صفحة الكاتب : اسيل القندي

موقفُ الوالدين من الطفل.. صراع الخوف والقلق
اسيل القندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  إن موقف الوالدين غالباً ما يكون أبعد من أن يواجه بشكل مثالي تلك الحساسية وذلك القصور من جانب الطفل، فهما غالباً ما يتوقعان منه أن يتعلم بأسرع مما تؤهله له قدراته وإمكاناته العقلية أو الجسمية أو الانفعالية؛ إنهما يعاملانه كما لو كان راشداً في الوقت الذي لا يستطيع فيه أن يميز أو يفهم التعليمات الصادرة إليه، أو يستطيع حتى أن يسيطر على الدوافع القوية التي تواجهه، فهما يفرضان عليه الواجبات المستحيلة، ويضعان أمامه الالتزامات المتضاربة؛ إنهما يتوقعان منه في أغلب الأحيان أن يميّز الأشياء التي لم يتعلم أن يميزها، كما أنهما يتوقعان منه أن يتعلم عادات ويتقنها في محاولة واحدة، وأخيراً فإن العقابَ بصورة أو بأخرى من صوره، غالباً ما يكون جزاءه على أقل الأخطاء أو أبسط أنواع الفشل. 
 ويزيد من حدة التوتر الذي يعيشه الطفل في هذه المرحلة، ما يقوم به الآباء في كثير من الأحيان من خلق جو من البلبلة، فيما يتعلق بمفهوم الطفل عن نفسه، ويحدث ذلك بصورة واضحة عندما يجذب الوالد طفله إليه، ثم لا يلبث أن يدفعه بعيدا عنه في تتابع سريع؛ فعندما يسعى الوالد إلى إظهار عاطفة نحو طفله بتقريبه منه، واحتضانه إياه، ويتجاوب معه الطفل ثم لا يلبث الوالد مع ذلك أن يرفضه فجأة بإزاحته بعيدا عنه؛ لأنه (مبلل) أو (متسخ) مثلا، أو عندما يعنف الوالدان طفلهما على ما يحدثه من فوضى، ثم إذا انسحب بعيدا عنهما، ألقيا عليه اللوم لرفضه مجلسهما، أو لبروده، وعدم اكتراثه في مثل هذه الصور من التفاعل، يشعر الطفل وكأنه لا توجد استجابة من ناحيته، سواء كانت إيجابية أو سلبية، إلا وهي مرفوضة، وتزداد بذلك الفجوة بين الصغير والكبير، ويصعب التفاهم أو قد يستحيل. 
 وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطفل - كما سبق أن رأينا - لا يستطيع أن يتخذ وجهة نظر الآخر، ومع ذلك فإن الوالدين قد يصران على أن ينقلا وجهة نظرهما إلى الطفل، وأن يفترضا ضرورة تقبله لذلك، وتكون النتيجة بالطبع هي تحطيم الجسور بين  الطرفين؛ لانعدام القدرة على التفاهم، وخلق جو من التوتر والإحباط بدلا من الهدوء والاستقرار. 
 وأخيرا فإن طفل هذه المرحلة، يكون حساسا بشكل خاص للعلاقة العاطفية بينه وبينهم، ومع ذلك فإن الوالدين قد يكونان بعيدين كل البعد عن تقدير مثل هذه الحساسية، فهما لا يعرفان مثلا أن أي تهديد لهذه العلاقة، هو بمثابة هدم لكيان الطفل ذاته؛ إن الأطفال يأخذون مثل هذا التهديد مأخذ الجد، ومعظمهم قد يكفيه في هذه المرحلة مجرد نظرة أو عتاب رقيق، كوسيلة لمساعدته على تعديل سلوكه، ذلك أنهم غالباً ما يعرفون أنهم قد ارتكبوا خطأ، بعد حدوث ذلك مباشرة. ومع ذلك، فإن العقاب الشديد أو التوبيخ أو التهديد بأشكاله اﻟﻤﺨتلفة، قد يكون هو الأسلوب الشائع من ناحية الوالدين في مثل تلك اللحظات الحرجة، مما لا يترتب عليه سوى إثارة القلق عند الطفل، بدلا من مجرد إشعاره بأنه غير مرغوب فيه.. هذا باختصار هو موقف الأبوين في غالب الأحيان، وهو موقف تتمثل فيه اتجاهات الثقافة التقليدية من الطفل، أثناء إشباعه لحاجاته الأولية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسيل القندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/23



كتابة تعليق لموضوع : موقفُ الوالدين من الطفل.. صراع الخوف والقلق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net