كثير هو الكلام الذي دار حول فايروس كورونا، منه الثقافي ومنه العقائدي ومنه العلاجي وحتى الخزعبلات لعبت دور فيه أيضاً ، إلا أن المتيقن منه ان لا علاج له لحد هذه الساعة ، كما أن الحل يكمن في الوقاية فقط في هذه الفترة على أمل وجود العلاج مستقبلا .
لكن ما زال ذهني شارد لنوعين من الناس في كيفية تعاطيهم مع هذا الوباء :
الأول : هو الهالع الجازع الذي لا يعرف ماذا يفعل ، وبإختصار ستجد بيته عبارة عن مخازن للمواد الغذائية وغيرها . وهذا يمكن علاجة بالطمأنة ان الفايروس لا ينتشر اذا حافظت على نفسك ، ولا داعي لكل هذا المخزون .
الثاني : وهو الأصعب والأخطر وهو عدم المبالاة بالفايروس وعدم اتخاذ ما يلزم ، وهذا النوع صعب التعامل معه ، لذا أود ان اوضح ما يلي :
أولا : نحن لابد ان نتعامل بالواقع ، ونترك المثاليات ، والواقع يقول ان الفايروس موجود وينتشر ، بعيدا عن الاسباب التي أدت الى وجوده ، سواء كانت سياسية او اقتصادية او حتى غيرها . وبهذه الحالة لا يمكن التعامل معه بتغافل او بعدوانية سياسية ، وتشكيل حماية وقائية تتناسب ووضع البيئة التي يعيشها الفرد .
ثانيا : الاخذ بالجوانب الوقائية في مرحلة معينة قد يكون واجبا عينيا على الانسان ، ذلك لان حفظ المكلف لنفسه واجب ، لان نفسه ليست ملكا له ، حتى يتصرف فيها كيفما يشاء ومتى يشاء .
لكن ان تقول ان الموت في اي مكان ولا تخاف من الفايروس فهذا تصرف غير عقلائي ، لان الله تعالى يجري المسببات بأسبابها ، ولا نكن كصاحب الناقة التي اضاع ناقته عند ربطها بباب المسجد بدون ان يعقلها ، فقال له النبي الأكرم (إعقلها وتوكل) .
كما ان الاسلام حرم قتل الشخص لنفسه مهما كانت الاسباب والدوافع (الانتحار) ، فاعد الله تعالى لها عقابا كبيرا ونارا مستعرة لمن يقدم على عليه ، فالتجول بدون مراعات لنفسك وانت تعلم بمرضك الذي يقتل الاخرين ويقتل نفسك يعد نوعا من انواع الانتحار ، لان معالجة الشخص لنفسه عند المرض واجبة ان تمكن منها .
ثالثا : لا نجعل فساد الحكومة ذريعة لعدم تطبيق اوامر خلية الازمة ووزارة الصحة ، فمهما دار بيننا وبين الحكومة من مشاكل ، الا ان خطورة الفايروس يخص العالم بأكمله ، ولا علاقة للسياسة فيه ابدا ، فمن يجعل فساد الحكومة وعدم تلبيتها لمطالبنا سببا في عدم الوقاية من الفايروس ما هو الا تفكير سطحي جدا ، و الشواهد على عدم الاخذ بالاحتياطات أمامنا عديدة فدونك إيران وكذلك ايطاليا فقد وصل عدد الاصابات عندهم بالالوف ، عندما تعاملوا مع الفايروس بالاستخفاف به .
رابعا : الابتعاد عن المزاجية في تطبيق الوقاية ، لان الوقاية ليست مزحة وليست نزهة بالتأكيد ، لكننا مجبرون على اتخاذ ما يلزم لدفع خطر أعظم واكثر فتكا اذا ما تفشى لا سامح الله .
خامسا واخيرا : ان لم تكن خائفا على نفسك ، ولا تتبع الجانب العقلائي في تطبيق الوقاية ولا الديني ، وكنت من اصحاب الأمزجة المعكرة ، ويكون بغضك للحكومة سببا في خرقك لحظر التجوال وعدم مراعاة نفسك ، فلتراعي أطفالك وعائلتك وأخوتك واخواتك ، فلهم حق عليك ، لا تكن سببا في فقدانهم ، لا تكن سببا في أذيت أحدهم وما زال امامهم الكثير ليحققوه ، لاسيما الاطفال منهم ، اجلس في بيتك ، تحدث معهم ، ناقشهم في أفكارهم ، تجول في بنيات عقولهم وما تحتويه ، ستجد عندهم الكثير من الكلام والأسئلة التي يرغبون بطرحها عليك ، ولم يجدوا فرصة مناسبة ليطلقوا عنان السنتهم بطرحها ، هذه فرصتك لا تضيعها .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat