حول انبعاث حركة تنوير عربية إسلامية من تونس
محمد الحمّار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أعتقد أنّ الوقت قد حان لكي يستسيغ أحرار تونس الوازع الإصلاحي الذي يفرض نفسه في هذه الظروف الوجودية الحالكة التي يعيشها الشعب التونسي ومن ورائه كافة الشعب العربي العظيم.
وإيمانا مني أنّ الأزمة التي يمر بها المجتمع التونسي تتجاوز حدود البلاد، الإيديولوجية والسياسية والرمزية والمادية بمختلف أبعادها، وأنها أزمة قد انطلقت من الوعي الشعبي المحلي لكنها ضاربة في عمق التربة الحضارية العالمية، فإني أتوجه إلى كل نفس متحضرة تحَضُّرَ الكِرام بنداءٍ للإسهام في حركة تنويرية سلمية شاملة.
ومن هذا المنطلق، وعلى عكس كل نفس معارضة كلاسيكية، لا أستثني أحرار جهاز الدولة من الإسهام المرتقب، وذلك لأسباب عدّة من أهمها أذكر:
1. إنّ طبيعة الأزمة تفترض عدم تحميل الدولة وحدها مسئولية الفشل، لأنّ ما الدولة إلاّ جهاز منفذ للسياسة دون سواها، ولا يتسنى لها بالتالي الاضطلاع بمهمة المُعلّم. ولمّا نعلم أنّ السياسة لم تعد تلك الصورة الوفية للوعي السليم حتى نلوم أصحابها (دون سواهم؛ المعلم والإعلامي والمثقف عموما) بتسليط القمع بواسطتها، بل راحت هي نفسها ضحية للأزمة الوجودية الكونية ، فإنّ الدور الذي بقي للدولة أن تلعبه في الحركة المقترحة لا يعدو أن يكون التفهم المسئول، وفتح باب التواصل أمام كافة الأطراف الفاعلة، الآن، وعلى مصراعيه.
2. إنّ المعارضة السياسية في تونس، كمثيلاتها في العالم العربي، خارجة عن الموضوع. وبالرغم من أني أوافق الغالبية (من هاته المعارضة) في كونها تعتبر، ضمنيا، أنّ الدولة ليست وحدها الضالعة في الأزمات والمحن الاجتماعية، إلاّ أني أؤمن إيمانا قاطعا أن ليس للمعارضة، كما ليس للدولة، أية موارد ومرجعيات إيديولوجية ذات فعالية ميدانية أو براجماتية تذكر في موضوع الخروج من ظلمات الوضع الوجودي الحالي.
3. إنّ الشعب العربي التونسي واعٍ لكنه غير متعلّم، لأنه مثل كافة الشعوب العربية، مدرّب على المهارات العلمية والتقنية وعلى التحصيل المعرفي الكتبي، إلاّ أنه غير مستبطن لآليات الوجود الفردي والاجتماعي المستقيم. والحال أنّ استقامة السلوك الوجودي هي المعيار النهائي الذي من المنشود أن تقاس به الجدوى من تحصيل العلوم والمعارف.
لذا لو اجتمعت لا قدّر الله هذه النواقص الثلاثة، من بين نواقص أخرى لم نتطرق إليها، في صلب حركة ثورية مفاجئة لا قدّر الله، فلن يكون مآل البلاد، ومن ورائها مآل البلدان العربية قاطبة، سوى إعادة إنتاج الرداءة متعددة الاختصاصات وما سينجرّ عنها من رتابة وقمع وقهر باسم الأبوية السلطوية مرة أخرى وثالثة ورابعة.
إذن من موقعي كمعلّم (ناجح والحمد لله)، شريك للدولة التونسية، أضم صوتي المختلف عن صوتها لكنه لا هو مُعارض لها ولا هو مُوالٍ لها، لصوت كل امرئ حرّ وصارم في المحافظة على استقلاليته الفكرية، لكي أقترح أولى المبادرات لفتح باب التنوير: أن يبسط كل المسئولين على القطاع الإعلامي في تونس ذراعيهم لاستقبال كل فكر مستنير، الآن.
فهل تسمع ندائي آذان صاغية فتنشر هذا المقال في صحيفة ورقية تونسية واحدة، لإقامة الدليل على حسن نوايا أصحابها، بشهادة مادة المقال وقرّائه الكرام؟
محمد الحمّار
"الاجتهاد الثالث": المُعلّم.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محمد الحمّار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat