بلدتي جميلة، لازلت اتذكر تفاصيلها، النهر الذي يسير بمحاذاتها، والذي يضفي عليها سحرا وكأنها من عالم اخر، والاشجار تملأ المكان، واتذكر كيف كنت اشق طريقي للذهاب الى المدرسة، وكأنني داخل لوحة رسمت على ايدي فنان، وما يزيد من جمال بلدتي هم ساكنوها بطيبتهم وعفويتهم، واتذكر كيف كان يمضي الوقت مسرعا، من حيث لانشعر وإذا بالظلام يغطي المكان.
اما مساء بلدتي فمختلف، فاللوهلة الاولى يخيل لك انت في النهار، وما يميزه كثرة التواصل، فلاتجد بيت يخلو من الصوت المرتفع، والنقاش الحاد، مع ان المواضيع كانت بسيطة، ولا تتعدى محصلة يوم فقط، ولم يحدث واستمعت لحديث ينبئ عن ماسيجري مستقبلا .
كنت في العاشرة من العمر وكان شغلي الشاغل لعب كرة القدم، غير مكترث بنوعية مكان اللعب، حيث ساحة بلدتي ترابية، لا تحتوي إلا على الفقر والامل، وكان الامل يخشى ويجل الفقر كثيرا، لايعدوه خطوة كنا حينها نحلم بأن تكون لنا كرة جديدة، نتداولها بأقدام عارية، ولاننا صبية أدبنا الخوف كثيرا، جعلنا نحتكم الى اشجعنا واكبرنا عمرا، الذي يستطيع ان يصل الى السوق ليشتريها لنا، ونحن ننتظر عودته بشوق، حتى يحدثنا عن رحلته الخيالية وكيف وصل الى هناك، ومن صادف وكيف انهى صفقته بشطارة، ولسوء حظه كان معه احد النمامين، الذي لايستطيع ان يخفي اي سر، فكان يحدثنا عن ربحهم في صفقة شراء الكرة، من وجبة غداء وغير ذلك،
المهم بالامر اننا اكتشفنا سرقة صاحبنا المؤتمن، والذي أكل عقولنا بلباقة لسانه وحنكته في السرقة، والتي كان يتخللها الهزل، وكنا حين نتذكرها نضحك كثيرا، وكان صاحبنا يفتخر بخيانتنا، اما الان فالمؤتمن يسرقنا بسخرية وحقد، لانستطيع ان نضحك بعد التذكر، فبعد كل سرقة لملايين الدولارات كان من المفترض ان تصرف لبناء مشاريع، تبين انها مجرد وهم، ولا وجود لها ارض على الواقع، لا استطيع ذكرها بدون ازدراء وحقد شديدين على اصحابنا اللذين إئتمناهم على أموالنا .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat