صفحة الكاتب : احمد ختاوي

وكان الولاء للماء... فصل من رواية
احمد ختاوي

تكدّسَ  بنفسج السماء فوق  ظنوني وهذياني .
ما كنتُ أقوى لأزيحه ، أو ألطم وجهي  ندما أو حسرة ، أو  أدبّج فقرات مسار حياتيّ ظلت عالقة بدفتر مذكراتي وذاكرتي.
خصلتها تحمل  كل فأل " السماء " والنماء والعطاء . ما كنتُ  أشك يوما أن سمرتي  ستذوب يوما في تفاصيل أيامها ، أو أن   يسمع صدى آذان  المدائن  بمشارف سيدي بوزيد التونسية ، أو أن تشهر إسلامها  من هناك. ، أو أنني سأنكب  على قراءة روائع الأديب البرازيلي " باولو كوولو "  أو أن أسترق فصول الكاتب الفرنسي "جول رونار" وهو يعبر  أجزاء من مدينتي " المشرية "، وتحط أخيلته ورؤاه  بالجبل الأشم " عنتر ".
صببتُ هذياني  في قدح من أمل وآخر من ندم ..
كانت الغلبة للبكم  الذي أصابني حيث تفتقت  أخاديد  السماء ، فعدلتُ عن هذا الطرح .. وهذا التوجس.
صديقي "بان " يؤازرني ، يسبح معي في كأس مترعة  من اليأس و الأمل ، لكنه يساعدني ، وغالبا ما يسيّج  هذياني ، يرشقه بالملح طمعا في الفأل.
السماء تغرق في نسج خيوط جدائلها .
والأرض يتصاعد منها  البخار والدمار .
قالت السماء / أنا لستُ مسؤولة على ذلك .فيما تقدمتُ مرة لخطبتها ، لكنني تريث ُ، حيث قال صديقي" بان ": تريثْ
سرعان ما نطقت السماء : تريثْ.
أصابني ذهول عارم ، حيث شاهدتُ شجارا حادا بين السماء  والأرض والماء  لحظتئذ .
قالت الأرض للسماء :أنتِ أم المصائب ، تمطرينا  بالقنابل  وتزيحين غيضك  بسناء القناديل لم ترد السماء ، تفتقت أخاديدها. لم يشفع لي فضولي الزائد  وأنا أشاهد  هذا الفصل المقتضب  من الشجار ، كمسرحية من مشهد واحد . ثم من خوّل لي  الفضول لتمطرني السماء غيضا .
قلتُ في أعقاب فضولي الزائد جملة مبهمة ، لم أدرك معناها ، إلا بعدا تدحرج وجه السماء
ليصحح ما صدر مني ...
استوت السماء  فوق السماء .. واندثرت  الأرض  وبعض حضاراتها ، لم أكن أعلم  أن الأرض تندثر " غسقا" عندما تستوي السماء .
هذيان أصابني ردها من الزمن ، لا أعرف إن  كان من  إرهاصات قراءاتي المتراكمة  لكتب  الفلسفة  التي  ألتهمها ، أم  لاحترافي المسرح ، وعشقي المفرط أيضا لتنظير الأديب   الناقد المصري عزالدين إسماعيل  الذي غالبا  ما بغوص في أعماق  نفسيات  أبطال النصوص  التي   يروضها .
لم يضعني الدهر مع ذلك لقمة سائغة  في جيبه ، ولا تفاصيل أيامها التي أسكنها .
لستُ أدري .
الأرض ما تزال  تصدّر الحروب .. والسماء لا تمانع ..
اختليتُ  مرة بالسماء ..أغازلها .قالت /  صفائي ثم صفائي  وخصلتي ناصية انتمائي ..
وأرضكم  أرضكم : الإحسان  الإحسان ، الإحسان  إلى يوم الدين . قالتها ثلاث مرات  وزفرتْ.
اللقمة توشك أن تكون سائغة في يدي ..
قلت مذعورا/ بطش السماء  ولا رياء الأرض ..
لا يؤوب الظن في هذياني  إلا حين  يطارده صديقي " بان "
صديقي " بان "  يحبذ أن يطلق علي اسم " منذر " فيما أحبذ " أبدال" .
****              *******
اسفك ْ دمعي  في دمي  أو  العكس .واسترح ْ.
ووشّح أديم الأرض بغبار مسائها ، ..أو بطيف أسوارها .
قف حيث أنت ، قال " بان " ثم واصل يقول /  أنت الذي قلت َ بطش السماء  ولا رياء الأرض "
أنا نعم ، أعذرني صديقي " بان " .. وتوسّدَ خصلة قطته الفارسية المدللة  ونام ...
استيقظ ْ ، قال "بان " مرة ثانية ، لا تماطل ، " أخرج لي من سدرة " ، بمعنى  صارحني ،  أليست ْ هذه العبارة  التي  تستعملها كثيرا وتفضلها؟.
إيقاع السماء كما ايقاع الأرض تماما ... لا تماطل  " أخرج من سدرة .
لم تقل السماء أشياءها بعد .
للأرض جسد  وللسماء أيضا جسد ...
وجسد باريس يقبع هو الآخر في منحنياتها ..هي هناك بين دفتي باريس  وبين أضلعك  تماما كما حواء ...( أخرج من سدرة )
أولئك الذين حاولوا أن يقمطوها أفلوا...والذين حاولوا الإطاحة بها أيضا  عدلوا عن فكرتهم ..أعلم  فقط أن السماء  لن تأسرك ..فقط باريس  هي التي ستأسرك .. ربما تولوز  أو منتجات "كان "  أو مرتفعات أخرى بفرنسا ...
عويل الأرض ، وعويل سيدي بوزيد بتونس يصل شرخا في ذاكرتك ، يجب أن تعلم هذا ..
هرولتْ باريس  مرة ، فمسكتها من قميصها  كما زوليخا ، لكنها لم تدخلك – باريس – سجونها -  أحسنتْ مثواك باريس ، فأمطرتك  بعنفوان شبابها ....هي ذي باريس  تلجمك وتؤسرك..( أخرج من  سدرة )  صارحني ..
تلبدت باريس بمعانيها ،  فصنعت أقحوانا ..افترشتموه ..
صهيل باريس  يسكن  فصولها ، وفصولك لترتويان  بأيامكما الظمأى..( أخرج من سدرة )
أسكب نواحك  بأزقة باريس، لتتودد لك باريس ، أم  باريس  هي التي تتودد؟ ( أخرج من سدرة )
أطرق باريس بابا بابا  ليخفت هذيانك ..
وهي تطرق المشرية  بابا بابا  ليتحطم رماد خصلتها  فوق قمة  لالة مغنية  بجبل عنتر الأشم..
التحفْ باريس ، لتلتحف هي المشرية
قمة جبل عنتر تنزف ضبابها وباريس تمسح دمع مآقيها ..
باريس تكبدتْ دمع مآقيها ، وجبل عنتر تضوّع بعبير الشيح
من يسكن  مخيلتك  " دمع مآقي باريس  أم عبير  الشيح  بجبل عنتر .. ؟ ما زلتُ أناشدك  أن تخرج من سدرة . استيقظْ...
عبرتْ هذه الفصول  مداركه .. انتعشت  في أوصاله الرعشة الخامدة  كبركان ميت ، حي ، في لوعته  سريان  مجار  لم تخفت ولم تقل كلمتها بعد .. لأن للقطة الفارسية المدللة رأيها .
قطة فارسية لا تنام إلا بقربه  ولا تأكل إلا من يديه ..
استفاق  ( أبدال )  على وقع هذه الفصول .. غمغم .غمغم  ثم نام ثانية
أضرمت باريس النار في  خلده  فانتشى .. كان الوقت أصيلا ..
هي ذي باريس التي لم تجفف شعرها بعد ، خرجت لتوها من الحمام .. صعقته ...في محاولة أخرى لينام .. بعد ما نام ..  ونام ..رشقته ببرقية  قصيرة عبر الشبكة العنكبوتية ..هذا نصها :
"باريس ترضع مصاصتها كل صباح من المشرية ، والمشرية أيضا "
اخترقتْ وجدانه  هذه العبارة فصاح :
أأنت بجانبي هنا يا أحمد ،  أم أنت " بان "
أنا الماء  وأقراطه ..وولاءه..
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد ختاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/02/15



كتابة تعليق لموضوع : وكان الولاء للماء... فصل من رواية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net