صفحة الكاتب : السيد يوسف البيومي

مأساة المعلم
السيد يوسف البيومي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله العزيز، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله النبي الأعظم وآله الطيبين الأطهار

أما بعد

تقديم

لقد هالني بعض ما اختبرته من حال التي وصلت إليه التربية والتعليم في الواقع الذي نحن عليه في البلاد العربية، بما أنها تسمى الدول النامية، وخاصة في لبنان، فعمدت إلى القلم لأعبر عن هذه الحالة بمقلة سميتها: مأساة المعلم

فإلى ما يلي من تفصيل

 

هل يعلم البعض ما هو حال التعليم في وقتنا الحالي، ونحن في الألفية الثالثة هل التفت الناس إلى من هم في هذا السلك المتعب وإلى ما يكابدون من المحن، وما يعانون في صمت، وهم يقدرون الرسالة الملقاة على عاتقهم، ويؤدون واجبهم دون نيل حقوقهم.. 

إن أول شخص يرد على ذهني وأنا أكتب هذه المقالة هو بطرس البستاني الذي لقب بـ "المعلم بطرس" أو "المعلم الأول" لأنه من أوائل الذين أنشأوا المدرسة الوطنية وعمل على مأسسة المدارس التعليمية.. 

فهل كان يظن "المعلم بطرس" ما وصل إليه العلم من تقدم باهر على مستوى الأدوات التعليمية المساعدة ووسائل الإيضاح المستخدمة في عصرنا هذا؟ 

ولكن مع كل هذا التقدم فإن هناك مشاكل ومتاعب يكابدها هذا السلك التعليمي بطرفيه ـ المدرسة والمعلم من جهة والتلاميذ من الجهة الأخرى ـ فيا ترى ما هي هذه المشاكل؟! 

للنظر عن كثب ومن منظار موضوعي فالمشاكل التي يعاني منها المعلم تنقسم إلى قسمين: 

القسم الأول: له علاقة في تشيخص الغايات الكبرى للتعليم، والخطوط العريضة له. 

القسم الثاني: هو مرتبط بعلاقة التلميذ بالأستاذ ومن وراءه المؤسسة التربوية، والعكس بالعكس، وحالة العنفية التي آلت لها هذه العلاقة. 

ما هي الغايات الكبرى من التعليم؟! 

من هنا يجب العودة إلى دور المدرسة التربوية ليس فقط من ناحية التعليم فقط، فإن المدرسة لها دور في صقل شخصية الطالب ونشأته أيضاً، ومن ثم دور الأستاذ ومسؤوليته عن تحقيق بعض الأهداف ومنها هذه المقاربة التي تلخص عملية التعليم إلى شكل من التدريب الأوتوماتيكي يعتمد على الفعل والفعل المضاد، والمقاربة السلوكية التي هي عملية تبادل المعلومات بين التلميذ والأستاذ فإن كل من المعلم والتلميذ كل بما يمثل هما منظومتان مختلفتان ويجب أن يتم التبادل بينهما كل بما يمثل. 

وأخرها المقاربة الإدراكية الإنسانية التي تراعي مشاعر المتعلم والحالة التي يتم فيها التعلم مع عدم الإغفال عن الحرص لإيصال الفكرة. ومن هنا لا بد من أن نستفيد من جميع الوسائل والطرق الإعلامية التي ممكن الوصول لها في الوقت الراهن والموجودة على الساحة الثقافية والعلمية والتواصلية، ويجب التتبع لكل الوسائل المتجددة بشكل مستمر بقصد الاستفادة منها ومجارة التحديث السائر على قدم وساق، وللمساهمة على تقدم وتطوير المنظومة التربوية.. 

وختاماً في الكلام عن هذا القسم فإنه من غير الممكن التكلم عن الجودة التربوية التي تقدمها المؤسسة التربوية والأستاذ العاملان الأساسيان من ضمن المنظومة التربوية والعلمية حتى نوفر الظروف التي تناسب المدرسة والمدرس من الناحية المادية والمعنوية، والعمل على تغيير العقليات المتحجرة التي ليس لها أفق مستقبلي ولا بد من استبدالها بنظرية التغيير والإصلاح والإبداع، ولا يكون ذلك إلا من خلال اصلاح المدرسة و الإدارة و المجتمع، والعمل على إقامة نظام عادل، ومجتمع يبغي الحداثة، و يؤمن بالحقوق المكتسبة. 

أما عن علاقة الطالب بالأستاذ والمؤسسة التربوية، ومن خلال المراقبة لحال هذه العلاقة السائدة بينهما فإنها تتصف بالعنف، وقد يأتي على ذهن القارئ أن العنف هو من الأستاذ والمدرسة تجاه الطالب، فإن هذا الظن هو ظن خاطئ، وهذا ما يؤكد من ذهاب هيبة المعلم ومن خلفه المؤسسة التربوية التي يمثلها داخل الصفوف التعليمية. 

فإن سلوك بعض التلاميذ العدائي تجاه الأستاذ وذلك من خلال بعض المشاغبات لكي يثير غضب الأساتذة، فالبعض لا يشارك خلال الدرس، ومنهم يتمادى بسلوكه السلبي إلى درجة تخريب ممتلكات المؤسسة التربوية، ومنهم من قد يتماهى إلى درجة التعدي على المعلمين، أضافة إلى ذلك استعمال العنف اللفظي على الطاقم التعليمي أو الإداري من خلال الكتابة على الجدران الصف أو على اللوح وغيره من الأمور.. 

وقد نطرح بعض الحلول ومنها تربية الجيل الصاعد على المواطنة، وزرع البذرة الأساسية لكي نخلق وتبني الطاقات الشابة ونحصنها من التيارات المنحرفة التي قد تدمر جيل بأكمله.. 

ولا بد أن تشمل هذه المقاربة لشخص الأساتذة، لأن بعض هؤلاء الأساتذة قد يكون مسبب بشكل مباشر لرد فعل عنفي عند التلاميذ، فالوضع المالي والاجتماعي المتدهور لبعض الأساتذة المالي لا بد ومن أن يؤثر في سلوكهم تجاه التلاميذ، وبطبيعة الحال عندما يكون الأستاذ يعاني من حالة نفسية مضطربة فمن الصعب أن يمارس مهنته بشكل سليم.. 

وأخيراً، أحببت أن أنقل هذه الأبيات الشعرية التي تعبر عن صعوبة مهنة التعليم وهي لشاعر المعلم إبراهيم طوقان حيث قال: 

شَوْقِي يَقُولُ وَمَا دَرَى بِمُصِيبَتِي***قُمْ لِلْمُعَلِّـمِ وَفِّـهِ التَّبْجِيلا 

وَيَكَادُ يَفْلِقُنِي الأَمِيرُ بِقَوْلِـهِ***كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا 

لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً***وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا 

يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتـهُ***إِنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا 

حرر في لبنان - صيدا 

في 24 شعبان 1437 هـ. ق. 

الموافق له: 29 آيار 2016 م. 

أخوكم الفقير إلى الله 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد يوسف البيومي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/31



كتابة تعليق لموضوع : مأساة المعلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net