سوريا... والمصير الكارثي الذي تنتظره / 6 والأخير
عبود مزهر الكرخي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبود مزهر الكرخي

ولنأتي إلى مهندس هذا الانقلاب البراغماتي في سوريا وقائده والذي أسمه كان "أبو محمد الجولاني" مرادفاً لواحدة من أقوى الجماعات الجهادية في سوريا، أصبح أحمد الشرع في نسخته المحدّثة، حديث كثير من السوريين وغيرهم، كرمز للمرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة، بعدما خلع عباءته الجهادية، وارتدى ملابس مدنيّة. والذي أوغل في الذبح والقتل في دماء العراقيين والسوريين على حد سواء تحت مسميات تنظيمات إرهابية من الزرقاوي إلى القاعدة إلى داعش إلى جبهة النصرة لتنتهي عند أخر المحطات وهي هيئة تحرير الشام، والتي كلها تدخل في قوائم التنظيمات الإرهابية من قبل أميركا وكافة الدول، والذي كان حتى هذه الشخصية المجرمة قد تم اعتقالها في سجن(بوكا)في العراق والذي كان يضم أعتى الإرهابيين ولذي كان يشرف على هذا السجن الأمريكان، ليتم بعد ذلك إعداده وتجنيده من قبل(CIA) والموساد الصHيوني، ويتم إعداد هذا الشخص ليكون له دور في المنطقة وتجنيده حاله حال المقبور صدام والعديد من القادة في الوطن العربي والشرق الأوسط.
ليتم بعد ذلك ارتقائه إلى سدة الحكم في سوريا، وليتم تغيير صورته وأسمه ليصبح أسمه(أحمد الشرع)ونزع البدلة الجهادية كما يسمونها والعمامة ، ويصبح صورة حديثة كما تم اعداده من قبل دوائر المخابرات والدول الأخرى.
وبينما يُجري الشرع مقابلات مع وسائل إعلام عالميّة، ويستقبل وفوداً دولية في القصر الجمهوري في دمشق، ويلتقط صوراً وسط الناس في الأماكن الشعبية، ويدخل إلى المسجد الأموي تحت عيون الكاميرات، تنقسم الآراء حول التحوّلات الملحوظة في الصورة العامة للقيادي في "هيئة تحرير الشام"، أو من بات يعرف خلال الأيام بالقائد العام للإدارة السورية الجديدة، بعد سقوط حكم بشار الأسد.
في الواقع، لم يكن تحوُّل الجولاني من "زعيم جهاديّ إلى سياسيّ معارض" أمراً حديثاً، "بل تطوّر بعناية على مرّ السنين، وكان واضحاً لا في تصريحاته العامة ومقابلاته الدولية فحسب، بل أيضاً في مظهره المتغيّر. والواقع أن كلمة" التغيير والأمل " هي التي يركز عليها السياسيون والتي هذه الكلمتين بحد ذاتها علامة سياسية فارقة تجذب كل الساعين إلى التبديل والتغيير والذين يعبون بعواطف الجماهير من خلال تلك العبارات، وهنا يوضح الباحث السياسي باينر أنّ التسويق السياسي يعتمد كثيراً على الرسائل العاطفية. يقول: "غالباً ما نتناول في التسويق السياسي مفهوم 'الأمل' مقابل 'الخوف'. هناك الكثير من الحملات التي ترتكز على الخوف، وأخرى على الأمل. وفي نهاية المطاف، إذا كنت تسعى إلى قبول ثوري بقائد ما أو إلى تحوّل جذري، فالأمل هو الرسالة الأنجع. أما الأنظمة السلطوية فعادةً ما تلجأ إلى توظيف الخوف".
بهذا المعنى، يحاول أحمد الشرع أن يقطع مع ماضيه الإشكالي، والظهور بصورة "قائد وطني متمرّد" يسعى لتحرير البلاد. ويعلّق باينز: "إنه يقدّم نفسه الآن كما لو كان 'المخلّص'، ويحاول استبدال البذلة الجهادية بثوب القيادة الوطنية المقبولة دولياً ".(1)، وهنا كلمة " التغيير "تصبح العلامة السياسية الفارقة
ومن هنا فإن عملية التغيير التي جرت في سوريا هي ليست عملية عشوائية، والتي واضحة لكل شخص وحتى البسيط، بل هي استندت إلى فهم ما يريده الجمهور السوري، في وجود حكم ديكتاتوري متسلط وحزب دموي وهو البعث و الجاثم على صدور السوريين، لذلك عملت المطابخ المخابراتية في تحضير هذه الوصفة في سوريا من أجل عدم خروج الأحداث في سوريا عن السيطرة، قامت بهذا التغيير تحت انظار تلك الدول والجهات، وإرسال الرسائل الأكثر قبولاً لدى الناس، ثم يكرّرون تلك الرسائل على أمل أن تُصدّق.
ولكن تسويق تلك الاستراتيجيات ونجاحها هو يعتمد على الفعل لا القول "فالسوريون مرّوا بسنوات من الحرب، ومن الصعب خداعهم بتعديلات شكلية؛ إذا لم يقدّم الجولاني (الشرع) ما يثبت صدق تحوّلاته، فقد يخسر فرصة ترسيخ علامته الجديدة. الناس ليسوا أغبياء".
ومن هنا خرج الجولاني ليثبت ولايته على سوريا بأن أعلن نفسه أنه رئيس جمهورية سوريا وليس العربية وقال بالحرف الواحد(الجمهورية السورية)، ليثبت انسلاخه من الوطن العربي وليعطي رسالة اطمئنان إلى العم سام وإلى الصHاينة وباقي دول الغرب بأنه يسير على ما هو خٌطط له من دور ومرسوم في هذا البلد والمنطقة، ولتخرج منه تصريحات بأنه ليس لديه مشاكل مع الكيان اللقيط، والذي ابتلع الجولان والقنيطرة وجبل الشيخ والذي أصبح على مشارف دمشق والذي يبعد عنها(20)كم فقط، ولكنه أصبح العدو اللدود لكل من إيران وحزB الله وكل خط مقاوم لقوى الشر والغرب الكافر.
وللعلم أن الجولاني والذي سمي نفسه ب(أحمد الشرع)تم اعداده من قبل المخابرات الامريكية والبريطانية ومن قبل ثلاثة أشخاص بريطانيين واحد منهم امرأة من أصول لبنانية وتم تعليمه حتى لغة الخطاب في إعطاء الجمل القصيرة ومن قبل المسؤولين في تويتر، والتي هي مركز الثقل القوي إلى(CIA)وهذا ما أشار إليه أحد المحللين السياسيين اللبنانيين في فيديو موثق على قناة(اللبنانية)وعلى موقع(التيك توك)وبالتالي ليصبح ويعلموا بأن سيصبح رئيس الدولة القادم في سوريا وحتى إتقان اللغة الانكليزية وبصورة متقنة.
وهذا ما دعي إلى الجوقة من عربان الخليج إلى المسارعة في تقديم التهاني لتنصيب الجولاني ريساً للجمهورية واستقباله في دولهم الكارتونية وفرش السجادة الحمراء، في موقف يوضح النفس الطائفي الحاضر عند هؤلاء الشخوص، في كونه سيكون رأس حربة مهمة لمحاربة الشيعة والموالين والأهم الخط الجهادي المقاوم للصHينة وكل دول الغرب، وضمان مصالح هؤلاء الدول في سوريا والتي سال لعاب كل دول الغرب وأمRيكا والغرب، لوجود ثروات طبيعية هائلة في هذا البلد الصغير وتشاركهم في تلك تركيا وروسيا معاً، والذي اتفقوا على تقاسم المغانم فيما بينهم كما حصل في القرن الماضي في اتفاقية سايكس بيكو وغيرها من المعاهدات والاتفاقيات من وعد بلفور المشؤوم إلى ما ذكرناه من سايكس بيكو، وحلف بغداد، والتي يراد تقسيم الوطن العربي إلى دويلات حسب الدين والطائفة والعرقية، وخير دليل على ما نقول هو الخنجر الامي في خاصرة العراق الممثلة في كردستان صنيعة الأمRيكان والصHينة والغرب والشواهد على ما نقول كثيرة ولا تعد.
ويبدو أن العد التنازلي إلى سوريا وشعبها قد بدأ من خلال أثارة الفتن والفرقة وبدايتها من خلال حوادث التفجيرات التي تحدث بين حين وآخر في منبج وفي باقي المدن، واللعب بورقة الأكراد والعمل على رفع شعار الانفصال أو في الوقت الحاضر الحكم الفيدرالي يساندهم فيها أمRكا والصHاينة والذين أعلنوا صراحة في تصريحات علنية أنهم يساندون الأكراد في مطالبهم من أجل تفتيت البلد وتقسيمه، وحوادث الاختطاف والقتل مستمرة وبالذات مع العلويين والشيعة وحتى المسيحيين، مضاف قتل العلماء وأفراد الجيش السوري المنحل، والتي يبررها النظام الحالي بأنها فردية وطبيعية مع تغيير النظام، وهذا ما يصلنا عبر الأعلام، وما خفي كان أعظم.
ولذا فهناك مصير كارثي ولا يبشر بأي خير لما يحدث في سوريا وشعبها الحبيب، وبالتالي القادم أسوأ ولا يبعث على التفاؤل والاطمئنان، وكما يقال عندنا (الله يستر من الجاي).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ مأخوذة بتصرف من مقال بعنوان(من تاتشر إلى الجولاني: كيف يغيّر السياسيون صورتهم؟ ولماذا؟). سناء الخوري. موقع بي بي سي نيوز عربي,بي بي سي نيوز عربي - بيروت22 ديسمبر/ كانون الأول 2024
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat