صفحة الكاتب : نبيل نعمه الجابري

الفكرُ التربوي ومنهجية التجديد من منظور الإمام علي(ع)
نبيل نعمه الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

التتبعُ والغوص في أصالة ونبوغ وألمعية واتقاد قريحة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يستدعي منا الولوج في أعماق البلاغة العربية، كما ويستدعي منا حذقاً في كلّ بعد من أبعاد التجربة الإنسانية التي تناولها في شتى مراحل حياته، وقراءتها بعين فاحصة يدخلُ فيها الإنتاج لمكنونات ما وراء القصد،فمكاتباته ومراسلاته لعامليه في الأمصار العربية والإسلامية، وما قاله وهو يعتلي أعوادَ منبر الأمة الاسلامية في عهد خلافته كخطب جُمعت بعد إذ، وما نُسب إليه من حكمة مدوّنة في شعره وأقواله ومواعظه؛ تكشف عن عقلية علمية بارعة في فهم المنهج الاصطلاحي لكل جانب من جوانب المعرفة.
وفي تناولة موضوعية مهمة لمحور يعد من أهم المحاور التي تشغل اهتمام جلّ العلماء والمفكرين في مجال التربية والتعليم، والتحديث الحاصل بمناهجها العلميةفي عصرنا الحالي، نجدها لا تتعدى حدود كلمة قالها أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)- في جمع من المؤمنين- من أجل أن يبني الأمة الاسلامية، حينما أصرّ على تغيير البنية التعليمية وتحديث منهجيتها في إشارة صريحة إلى ضرورة التطور في الحياة: (لا تقسروا أولادَكم على تربيتكم - أو أخلاقكم- فأنهم خُلقوا لزمان غير زمانكم)، وهنا إرادة إلى أن يحملَ الناس على الإيمان بالتطور، إذ لو جمد الأبناء على سيرة الآباء لكانوا إياهم (خلقاً وخُلُقاً)،وهذا مغاير لسنن الطبيعة في التطور المفروض طبعاً على كل كائن.
وليس بالجديد ولا بالغريب أن نُفاجأ بفحوى تلك الإقتباسة من روائع إمام البلغاء (ع)، إذ عوّدنا على التنبؤ في المغيبات، وعلمنا كيف نستقبلُ الحياة الجديدة، ونستدبرها قديمة، فهو المجدد في عهده، مع صلابة في التمسك بمبدئه، والاحتفاظ بعقيدته،وهنا ينبعُ التوافق بين المقولة أعلاه وبين النظرة العالمية لتحديث منهجية التعليم بما يتواءم وروح العصر وبيئته؛ مع عدم الإنفصال عن روح الاسلام، إذ أن التغيير هنا يكون في الأدوات لا المضامين الرئيسة التي تحكمه،خصوصاً وأن العالمَ يعيشُ حرجاً كبيراً اتسعت فيه الهوة بين ما وصل إليه الغرب من تطور في مجال التربية والتعليم، وما بقينا نتأمله من مواكبة هذا التطور، الأمر الذي جعلنا بما نمتلكه من مضامين إنسانية نعيش على قتار ما يُهيأ لنا بروح مفرغة، تبتعد عن فحوى الاسلام وتطلعاته.
نحن بحاجة لإعادة النظر بطبيعة المناهج التعليمية وتحديثها وتنقيتها؛ وفق موروثنا الإسلامي المستمد من شريعة أهل البيت (ع)، تلك الشريعة التي أشادتْ بها الأممُ المتحدة في سنّ قوانينها الإنسانية، حينما اعتمدت من كلمة أمير المؤمنين(ع):(الناسُ صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)، أساساً في الحكم على طبيعة كونية صارت فيما بعد مصدرا مهماً من مصادر التشريع في القانون الوضعي.
 نحن بحاجة إلى أن ننظرَ للمجتمع نظرة تبدأ بالطفل أساساً في بناء متماسك؛ يعتمد مواكبة التطور الحاصل بكل مجال من مجالات الحياة، يتفاعلُ ويشاركُ التطور الذي بلغه الغرب، من خلال اقتناص النماذج المشعّة والحية، والمشاركة في حضورها الإنساني الخلاق، ويسهم إلى حدّ بعيد في تصدير المضامين الإنسانية على نحو عام، والمضامين التربوية على نحو خاص (مضامين منهج أهل البيت (ع) في الحياة)، في محاولة لعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام التيارات الجامحة التي بدأتْ تهددُ المنظومة القيمية للمجتمع الإسلامي، وهذه الدعوة لا تقوم إلا إذا انبرى لها ذوو الخبرة والاختصاص في المجال التربوي والنفسي، مستثمرين جل الطاقات والخبرات المتاحة من أجل خلق جيل واعٍ قادر على استلهام مسؤوليته مستقبلاً.
ومنهناوإنطلاقاًمنمقولةأميرالمؤمنينعليبنأبيطالب (ع) عليناأننتبعَفيعمليةالتطويروالتحديثللمناهجالتربويةالموجودة،مجموعةمنالأموريأتيفيمقدمتها، مواكبة التطور العلمي في جميع مجالاته؛ عبر ما نمتلكه من خزين فكري، والسعي الدؤوب لتطوير المنظومة العلمية عن طريق تحديث المنهج وآليات تطبيقه، بكل الوسائل المتاحة، كما ويجب أن يؤخذَ بعين الحسبان المنهج الذي خطه أئمة أهل البيت (ع)، خصوصاً بالجانب التربوي.
 كما ويجب تحديث العملية التعليمية ووسائل الشرح والتربية بالأساليب الحديثة، ومحاولة إدخال التكنولوجيا الحديثة، من أجل الخروج بنتيجة مؤثرة في تخريج أجيال قادرة على تحمل المستقبل. هذا إضافة إلى العمل على تطوير فكر ومهارات الطلاب، من خلال البحث عن المعلومات باتباع أسلوب البحث والدراسة، واعتماد أكثر الطرق نجاحاً، مع الاستعمال الأمثل لتكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية الانترنت في كلّ المواد العلمية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل نعمه الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/11



كتابة تعليق لموضوع : الفكرُ التربوي ومنهجية التجديد من منظور الإمام علي(ع)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net