الاجيال التي تخضبت لحاها بياضا وكسى المشيب فقرق رؤوسها تعلم جيداً ماهو الفارق بين الوضع في العراق اليوم وبين حكم الطاغية ، بل مازالت افواه اصحاب الشيبة تتذوق المرارة كلما مر ذكر تلك الحقبة من الهوان والعيش المرير .
نعلم علم اليقين ان الطبقة السياسية في العراق اتجهت اتجاها بعيداً عن طموحات الشعب بل خذلتنا الخذلان كله حين اصبحت هذه الطبقة تفكر في نفسها فقط وتقوي رموزها وتنشط مواقعها ولم تقدم على ارض الواقع من شيء سوى الفتن وتفقير الفقراء ، بل اخذت على عاتقها تهديم ماتهدم في ظل النظام السابق ، حتى اصبح الحلم الجديد يداعب مناماتنا ، الحلم في زوال هذه الطبقة السياسية برمتها والخلاص منها ، بوصفها طبقة مدمرة ، كان يراد منها شيء وفعلت الضد لتحيل واقعنا الى شيء لا نعرفه ، اوغلت تمردت دمرت و تجبرت ، والدليل في رفض الشعب العراقي لهذه الطبقة السياسية هو عزوف عامة الشعب في المشاركة بالانتخابات الماضية ، واغلاق ابواب المرجعية في وجوه الساسة الكرام .
خبر اليوم جميل جداً افرح لي اساريري ، وجعلني اعيد حساباتي من جديد ، ورغم انني لست متفائلاً ابداً في تصديق اخلاص السياسي ، لكن واقع الحال يفرض علي التصديق ، الخبر مفاده ان الحكومة قد افتتحت مصنع الحديد في البصرة ، مصنع الدرفله احد مصانع الشركة العامة للحديد والصلب بطاقة انتاجية ( 500) ألف طن سنوياً بعد توقفه منذ عام 2003 ، هذا يعد انجازاً كبيراً في كسر هدر العملة الصعبة ، فهو من اهم المصانع التي تجعل البلاد تستعيد عافيتها ، اما الحديث عن تعبيد الشوارع والارصفة فهذا ليس بمنجز او استطيع ان امنحه اهمية فهذا العمل من مهام امانة العاصمة الدوري ، لكن الاصل في التقدم هو افتتاح المعامل والمصانع وخصوصا ان عودتها اعتمدت على السواعد العراقية السمراء .
يروقني دوما الحديث عن احوال البلاد مع جمع من الاصدقاء لهذا عمدت الى استفتاء مصغر بيننا وطلب الرأي في جديت عمل الحكومة الحالية ، هنا كانت النتيجة ان جميع من استفتيتهم مقتنعون بجدية عمل الحكومة ويعتقدون جازمين انها حكومة خدمات وحكومة تحارب الفساد والمفسدين ،وانهم يعتقدون اننا سنشهد قريبا تغييرا جذري في واقع الخدمات بصورة عامة ، هذا الرأي لاصدقائي اما أنا فسانتظر لابدي الرأي حتى ارى اسلاك المولدات الاهلية تختفي ، وحتى ارى صفوف المدارس في كل صف عشرون طالباً فقط ، وحتى ارى الاسواق ممتلئة بالمنتجات المحلية ، وحتى ارى جميع معاملنا ومصانعا تدور وتنتج ، وقتها ساقول ان اصدقائي كانوا على حق .
ما الذي جد لتتغير الطبقة السياسية وتنجب حكومة حقيقية ؟ ، هل هو الندم ام ان الشعور بالتقصير جعل الضمائر تصحوا ؟ ام ان هنالك خطب كبير لا نعلم سره ؟ مهما كانت الاسباب الذي يهمنا نحن هو النتيجة فنحن لسنا طلاب حكم ، وان كانت النتيجة مرضية فسوف نصفق لها كما كنا نصفق للجلاد مرغمين ، اذن الان على الشعب فتح الاعين جيدا والاستماع الى نصح الناصحين واتباع الضمير في خدمة الوطن ، والحقيقة اقول ان الملام الاول هو الشعب في تردي الاوضاع ، والشعب العراقي شعب ذكي وشعب ذو كبرياء وجبين عالِ .
لو استمر الحال على هذا النمط والمسير سوف نشارك في الانتخابات وسنزج بخيرة شبابنا الى هذه الطبقة السياسية لنبدأ مرحلة جديدة في بناء الوطن ، وهذا لن يكون الا في حالة شعورنا بان الطبقة السياسية عادت معتذرة من الشعب وتطلب ( البناء ) الحقيقي .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat