صفحة الكاتب : نبيل نعمه الجابري

مسرحية (صوت الحسين)  خطابٌ متجدد في خارطةِ الوجدان الإنساني
نبيل نعمه الجابري

لطالما شكّلت القضية الحسينية مبعثَ إلهام مبدع، لدى الكثير من الأدباء والشعراء والمثقفين، حتى انبرى كلُّ واحد منهم للتعبير عن مكنونات التفاعل الذي خالجه، بالأسلوب الأدبي الذي يبرع فيه... وكثيراً ما شهدت مدينة كربلاء المقدسة، اهتماماً له نكهة خاصة فيما يتعلق بنهضة الإمام الحسين (ع)، ليس لأن كربلاء ببعدها المكاني هي مدينة تحوي جسد الحسين (ع) فحسب، وإنما بعدّها مصدر إشعاع يبعث للأمم ما تختزنه هذه المساحة المكانية من إرث يؤجج المشاعر، ويتملكها في بث مضامين النهضة الوضاءة.
 فصوتُالإمام الحسين (ع) ما زال مدوياً يشهر عن نصاعة تأريخ سيكتب من ها هنا، وثيمة الصوت أريد لها في مسرحية (صوت الحسين) أن تكون منطلقاً شعرياً يرتكز في بنائه بمنظومة من التشكلات والإحالات السمعية والبصرية لبناء مسرح حسيني رصين، لا يتعكز على الخبرات المسرحية السابقة، وإنما يذهب لبث رؤاه من وحي الواقع المعاش بطريقة موضوعية في عرض التجربة التي ستبرهن على أن المرجعيات التاريخية والعقائدية بكل تنوعاتها ومساراتها لا يمكن أن تتجاوز العناصر المشتركة في الحسّ والتوجه الإنساني، لذا فأننا لا نماري لو قلنا إن ما وظف في هذه المسرحية؛ أصبح الفن والأدب يستلهم منهاالأبعاد الحية في الضمير الإنساني عبر تفجير المعطيات المتشكلة في الذاكرة.
يشير المؤلف الشاعر (رضا الخفاجي) في كلمته أثناء لقائنا به في عرض المسرحية، إلى أن النص حاول الانفلات من شعرية المفردة إلى شعرية الحدث، موضحاً وبشيء من التحدي والمكاشفة على أنه باستطاعة كل مبدع في مجاله، أن يصنع صوتاً يقتفي أثر الصوت الذي أحدثه الإمام الحسين (ع)، إذا ما حاول الدخول في رحم المضمون، واكتناز الأفكار الثرة التي تحويها الواقعة بكل أبعادها الإنسانية. 
وهذا يحيلنا إلى أمر مهم آخر، إلى أن التعامل مع الواقعة التاريخية في المسرح خصوصاً ينبغي أن يتم وفق معايير وأسس وقوانين معرفية فنية، تحاول أن توجه نوعاً من التناسق والاتساق بين الصدق والمعالجة الفنية من جهة، وبين أقرب الحقائق وأدقها وأكثرها أقناعاً ومصداقية، فالكاتب في مسرحية (صوت الحسين)، تجاوز دوره كمؤرخ ومحقق، لأنه تعامل مع مخيال شعري كان يمتلك فيه الكثير من الخيارات الجمالية؛ التي تتجاوز الفهم المسطح (السطحي) للواقعة والحدث التاريخي، وكأنه بهذه الطريقة يعيد آلية محدثة لصناعة التاريخ؛ برؤية حداثوية شمولية معاصرة، تحاول استثمار المقومات المرئية والسمعية في توظيف الحدث برؤية يحتل فيها الخطاب الجمالي الرأس من موضع الجسد، والمخيال للولوج في تاريخ الواقع.
مما تقدم نعي ما أضافته وحدة المسرح الحسيني في الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة من عمل إبداعي يعزز من فعالية المنجز الإبداعي المحلي وتطويره، ليكون نافذة ورسالة نطمح أن نبثها للخارج؛ تتعدد فيها طرق التلقي لتسويق الفكرة، ليكون الهدف النهائي المتمثل في الانفتاح بالتجربة...
 ليبقى المسرح خطاباً متجدداً ومتجذراً في ضمير وخارطة الوجدان الإنساني، ودعوة لاستلهام المضامين الإنسانية والتصورات التي تعزز من فعالية المبدع العراقي،في تأثيث رونق جديد لفكر وأدب حسيني الملامح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل نعمه الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/14



كتابة تعليق لموضوع : مسرحية (صوت الحسين)  خطابٌ متجدد في خارطةِ الوجدان الإنساني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net