ثورات الشعوب العربية ؛ مفارقات في مواقف الدول !
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مير ئاكره يي

إن الأهداف العامة لثورات الشعوب العربية هي واحدة بالأساس ، حيث إنها تتلخص في التغيير والاصلاح الشامل في النظم العربية الحاكمة ، وهي بأغلبيتها الساحقة ، وكما أثبتت التجارب التاريخية لها انها حكومات سلطوية تسلطية إحتكارية قائمة على القمع والجور والتلاعب والنهب الذاتي بالبلاد وشعوبها ومقدراتها وثرواتها . وما زال الطريق وعرة أمام الشعوب العربية الثائرة لتحقيق أهدافها في إعادة تأسيس نظم سياسية تنبني على قواعد العدل الاجتماعي والمساواة القانونية والديمقراطية وتبادل السلطة وتوزيع الثروات الوطنية توزيعا عادلا لا حيف فيه ولا إجحاف .
لكن الذي يؤسف عليه غاية الأسف هو المفارقات الغريبة والتناقضات العجيبة في مواقف بعض الأطراف السياسية ، وفي مواقف بعض الدول العربية وغير العربية من هذه الثورات الشعبية العارمة التي تجتاح موجاتها الكثير من البلدان العربية ، وقد تجتاح بلدانا أخرى في الأمد القريب . الملاحظ هنا إن هذه الأطراف والدول تؤيد ثورة وتخالف أخرى ، وتقف مع ثورة وأكثر وتصف أخراها بالفتنة والدسيسة والمؤامرة الخارجية . لذا فإن هذه المواقف تعتبر غير عادلة وغير مشروعة في الموازين الحقة والانسانية ! .
في هذا الشأن نرى أن ايران تقف وبكل وسائل إعلامها المختلفة وباللغات الفارسية والعربية والانكَليزية مع الثورات التي إندلعت في تونس ومصر والبحرين وليبيا ، لكنها إتخذت الموقف المعاكس والمضاد من ثورة الشعب السوري ضد دكتاتورية الرئيس بشار الأسد وعائلته وحاشيته الحزبية المتسلطة ، مع إن إستبداد وطغيان السلطة البعثية السورية وظلمها لا يقل عن بقية الأنظمة العربية إن لم يتفوّق عليها ، وبخاصة فيما يتعلق بقضية الشعب الكوردي في سوريا ! .
ونفس الأمر ينطبق على حكومة المملكة العربية السعودية ، حيث إنها تؤيد ثورة الشعب الليبي ضد السلطة الدكتاتورية للعقيد معمر القذافي ، لكنها خالفت ثورتي شعبي تونس ومصر ضد الرئيس زين العابدين بن علي والرئيس حسني مبارك المخلوعين ، لابل إن حكومة السعودية ذهبت الى أبعد من هذا تجاه ثورة الشعب البحريني بإرسالها قوات عسكرية وأمنية وعتادية وتسليحاتية [ قوات درع الجزية ! ] الى البحرين ، وذلك لقمع شعب البحرين الثائر جنبا الى جنب القوات العسكرية والأمنية البحرينية . وقد قمعت القوات العسكرية والأمنية البحرينية ، مع قوات درع الجزيرة لاحقا ثورة الشعب البحريني بكل قسوة وضراوة ووحشية ، حتى إنها تلاحق الثائرين في محلاتهم وأزقتهم وبيوتهم فتطلق النار المباشر عليهم ، أو تعتقلهم ، أو تخرب أملاكهم ، لا بل وصلت حالة القمع ذروتها بتخريب بعض مساجد المسلمين الشيعة في البحرين وإحراقها دون أيّ رعاية لقداسة المكان وفداحة العمل الاجرامي الذي قاموا به ! .
إن الشعب السوري مظلوم وعانى ويعاني كل أشكال القمع والاستبداد والظلم الشامل من قبل حكومة البعث السورية ، مثل الشعوب البحرينية والليبية وغيرها من الشعوب العربية إذن ، لماذا هذه المفارقات الغريبة ؟ ولماذا هذه المواقف التناقضية حيال ثورات الشعوب العربية التي تناشد التغيير والاصلاح والتجديد ؟ . برأيي إن هذه المفارقات والتناقضات في المواقف السياسية المذكورة تدل على ان تلكم الأنظمة أيضا هي أنظمة جورية وإستبدادية وإحتكارية شأنها شأن بقية الأنظمة المذكورة ، ولعل قادمات الأيام ليست البعيدة تنبؤنا بمفاجآت هامة أخرى ، لأن المنطقة حبلى بالمفاجآت والتشنج والاحتقان بسبب إستبدادية وجورية الأنظمة الحاكمة ! .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat