ردا على مازن لطيف بين ذي الكفل وحزقيال ضاع تراثنا
محمد السماوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد السماوي

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مرقد نبي الله ذي الكفل (ع) جنوب محافظة بابل والذي تزعم اليهود أنه مرقد حزقيال وذلك لكثرة ما افتراه الذين لا يتمنون الأمن والاستقرار لهذا البلد من صحفيين غير مهنيين ومأجورين وإلا فان الأهمية الدينية والتاريخية لا تثير المشاكل والبلبلة حول هذا المرقد الطاهر سواء كان لذي الكفل أو حزقيال لعدم الفرق بين (ذو الكفل وحزقيال ) بالنسبة للمسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات ولا تضيع تراثنا كما زعم الصحفي الموضوعي المحايد وما حفزني على الكتابة عن هذا المرقد الزوبعة الإعلامية التي قام بها البعض من داخل العراق وخارجه دون الوقوف على حقيقة الموضوع عن قرب أولا وما كتبه الزميل مازن لطيف عن زيارته للمرقد لعمل فلم وثائقي عن المرقد لأسباب لا نعرفها ولكننا نستطيع التنبؤ بها سلفا والسكوت عنها أولى وان كانت وظيفتنا الدفاع عن مقدسات بلدنا العزيز ورد المأجورين لإثارة المشاكل حول هذا المرقد ثانيا حيث كنت قد زرت المرقد ثلاث مرات الأولى كانت عام 19785 والثانية عام 1986 والثالثة عام 1999 واليوم تجشمت العناء للوقوف على ما ذكره الزميل في مقالته وغيره ممن لا ينظرون إلى النقاط الايجابية في تقاريرهم .
مرقد الكفل :
تقع ناحية الكفل جنوب مدينة الحلة على بعد 20 ميلا من المدينة ويرقد في قلب هذه الناحية نبي الله ذي الكفل (ع) وبعض قبور الأولياء ونبي الله ذي الكفل قد ذكر في القران الكريم في سورتين مباركتين \" الأنبياء وص \" وبناء المرقد الشريف جاء غاية في الروعة والجمال التاريخي والذي تفوح منه رائحة التاريخ قبة مخروطية ومنارة يتيمة ونادرة تحيطها زخارف نباتية وكتابات خطت بالخط الكوفي تعود الى العهد الايلخاني وقد ذكر لنا الرحالة وصفا دقيقا عن هذا المرقد ومنهم الرحالة \" نيبور \" الذي وصف لنا المرقد والمسجد بقوله ( ان في بلدة الكفل لا يوجد سوى سور داخلة قبر النبي والمسجد والجميع تحت رعاية عائلة من العرب )
يوم 13/4/2011 :
وصلت الى المرقد واستأذنت الدخول لا جراء تحقيق مصور حول المرقد واستغربت الموافقة من الجهة المختصة دون ممانعة لما ذكره الزميل مازن لطيف من ممانعة الجهة المختصة له بالتصوير فبادرت الى سؤال منتسب واقف في باب المرقد هل تمنعون التصوير داخل المرقد للوفود والصحفيين ؟
فأجاب : ان لكل دائرة قانون وتعليمات ولا يمكن لها ان تخالفها ولكننا نتسامح مع اغلب الوفود والصحفيين الذين يريدون نقل الواقع ولا نمانع من ذلك أبدا ولقد بثت اغلب القنوات الفضائية تقريرا مفصلا عن المرقد ومعالمه تجاوزت العشر قنوات عربية وأجنبية التي نشرتها الصحف والمجلات العربية والأجنبية وبعد ان تجولت وأخذت بعض الصور في المرقد خطرت في بالي عدة أسئلة سألتها الى أهالي المدينة لأنني لم أجد مخولا من المنتسبين يحق له أجراء اللقاء ومن هذه الأسئلة
- هل يفرق أهالي المدينة في ناحية الكفل بين حزقيال وذا الكفل (عليهما السلام ) ؟
