صفحة الكاتب : نبيل القصاب

هل الكورد لايستحقون اعلان دولتهم ؟
نبيل القصاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد أنتهاء الحرب العالمية الأولى  وتقسيم الأحتلال والاستعمار لدول الشرق الأوسط وشرق أسيا وشمال أفريقيا بين الدول التي خرجت من الحرب منتصرة ذات قوة ونفوذ  ولعقود من الزمن , توالت بعد ذلك اعلان استقلال  البعض واستمرار الأخرين , ثم حدثت أنعطافة جديدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتصفية مخلفات الحرب الأولى . واعادة النظر في الغنائم بعد أن برز البترول كمصدر قوي لأقتصاد الدول وتنشيط الثورة الصناعية في القارة العجوزة أوروبا ودول منطقة الخليج , بدأت الدول الكبرى بأقامة العلاقات والقواعد العسكرية في الدول الغنية بالبترول .
تلك العلاقات والتطورات أدت الى حرمان العديد من الشعوب في المنطقة من حقوقهم القومية والوطنية , رغم الأتفاقيات الدولية والوعود لهم , ولو أخذنا الشعب الكوردي كمثال على ذلك نجد أن تفكيك وتقسيم كوردستان الكبرى الى أجزاء منقسمة جغرافيا ً في دول العراق وتركيا وسوريا وأيران وحرمانهم من ابسط الحقوق . لهذه الاسباب أضطروا الى قيام الثورات ضد الحكومات واللجوء الى الجبال , رغم التفاوت الكبير في ميزان القوة .
الحكومات المتعاقبة في الدول الأربعة تعاقبوا على حرمان الشعب الكوردي من حقوقهم القومية وتعرضوا الى ابشع الجرائم الأنسانية وتعرضوا الى العديد من حملات الأبادة الجماعية وهدم قراهم وقصف مدنهم وعدم الأهتمام بأبسط متطلبات المعيشة في مناطقهم .
كان الأجدر بالدول الكبرى الأيفاء بالوعود للكورد وأيجاد الحلول المناسبة لهذا الشعب المظلوم , حالهم حال العديد من الدول الذين أعنلوا استقلالهم بعد سنوات من الأضطهاد . وتفككت دول عظمى مثل الأتحاد السوفيتي ويوغسلافيا . وحصل العديد من الشعوب على استقلاليتهم وحقوقهم القومية وحريتهم المطلقة واعلنوا دولهم وعملوا راياتهم ووضعوا الحان اناشيدهم الوطنية لدولهم ورسموا الحدود واصبحوا اعضاء في جمعية الأمم المتحدة , إلا الشعب الكوردي أستمروا متفككين ومنقسمين رغم انهم أصبحوا حوالي 45 مليونا ً في الدول الأربعة .
سوف أذكركم بعدد من الأمثلة حول بعض الدول :
* أندورا أو أمارة أندورا دولة صغيرة تقع في جنوب غرب أوروبا في جبل البرانس وعاصمتها اندورا لافيلا ,  حدودها مع أسبانيا وفرنسا ومساحتها 468 كم 2 وعدد سكانها حوالي 84 ألف نسمة فقط ( احصاء عام 2009 ).
*  الجبل الأسود أو مونتينيغرو , عاصمتها بودغوريكا  , في 31 ايار 2006 جرى استفتاء للأنفصال عن صربيا ( يوغسلافيا القديمة ) , وتبلغ مساحة الدولة 13812 كم 2 وعدد سكانها حوالي 650 ألف نسمة . مع العلم ان الجبل الاسود هي احدى جمهوريتي يوغسلافيا الجديدة واعلن استقلالهما عام 1991 و1992 ومن ثم اعلن استقلال الجبل الاسود نهائيا  في 3 حزيران 2006 .
* في عام 1992 اعلن استقلال دولة البوسنة والهرسك  ايضا ً , وفي عام 1999 اعلن استقلال أقليم كوسوفو .
* في عام 1993 أعلن تقسيم وانفصال جيكسلوفاكيا الى دولتين , الجيك وسلوفاكيا .
