من هو الدكـــــتاتــــور؟
د . مقدم محمد علي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المالكي ؟ البارزاني ؟ مقتدى الصدر ؟ علاوي ؟ ملك السعودية ؟ ملك البحرين ؟ اوباما ؟
كل واحد من هؤلاء يمكن ان يطلق عليه مصطلح ( دكتاتور) , حسب المعنى العام ، لكن المعنى الضيق قد يخرج بعضهم من الدائرة . يظن معظم الناس ان تعريف الدكتاتور هو الذي ينفرد بالسلطة دون غيره من الناس ، وهذا لا يمثل إلا بعضا من المعنى ، لكن المعنى الاشمل هو كل ممارسة سلطوية يراد بها الظلم وشيوع الاستبداد ، سواء على المستوى الفردي او على مستوى الدول او المؤسسات ، وعلى هذا تكون امريكا هي الدكتاتور الاول الذي يحكم العالم بقوته وجبروته وتسلطه ، ويكون البنك الدولي دكتاتورا يمارس سلطته على موازنات الدولة الفقيرة ، ويكون مجلس الامن دكتاتورا لانه لا يمثل إلا ارادة الدول الخمسة ، وهكذا يمكن تعميم المصطلح والاستفادة من تفرعاته .
واليوم يكثر الحديث عن الدكتاتور وخاصة على ألسن كثير من السياسيين العراقيين ، وكأنهم ببغاوات يردد الواحد صوت الاخر دون ان يكلف نفسه مشقة السؤال ، ما معنى دكتاتور؟ او كيف يمكن ان يتحول الانسان الى دكتاتور؟ او أ لا يمكن ان اكون انا الدكتاتور ولا اعلم ؟ وهل هناك فرق بين دكتاتورية الفرد ودكتاتورية المؤسسة ؟ هل يمكن ان يكون القانون دكتاتورا ؟
ان هذا المصطلح مثل بقية المصطلحات السياسية فضفاض وواسع وذو حدين ، وقد يستغرب السامع من ذلك لكني ساستشهد ببعض الامثلة ، متمنيا ان تكون نافعة ، ففي امريكا التي تعد الراعية الاولى للديمقراطية ، تكتب مؤلفات كثيرة عن كيفية تحول الديمقراطية من معناها الايجابي الواسع الى المعنى الضيق الذي قد يصل بها الى ان تنقلب ضدها ، فالديمقراطية بما هو معروف وشائع : حكم الاغلبية ، او حكم الشعب لنفسه ، او ان الناس تختار بحرية ما يناسبها من اشكال الحكم ، وهكذا مع العناوين الاخرى ، لكن قد تتحول هذه الديمقراطية لتكون ممثلة للقلة فقط ، كما أثبت المؤلف الامريكي مايكل بارانتي في كتابه ( ديمقراطية للقلة ) حيث تطرق فيه الى كيفية تحكم المؤسسات الكبيرة بالسياسة ومقرراتها على وفق مصلحتها المادية وعلى الاغلبية ان ترضخ لذلك ، فاصحاب المؤسسات هم من يرسم السياسات الخارجية والداخلية للبلد على الرغم من انهم لا يمثلون إلا القلة من مجموع الشعب ، وبالمقابل فان نتيجة الانتخابات لا تمثل المعيار الحقيقي لحكم الاغلبية ، لان الفارق بين الفريقين مثلا ليس كبيرا ، فقد يفوز المرشح بنسبة 51% بمقابل 49 % اي بفارق نقطتين ، هل من المنطقي ان تكون هناك اغلبية مع هذا الفارق الضئيل ؟
اذن القضية ليست مثالية او مطلقة ولكن بحاجة الى تدبر وتأني وبعد نظر ، فليس كل ما يطرح يمكن ان يكون صالحا وليس كل ما يقال انه سيء يمكن ان يكون طالحا ، ومن هنا يتوجب علينا النظر الى مصطلح الدكتاتورية ، فبمقارنة المالكي حيث البرلمان والدستور والاحزاب وصحف المعارضة وحرية الرأي والانتخابات وغيرها بملك السعودية الذي جاء الى الحكم بقرار وراثي ، يترجح ان المالكي ليس دكتاتورا ، وكذلك يتغلب على ملك البحرين ، ومثلما تغلب على اخوانه العرب ، فالمقارنة ايضا ستجعله متغلبا على اشقائه من العراقيين ، البارزاني من اسرة حكمت كردستان منذ امد طويل بحجة النضال ، والبارزاني يحكم منذ عشرين سنة ،ولا زال يحكم الاقليم ويتفرد بالسلطة هو وعائلته ، اما السيد مقتدى فانه يمارس الدكتاتورية على اتباعه فلا يستطيع احد ان يعارضه او يتناقش معه وهو لا يستشير احدا ، والدليل ان سياسته تحددها الفتاوى التي يطلقها يوميا فالمشروع سهل وجاهز ، لا دستور ولا قانون ، الرغبة والعاطفة والخلفية الشخصية وهو يستمد قوته من ارثه للسيد الشهيد الثاني ..اما السيد علاوي فجربناه في الحكم وعرفناه ، لا يستطيع ان يأخذ قرارا شجاعا بمفرده بل كل الاشياء يستوحيها من مصادره الخارجية ، ثم ان القائمة التي يرأسها تشهد على انه ينفرد بقرارات دون الرجوع اليهم .
المالكي دكتاتور بالقانون وبالدستور وبمصلحة الوطن ، وحينها يكون وصفه بالدكتاتور مطابقا لوصفنا القانون و الدستور ومجلس الامن والبنك الدولي بان سياستهم دكتاتورية وهو مثل اوباما بوصفه رئيسا لامريكا التي تفرض بقوتها على العالم الانصياع لها.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . مقدم محمد علي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat