صفحة الكاتب : محمود كعوش

نص أدبي: هلوساتُ عاشقة (بطلةُ رواياتٍ وأسماءٌ مُسْتعارَة)
محمود كعوش

تسألني عن أحوالي وعن ما آلت إليه أمور حياتي خلال غيابك الذي طالَّ وطال؟  

تسألني وتُلِحُ في الأسئلةِ متذرعاً بالقلق والرغبة في الاطمئنان علي؟ 

تسألني وتريدني أن أُنصتَّ إليك بإصغاء واهتمام بالغين، وتريدني أن أجيب على أسئلتكَ بإسهابٍ ووضوح؟

لطالما أنصَتُّ لأسئلتكَ وتساؤلاتك المتلاحقة، ظني أني كنت خيرَ مستمعةٍ لكَ وخيرَ متفائلةٍ بوجودِكَ في حياتي ومستقبلي معك.

عجباً !! كلُ العجب !!

 كيف تسألني وقد عرفت أني كنتُ تلكَ الحسناءَ اللاهثةَ وراءَ الموعدِ المستحيلِ، ظني أنَ المستحيلَ مَعَ الأحبةِ جائزٌ، وأنَ لا مكانَ للمستحيلِ أو المُحالِ معَ الحُبِ، وأنَ في الآتياتِ مجالاً، بل مجالاتٍ وافرةً ومتنوعة. 

ياه، كم كنتُ ساذجةً، بل بلهاء !! ياهٍ وياه !!  

هل علمتَّ يوما يا من دأبَ طيفُهُ على زيارتي، ويا من طرق أبوابَ حلمي أنني غالباً ما كنت أسير وسط الزحام وأنا أكاد لا أعرف نفسي ؟

وهل علِمْتَّ أن أشياء كثيرة كانت تراودني وتداعب أحلامي ويتردد صداها في مخيلتي وأنا أعيشُ بأوديةِ الفراغِ وحيدَةً ملتهبةَ الظنون ؟

وهل عرفتَّ كم من المراتِ فقدت بوصلتي وأنا أسعى لوصالِكَ، فتاهت زوارقي في عبثِ الشجون، واحترقت معاطري وجَفَّ عبيرُها بينَ المباخِرِ، وبدا الوصالُ بعيداً بعيداً بعيدا ؟

أشياء قد لا يجدي ذكرها مع أني غالباً ما أنتظرتها بكثير من الأناةِ والصبر والأمل، خاصة عندما كانت تضن علي بالمجيء.

كنت أظن أنها لن تأتي أبداً، أو ربما تأتي بعد أن يمضي الأوانُ ويفوتَ قطارُ الشوق. 

بماذا ترديني أن اخبرك ؟

هل تريدني أن أخبرك أنني كنت أهم الى سريري كي أوهم نفسي بالنعاس والرغبة في الرقاد الذي جافاني مذ عرفتك ؟

أم أنك تريدني أن أخبرك أنني ما كنت أفعل ذلك إلا هروبا من الواقع المؤلم إلى عالم الافتراض، بل إلى عالم الخيالِ والوهم ؟

هل تريدني أن أخبرك أنني غالباً ما كنت أغفو لأصحو على موعد مع الشوق؟

 وهل أدركت يوماً مدى حبي لك؟ 

وهل وهل وهل، وألف هل وهل؟

نعم كنتُ تلكَ الحسناءَ الساذجةَ، بل البلهاءَ، اللاهثةَ وراءَ الموعدِ المستحيلِ، ولكني كنت أدركُ أن اليومَ المعهودَ لمْ يأتِ ليأتي معه الموعدُ المعهود، بل كنت أدركُ تماماً أنهما لن يأتيا أبداً!!

وكنتُ على الدوامِ أرسمُ من خيوطِ الوهمِ آمالاً عريضة، وأضربُ معَ الآهاتِ لنفسي مواعيدَ بعيدة، وأتصنعُ الابتسامةَ والفرحَ، بينما كانت جعبتي ملآى بكمٍ هائلٍ من الآلامِ والأوجاعِ التي لطالما أخفيتها عنكَ وعن الجميعِ عن قصدٍ وسابقِ إصرارٍ وترصدٍ، حرصاً على أنوثتي وحفاظاً على كرامتي، وحتى لا أخسركَ، علماً أنني لم أكسبك يوماً. 

وكنت على الدوامِ أنسى أو أتناسى أنَ أجمل ما في حديث الحب بالنسبة للرجلِ الشرقي هو أن تُشْعِرَهُ المرأةُ من وقتٍ لآخر بذكوريتهِ، أو تُذَّكِرهُ بها، لذا كنتُ أبدو كمن تتقن فن العشق في العالمِ الافتراضي، أو في زمن اللامعقول.

ولهذا أصبحت أنظر إلى من يغادرون عالم قلبي من الرجالِ بلا مبالاة، ودون أن أكلف نفسي عناء البحث عنهم، ولا حتى مجرد السؤال عن الجهات والبلدان التي قصدوها. 

وهكذا بِتُّ بطلة روايات الحب والرومانسية تلك، التي يُذكر فيها اسم الحبيب أمامها مرات عديدة ويبيت قلبها في انتظاره على مقعدٍ شاغر وسط حديقة وهمية، وهي تقسم مراراً وتكراراً أنها كانت عمياءَ القلبِ والوجدانِ، وأنها واصلت مسيرتها في طريقٍ رسَمَّتْ على جنباتِهِ أسماءَ مُستعارة !!

فبراير/شباط 2017 

kawashmahmoud@yahoo.co.uk


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود كعوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/18



كتابة تعليق لموضوع : نص أدبي: هلوساتُ عاشقة (بطلةُ رواياتٍ وأسماءٌ مُسْتعارَة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net