* بعد قتال عنيف لسنوات طويلة أعلن استقلال جمهورية جنوب السودان يوم 10 تموز 2011 , والانفصال عن جمهورية السودان ,  لتصبح أحدث دولة في العالم بعد استفتاء واتفاق للسلام ابرم عام 2005 .
انظروا الى تأريخ وعدد السكان والمساحة الجغرافية  لتلك الدول فستجدون الفرق الشاسع بينهم وبين عدد السكان والمساحة الجغرافية للشعب الكوردي , فلماذا الكيل بمكيالين من قبل أمريكا والدول الأخرى والأمم المتحدة ومجلس الأمن .
لماذا لايحق للشعب الكوردي اعلان الدولة والاستقلال ؟ وكل ما ذكر ذلك قامت القيامة وتذكر السياسيين في العراق و قادة العرب , الوحدة والأمة العربية , وأن العراق دولة واحدة ضمن الجامعة العربية , وغير قابل للتقسيم , متناسين غزو الدكتاتور صدام للجارة الكويت والعداء والحقد الدفين بين دول المغرب العربي , والمنافسة الخفية بين حكام الخليج للسيطرة على قمة البترول ؟ ومتناسين مايحدث من اضطهاد وقتل وحروب في سوريا واليمن والبحرين .
بعد انتهاء الخطط المدروسة من قبل أمريكا واسرائيل في منطقة الشرق الأوسط , بدؤا بتنفيذ المرحلة الثانية , ألا وهي الخلاص من عملاءهم من الرؤساء في دول المنطقة , وخلقوا مسرحية ربيع الثورات العربية . بدء ً من تونس والأنتهاء قريبا  في سوريا واليمن . وبدؤا بتعيين الموظفين الجدد في المنطقة . لتنفيذ تلك المخططات واعادة النظر في تغيير خارطة المنطقة , ولكن الشعب الكوردي واعلان الدولة الكوردية في الوقت الحاضر ايضا ً خارج حساباتهم .
الشعب الكوردي لم يعلن علنا ً اعلان الدولة والانفصال عن العراق , وعملوا يدا ً بيد مع اخوانهم في بناء العراق الجديد من بعد الدكتاتورية وشاركوا في اعادة كتابة  الدستور من اجل الحقوق القومية والوطنية للجميع دون أستثناء . والقيادة الكوردية كانوا دائما ً سباقين في اعادة التوازن السياسي وعقد المصالحات الوطنية بين الاطراف المتنازعة في العراق والمنطقة . ورغم كل ذلك إلا إنهم مغدورين ولم يبادر الحكومات المركزية والقوى السياسية بتنفيذ الاتفاقيات وتطبيق بنود وفقرات الدستور المتفق عليها اصلا من جميع الاطراف . ويتماطلون بين الحين والأخر في رسم العلاقات بصورة صحيحة .
لهذا نجد بين الحين والاخر ظهور اعلان الدولة الكوردية , مادة اعلامية دسمة للأعلام العراقي والعربي , من أجل تحريض الشارع العراقي والعربي ضد الشعب والقيادة الكوردية , متناسين أن الوقت والتاريخ غير ملائم لأعلان تلك الدولة لحاجة العراق لأمور كثيرة , ومتناسين تضحية الشعب الكوردي بحقوقه من أجل وحدة العراق ولانهم شركاء في العملية السياسية ومحافظين على وحدة العراق في الوقت الحاضر .
رغم كل ذلك فأن أجلا ً أم عاجلا ً سوف نرى ولادة واعلان  جمهورية كوردستان للشعب الكوردي , اذا استمر الحال بين المد والجزر من أجل اعادة الحقوق القومية والجغرافية للشعب الكوردي أسوة بالشعوب الأخرى . وإلا فأن الثورات والصراعات ستستمر طويلا ً بين الشعب الكوردي والدول الأربعة .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل القصاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/10/26



كتابة تعليق لموضوع : هل الكورد لايستحقون اعلان دولتهم ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net