التخطيطُ التربوي وتحديدُ الأولويات  (البنايات المدرسية أولاً) 
نبيل نعمه الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تبرز أهمية وضرورة التربية في حياتنا المعاصرة، بوصفها عملية ممارسة يومية، يقوم بها الأطفال، سواء من تلقاء أنفسهم أو من خلال المؤسسات التربوية والتعليمية في المجتمع، ونظراً لهذه الأهمية، فأن المعنيين بمجال التنظير للتربية والتعليم، يولون أهمية كبرى لتطوير وتحديث مسار التربية، عن طريق عملية التخطيط التربوي، من أجل صوغ رؤية متكاملة للواقع الاجتماعي برمته مستقبلاً.. والفرد بعدّه كائناً حياً فاعلاً في محيطه الاجتماعي، يتعلم القيم والمهارات والقدرات كيما يمارس دوره في صناعة مجتمع متماسك، وهو قوام هذه العملية الناهضة التي لا تكون إلا بتخطيط تربوي مدروس بدقة، وعلى مختلف الصعد، إدارياً وفنياً وأدائياً وسلوكياً وعمرانياً...
 ويعد التخطيط التربوي ضرورة ملحة لتحسين التعليم، إذ تكمن أهميته في الدور الايجابي، من أجل التعرف على إمكانيات المجتمع المادية والبشرية، وتشخيص الواقع التنموي، بما يتناسب وحجم الزيادة الحاصلة في المجتمع وبكل مناحيه، وهو سمة ملازمة للحياة المجتمعية، عن طريقه تُنظيم أولويات العمل وفق تصور موضوع يتم السير عليه.. لذا لا غرو إن قلنا، إنه أسلوب ومنهج لبناء حياة متكاملة. وبما أن العملية التربوية والتعليمية، عملية شاملة، متشعبة في كل مفاصل الحياة، فأن أغلب المشاكل التي تصادف المعنيين للقيام بها، تتعلق بتحديد الأولويات، وكيف يتم ترجمة ما يتمخض عن هذه العملية؟ وما ينتج عنها إلى خطط ومشروعات وبرامج، تسير وفقها المؤسسة التربوية والتعليمية، لتلبية احتياجات التنمية المجتمعية بالمتاح من الإمكانيات.
 ومن أجل أن نُحقق الغاية المرجوة من التخطيط التربوي والتعليمي، يجب أن يتم التغلب على شتى الصعوبات التي تعوق تحقيقه، والتي يأتي نقص المعنيين التربويين الأكْفاء، والباحثين الملهمين في مقدمتها، ممن هم قادرون على تحديد المشكلة ودراستها، ورسم الطرق السليمة لعلاجها.
 وفي دراسة تخمينية لما تعاني منه العملية التربوية والتعليمية في العراق، نجدها تعاني من تزايد المشكلات التي تفتك بالواقع التربوي، وتصبح مثل داء يسري في جسده، يعوق من تقدمه، لتقديم فرص من التعلم المثالي المرغوب به لأبنائنا، تأتي مشكلة النقص الكبير في البنايات المدرسية، لتكون من أهم المشاكل التي تتطلب وقفة كبيرة وجادة من قبل المعنيين بمجال التخطيط التربوي، خصوصاً بعد التنامي السكاني الكبير، إضافة إلى النظر إلى أن البنايات المدرسية الموجودة حالياً، تعيش حالةً مزريةً، وفي كل جوانبها المهنية والفنية والعلمية؛ كونها تبتعد ومطابقتها للشروط العلمية والفنية التي وضعتها منظمتا اليونسكو،  واليونسيف العالميتان.
 فمن أجل خلق عملية تربوية متكاملة، تأخذ بيد التربية والتعليم، نحو مصاف الدول المتطورة، وتجعل منها عملية إنتاجية، أن يتم التصدي لهذه المشكلة وفق تخطيط دقيق، يضع حداً للدوام المزدوج، والثلاثي، والذي يشكل عبئاً - مضافاً إلى المشاكل التي تعاني منها العملية التربوية - على المتعلم.  نحن قبالة مشكلة علينا أن ننظر إليها من منظور دولة، تسعى لتحديث منظومتها المؤسساتية، وليكن الابتداء فيها عن طريق:
1- أن يتم رسم مخطط بياني، يأخذ بعين الاعتبار النمو الحاصل بالسكان، يتم قراءته قراءة دقيقة، ودراسة كل جوانبه، للبدء بعدها بحملة تنموية كبرى، من أجل تحديث البنى التحتية التربوية، بما يتناسب وحجم الحاجة، ويحقق ما نصبوا إليه في بناء واقع تربوي عصري.
2- البدء بالتخطيط لوضع خطط قصيرة وطويلة المدى، خصوصاً بعد الاستقرار الذي يعيشه البلد في أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. والعمل على تنفيذ هذه الخطط بشكل تتابعي، يبدأ ببناء مدارس متطورة، تلبي حاجة المتعلم فيها من جهة، والعمل من جهة ثانية على إعادة بناء المدارس الهزيلة التي مضت عقود على إنشائها.
3- النظر إلى البنايات الجديدة نظرة عالمية متطورة، من حيث المساحة واستيعابها لأعداد المتعلمين، وتوفير كل ما من شأنه أن يخلق جواً علمياً، ويبعث في نفوس المتعلمين الرغبة الحقيقية في الإبداع والكشف عن الطاقات والقدرات الكامنة فيهم، بما يؤهلهم وبجدارة أن يحتلوا مكانتهم في عملية بناء البلد مستقبلاً.

الموضوع السابق مخلفات انشائية...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat