صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

التاريخ الذي اصبح لعنة
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اطلاعي المتواضع على نصوص الكتب السماوية ، او بالاحرى ما سلم منها من التحريف ، جعلني اتحيز للقرآن الكريم باعتباره النص الالهي الاكثر اهتماما بسير الاولين والاكثر حثا على دراسة تلك السير . ولا يكتفي القرآن فقط بهذا الحث ، بل يتعداه الى الحض على رسم خارطة طريق مستقبلية تصان فيها كرامة الانسان . هكذا انظر شخصيا الى " فانظروا " ومشتقاتها الواردة في خير كتاب منزل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . يوما بعد يوم تتكشف لي بجلاء حقيقة مرة مفادها ان البلاد التي احتضنت اعرق الحضارات الانسانية وهطلت على اراضيها شآبيب رحمة الانبياء والرسل ورتلت بها سور الكتاب ترتيلا ، هي الاكثر بعدا عن المدنية والاخلاق اليوم . ابحث في سيرة النبي المحمد "صلى الله عليه وعلى اله وسلم" فلا اجد الا لوحة مموسقة من الخلق الرفيع تمتد الى ستة عقود . طبعا هنا لا اتحدث عن محمد الالهي الرسالي . اتحدث عن محمد الانسان الذي لقبه شانئوه بالصادق الامين وهو فتى رغما عن انوفهم وبمرارة العلقم . واتصفح في سيرة علي بن ابي طالب فاراه ارحم باعدائه من اصحابه الاجلاء . حتى ان الروايات تنقل لنا استياء اقرب مقربيه من تعامله المفرط بالرحمة مع مناوئيه . هذان مثالان فقط مما زرع على هذه الارض من مبادىء كانت كافية كي تحول المدر الى بشر . لكن النتيجة ان البشر الذي يفترض به ان يكون خليفة الله في الارض تحول الى ما هو اقسى من المدر والحجر وراح يقضم حقه وحق غيره كقضم الابل نبتة الربيع ، طاويا كشحا عن سيرة آباء مؤسسين منذ عشرات القرون . ومن اسف نرى اليوم التراب الذي لم تطأه قدما نبي او ولي او وصي هو اقرب للاخلاق والمدنية من ترابنا الذي تلوث بكل ما يسىء الى حرمة الانسانية وبني آدم . نتفاخر باننا اول من صنع العجلة وهانحن حتى هذا اليوم نجهل ما الذي فعله هذا الاختراع العظيم في تاريخ البشر ، ناهيك عن استخدام هذا الاختراع . ونتحدث عن اكتشاف الحرف وها نحن اكثر الناس جهلا بثورة الحرف والكتابة حتى صار علماء العجم والكرد والاتراك اعرف منا باسرار حرفنا المقدس ولولا الخدمات العلمية التي قدمها هؤلاء للحفاظ على لغة القران ، ولو لا عهد الهي بحفظ هذا الحرف من الاندثار لكنت الان اكتب هذا المقال بحروف سنسكريتية وربما مسمارية . اقل التقديرات تقول ان عدد الانبياء الذي نزلوا بكلمات الله التامات او بمبادئه السامية على اراضينا ، تجاوز الفا ومئتين ، الى جانب اضعاف هذا العدد من المصلحين الهداة . اشعر يوما بعد يوم اننا اصبحنا عدوا عمليا لكل فضيلة دعا اليها القران الكريم من صدق واخلاص واحترام الزمن والنظام والوفاء بالعهد والتزام سمت الحق ومحاربة الباطل و و و و . يروى ان النبي محمدا "ص" كان يرصف جنوده قبل المعركة على خط واحد اشبه ما يكون بمسطرة الهندسة . وانه اضطر ذات يوم لأن ينكز برفق بطن احد مقاتليه بعصا رقيقة حتى يستوي مع الاخرين . ونقل عنه عليه السلام حثه الدائم : الله الله في نظم صفوفكم ، حدث هذا قبل اربعة عشر قرنا فغيب منذ ذلك التاريخ ، لان احدا لا يتحدث بهذه الفضائل اليوم واقصى ما ينقل عن خاتم الرسل هو الحديث الموضوع : أمرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله . ايسر أمر علينا اليوم بان نتباهى بان اشور بانيبال منا والمشرع حمورابي منا وجلجامش منا وابراهيم النبي منا والاشرف منهم جميعا محمدا منا وعليا منا ، ونردد قول المرحوم الجواهري : " وقد حمدت شفيعا لي على رشدي ... أمّا وجدت على الاسلام لي وأبا - قف بالمعرة " ، لكننا نبدو عاجزين اكثر من اي وقت مضى عن التمثل بفقرة واحدة من سيرة هؤلاء الذين منحونا كل شيء لنستقيم ، لكننا تخلينا عن كل تركتهم لنعوج ونواصل الاعوجاج حتى يرث الله الارض ومن عليها . ترى من سيواجه الحساب الاقسى يوم غد ، امراة في خريف العمر تكدح من اجل عيالها في مجاهل افريقيا او الصين ولا عهد لها بالاسلام او بقرآنه أو نبيه ، ام مسلم جمع كل علوم القرآن والحديث في جمجمته لكنه كمثل ذاك الصابر المحتسب الذي يحمل اسفارا ؟ انها تركة التاريخ الثقيلة – حتى لا اقول لعنته - التي سنساءل على كل صغيرة وكبيرة فيها اليوم وغدا يوم ينادى : وقفوهم انهم مسؤولون . ولا ابرىء نفسي فانا اول اولئك ، ولات حين مندم

IRAQHAMID@GMAIL.COM


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/22



كتابة تعليق لموضوع : التاريخ الذي اصبح لعنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net