فكانت الإجابة ومن أكثر من 20 شخصا تقريبا بين مثقف وغيره : إننا لا نفرق بين الأنبياء مطلقا ونقدسهم جميعا
- هل تفرقون بين المسجد ومرقد النبي :
فأجاب الأستاذ محمد الجبوري كلا ونعتبر ضريح النبي نفس المسجد من حيث الأحكام والآداب
- رأينا فقدان بعض قطع ألرخام التي كانت موجودة في المرقد وعددها ثلاثة . أين ذهبت هذه القطع ؟
فأجابنا احد المرابطين بسدنة المرقد لقد تم تسليم قطعتين الى دائرة الآثار وواحدة قد سرقت أثناء دخول القوات المحتلة الى المدينة
- وفي سؤال لأحد كسبة السوق : هل يمكن ان تبينوا لنا عدد الزائرين وديانتهم وجنسية الزائر وخاصة ان دكانكم قريب من باب المرقد ؟
نعم لقد تزايد عدد الزائرين للمرقد والمسجد عن ما قبل عام 2003 وخاصة ايام الخميس والجمعة والسبت والعطل الدينية وان أغلبهم من المسلمين من داخل وخارج العراق وأما الوفود الأجانب أصحاب الديانات الأخرى فيقصدون المرقد والمسجد بقصد السياحة والوفود تأتي من ايران باكستان والهند وتايوان وتايلند وفرنسا وبريطانيا وكندة وأمريكا وألمانيا والسعودية والبحرين ولبنان وسوريا ومصر والكويت واغلبهم مسلمين
- ما سبب زيادة عدد الزائرين ؟
سبب ازدياد عدد الزائرين هو الاستقرار الأمني للبلد بصورة عامة والاهتمام الذي شهده المرقد والمسجد من قبل ديوان الوقف الشيعي وكوادره واهتمامهم البالغ بتقديم ما يمكن تقديمه من خدمات وإعلام
بين زيارتين :
بعد ذلك قارنت بين مارأيته في زيارتي السابقة وزيارة اليوم لهذا المرقد فوجدت المرقد مهتم به أي اهتمام من نظافة وخدمة له ولزواره ووجدت كل معالمه وزخارفه وكتاباته موجودة في مكانها الا أنه بحاجة الى ترميم لجدرانه وأرضيته وسوره القديم فهو معلم عراقي ديني وتاريخي يستحق الاهتمام به من ديوان الوقف الشيعي وأما مقبرة التاجر اليهودي دانيال فهي ليست بأكثر أهمية من المنارة التاريخية التي تعاني الميلان الشديد وعرضة للانهيار والتقصير العمراني واضح في جميع معالمه ولا خصوصية لمقبرة دانيال اليهودي عن مرقد النبي ومقام ومسجد الإمام علي
مقام الإمام علي (ع)
في عام 36 هـ مرَّ الإمام علي –ع- في مدينة الكفل والتي كانت تعف آنذاك بالنخيلة وكان له محطة للصلاة والدعاء والموعظة عند قبر نبي الله ذي الكفل –ع- وله في هذا المقام مجموعة من الخطب المباركة التي سجلها لنا الشريف الرضي في نهج البلاغة وكان له مرور آخر أيام واقعة صفين ومرور ثالث أيام واقعة النهروان وباتخاذ الإمام علي المرقد مقرا ومقاما له ازدادت قدسية هذا المكان لدى المسلمين فاتخذه مسجدا لهم وأقاموا فيه صلواتهم جمعة وجماعة
مسجد الإمام علي – ع- النخيلة التاريخي :
لقد اتخذ المسلمون على مرقد نبي الله ذي الكفل مسجدا لهم وأقاموا فيه صلاتهم وعبادتهم وكان أول إمام لهذا المسجد هو راوي حديث الإمام علي -ع - \" عباد بن الربيع \" واستمرت الصلاة في المسجد الى العهد الايلخاني حيث جدد بناء المرقد والمسجد بأمر من السلطان اولجايتو محمد خدابندا (703 – 716 هـ ) فأقيمت به صلاة الجمعة والجماعة وبإمامة السيد الجليل \" تاج الدين الآوي الافطسي \" ( رحمه الله ) الى أن قتل بمكيدة دبرها اليهود له هو ونجليه عام ( 711 هـ ) على نهر دجلة ومع ذلك استمرت الصلاة فيه .
