صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

ديالى بين الخراب والإرهاب
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مدينة البرتقال ، جميلة بأرضيها الخصبة ، ومياها العذبة المتدفقة من جبالها الشامخة والتي يحتضنها شلال مائها نهر جميل، وتسود بين بساتينها خضرة غناء ، وأهلها الطيبون كطيبة أرضها، ومائها والهواء، امتازوا بطيب المعشر ودفء العلاقات الإنسانية...
عاشت هذه المدينة ، حياة العزلة ، والإرهاب معاً ، فلم يكن حالها أحسن من حال باقي المحافظات ، من سوء في الخدمات ، ونقص في المشاريع الخدمية والاستثمارية ، وما زاد من محنة مدينة البرتقال ، تعشعش الإرهاب فيها ، حتى أصبحت أسيرة ،كما عانت من قبل النظام السابق من الإهمال والتهميش حالها حال باقي مدن العراق، ولكن المعانات الحقيقية كانت ما بعد النظام السابق فقد ضربها الإرهاب الأعمى، وقضى على جميع أنواع الحياة فيها .
فكانت المحافظة رقم واحد في سيطرة الإرهاب والقاعدة على جميع مفاصل الحياة في هذه المحافظة، وعاثت قوى الإرهاب الأسود ، وأوغلت قتلاَ على الهوية وفسادا وتخريب ، مما جعل المحافظة مدمرة مخربة محطمة لا أمل يرجى في أعادة الحياة أليها فكانت مدينة أشباح من العصور الوسطى.
ارهابيوا داعش فتحوا عدة جبهات في نحو خمس محافظات عراقية (صلاح الدين، ديالى، كركوك، بابل، كربلاء)، وذلك عشية قيام قوات عراقية بغلق مدخلي مدينة الفلوجة الجنوبي والشمالي بالحواجز الكونكريتية تمهيدا لاقتحامها عسكريا بعد حصار طال لنحو ثلاثة شهور بعد أن وقعت تحت سيطرة التنظيمات المسلحة ، فكان التحرك الإرهابي نحو مدينة ديالى والتي عادت إليها خفافيش الظلام ، وعاثت فيها قتلاً وتخريباً من جديد ، والتي بدأت تتسع وتنشط في ظل عدم متابعتها استخباراتياً، كما أن وجود حواضن وخلايا لتنظيم القاعدة في المناطق المحيطة بالقضاء، تتكون من أبناء وأقارب العناصر الإرهابية والانتحاريين الذين قتلوا على يد الأجهزة الأمنية هو الآخر كان سبباً في توسيع ظاهرة الإرهاب في المحافظة ، كما أن قيادات القاعدة العائدين من سورية والمحافظات الأخرى يديرون تلك الخلايا ويغذونها بالأفكار المتطرفة والانتقامية في محاولة لزعزعة الأمن وإعادة مشاهد القتل من جديد فيها .
مدينة الخالص التي أصبحت عبارة عن سجن مغلق بسبب الاستهداف الإرهابي المتواصل، وتنامي نشاط خلايا الجيل الثالث "الأبناء والأقارب"من تنظيم القاعدة، إلى جانب الإجراءات الأمنية التي أغلقت جميع منافذ الدخول إلى القضاء ما اثر سلبا على مصالح المواطنين.
هذا التأخير في ملاحقة العناصر الإرهابية ، في ضربات أستباقية ، وتنشيط الدور ألاستخباري ، انعكس سلباً على أمن المحافظة واستقرار الموطن ، كما أن ضعف القضاء وعدم تنفيذ مذكرات القبض ضد المطلوبين وإطلاق سراح المعتقلين العشوائي كان وسيلة قوة في تنامي خطر الإرهابيين في المحافظة ، ناهيك عن الأداء الفقير للأجهزة الأمنية من حيث المهنية والجدية وهي تعمل سطحيا، والكثير من عناصرها غير حريص على المستقبل الأمني والسياسي للبلاد ،الأمر الذي سهل عمل الفصائل الإرهابية في لملمة صفوفها، وتجنيد عناصر شابة تعمل في مختلف فصائل الحياة المدنية ومؤسساتها لصالح أهدافها ومخططاتها.
لهذا من المفترض العمل على احتواء وتأهيل عوائل الإرهابيين من قبل الدولة وعدم تركهم فريسة سهلة بيد عتاة الإرهاب ، وتجنيد الشباب ، من خلال دورات تاهيلية ليكونوا مساندين للقانون بدل تركهم فريسة الإرهاب ، والسعي إلى تفعيل دور القضاء ، وتنفيذ أحكام الإعدام بحق كل من يثبت بحقه جريمة الإرهاب ضد المواطنين الأبرياء العزل ، والسعي إلى تأهيل المحافظة ، وتخصيص المشاريع الاستثمارية والخدمية ، ومحاربة الفساد في الدوائر والمؤسسات ، والتأكيد على دور المصالحة الوطنية في المحافظة ، من خلال عقد المؤتمرات ، وهذه وظيفة الحكومة المحلية فيها من اجل تخفيف الاحتقان ، وتوجيه الرأي العام نحو القاعدة والإرهاب ، بدل أن يكون الشيعي عدو السني ، أو السني يعادي الشيعي ، لتعود مدينة البرتقال بهية زهية ، يسير نهرها بين أحضان أرضها ، ولا يبقى مكان لغربان الليل وخفافيش الظلام في ديالى الخضراء .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/26



كتابة تعليق لموضوع : ديالى بين الخراب والإرهاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net