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم مرزة الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/14



كتابة تعليق لموضوع : انتصاراً للمرأة العربية ... ( 1 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net