قضية تطاول اليهود الأولى (1840 م) :
قبل عام 1860 م أي أيام الاحتلال العثماني سعى اليهود لطمس معالم المسجد طمسا مدروسا لا يبقي أثرا و لا رسما لهذا المسجد والمقام المعظم للإمام علي –ع – وبدعم كبير من الحكومة العثمانية المحتلة وبالفعل هدموا جزءا من سوره وقاموا باطلاء زخارفه الايلخانية بزخارف وكتابات حديثة وحولوا محرابه الى محفل لعبادتهم مما أثار ضجة كبيرة لدى المسلمين وخصوصا الشيعية منهم وفي حينها تدخل السلطان مصطفى نوري باشا لنصرة المسلمين وبعد أن دفعوا له ر شوة مالية سمح لليهود بالتجاوز على معالم المسجد وبحسب ما يشتهون
قضية تطاول اليهود الثانية (1860 – 1887 ) :
بعد أن هدم اليهود سور المسجد وقلعوا محرابه ودفنوا منبره وردموا بئره هدموا منارته الأولى والتي كتب عليها (الله محمد علي فاطمة حسين حسن ) وبنوا فوق قاعدتها غرف لإخفائها والى الأبد وبنوا على أسس سوره خانات ثلاثة ( قريش والسيف والتمر ) وبنوا اواوين داخل صحنه ودورا سكنية لهم على السور وفي صحنه وقد تصدى آنذاك الملا علي الخيري (رحمه الله ) مع أهالي مدينة الكفل لهذا التخريب والانتهاك للمسجد والمرقد والمقام فكتب كراسا صغير إلى الحكومة العثمانية في بغداد وتركيا وحضرت اللجان الى بغداد والكفل وبعد أن رنَّّ الأصفر في اذانهم أنكروا وجود المسجد والمنارة .
المرقد والمسجد ماض مؤلم ومستقبل مفرح :
بعد كل هذه الأحداث المؤلمة الماضية التي حلت على هذا المعلم الديني والتاريخي بسبب الجهل الذي كان يعيشوه فسقة اليهود المرتبطين بإسرائيل من اجل زرع الفرقة والخلاف بين المسلمين واليهود العراقيين وجعل مسالة المرقد والمسجد قضية سياسية وطائفية اليوم انتهى الخلاف وبدأت صفحات جديدة أضحت واضحة على وجوه أهالي المدينة من اجل أعادة تراث واثر نبي الله ذي الكفل أو حزقيل ومسجد الإمام علي ومقامه لينتهي ذلك الماضي المؤلم ويبدأ مستقبل مفرح لهذه المعالم الدينية
هذا ما شاهدته بأم عيني وكل ما كتبته سيجده الزائر الكريم بنفسه عند زيارته لهذه المعالم وفي نهاية الزيارة كلفنا أهالي مدينة الكفل ان نوجه نداء ً الى دولة رئيس الوزراء ورئيس ديوان الوقف الشيعي الإسراع بصيانة وتأهيل مسجد ومقام الأمام علي ومرقد نبي الله ذي الكفل (ع) وعدم التواني والتسويف في ذلك فقد نفد صبرنا وقل انتظارنا وكلنا أمل بهذه الحكومة ان تنفذ مطلبنا الشرعي والقانوني
دعوة الى الزميل مازن لطيف :
ارجوا أن تكون موضوعيا ومحايدا ووطنيا وان لا تفرق بين التراث الإسلامي وغيره باهتماماتك الصحفية والفكرية وان تنقل الحقيقة كما رأيت و ان تستبدل عنوان مقالك الى ( بين مازن لطيف و..... ضاع تراثنا ) محمد السماوي / صحفي
24/4/2011
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat