صفحة الكاتب : باقر جميل

محمد وعلي .. صداقة واحد وطفولة متغيرة ..
باقر جميل

 خرج محمد من بيته باكرا متوجها الى مدينة النجف الأشرف ، وهو يأمل ان يلتقي بصديق طفولته (علي) الذي لم يزل يفكر به وبما حصل له بعد وفاة والده  في إحدى ليالي بغداد الحالكة والدامية ، حيث توفي والد علي في إحدى الانفجارات الإنتحارية التي هزت العاصمة بغداد ، وبعدما أصاب علي اليتم قد انعزل في بيته وصار حبيس الدار ، لا يود ان يلتقي بأحد أو أحدا يلتقي به ، ولطالما حاول محمد ان يفهم ما حصل له بعد فقدان والده ، وحاول أن يقدم يد المساعدة والعون له ومشاركته حزنه في مصابه ، لكنه دائما ما يغلق باب اللقاء به بسبب الصدمة التي خلفها فقدان والده ، استمر محمد بدراسته بعدما انتقل علي مع والدته وأخوته اليتامى الى مدينة أمير المؤمنين ومهد العلم والعلماء النجف الأشرف ، وبهذا صاب محمد اليأس في إخراج علي من دائرته الحزينة التي آلمت محمد بشكل كبير .
دخل محمد لجامعة الكوفة وبالتحديد لكلية الصيدلة التي ظهر قبوله فيها وهو فرح بشكل كبير لما حققه من نجاح وتميز كبير ، وبينما هو يتجول في أروقة الجامعة وإذا به يرى ملامح لم تكن غريبة عنه ، ملامح مخلوطة بالحزن والفرح ، ملامح طالما تمعن بها وحفظ تفاصيلها ، لكنه بقي متحيرا ، لا يستطيع ان يتيقن بان ما يراه امامه هو( علي )صديق الطفولة ، وبنفس الوقت لا يستطيع ان يتماسك قلبه ويتحمل الشوق الذي يعتريه للقاء علي ، لكن المفاجئة جاءت اليه ، فعندما نظر أحدهما الى الاخر قال علي : نعم يا محمد انا هو فلا تتردد وتعال ،هنا لم يعرف محمد ماذا يفعل فقد خالط الفرح والحزن لحمه ودمه بوقت واحد وصار يرعد كالسعفة من شدة فرحه وهو يرى صديقه في إحدى الجامعات العراقية وفي مكان قريب من كلية الصيدلة ، وبعد ان مزجا دموعهما بعناق حار جدا ، قال محمد لعلي :
ما هذا يا علي الذي أراه ؟ فقد تغيرت بشكل كبير (وكان يقصد  حالته النفسية) ، ابتسم علي وقال بصوت لطيف يمازح الانفاس لطفا وسكينة ، نعم حصل هذا التغير بسبب لم تتوقعه ، تعال لنجلس وأقول لك ماذا حصل .
قال علي لصديقه الوفي : بعد أن توفي والدي في إحدى الانفجارات في بغداد تعرف ما حصل لي وما اعتراني من يأس بكل شيء ، فتوقع يا محمد أن ينادي المدرس بإسمي مثلا ويقول لي أين أبوك؟ ، فماذا أقول له حينها ؟! لذلك اعتزلت كل شيء .
بعدها قررت أمي الإنتقال الى مدينة النجف الأشرف والعيش بقرب أخوالي هناك ، فكما تعرف بقينا بضعف عند فقد معيلنا الوحيد وهو والدي ، ولم يبقى لنا دفئ يحتوينا ، فقررت أمي المغادرة الى النجف الأشرف بجنب اخوالي هناك ، وفي إحدى ليالي النجف الأشرف الباردة ، خرجنا انا وأحد أخوالي لزيارة أمير المؤمنين والتبرك من عبير جوده ودفئ حجره ، فهو والدنا جميعا ، خصوصا نحن الايتام .
تقدمت لضريح سيدي أمير المؤمنين بعدما زرت وصليت الركعتين  ، قلت له سيدي أنت والدي من الان فأريد أن اخرج من عزلتي هذه ، ولا أعرف كيف ، فهيئ لي يا سيدي سبيل الخروج .
وعندما خرجنا من حرم امير المؤمنين ونحن قبال باب الساعة ،  صادف خالي شخص من أصدقائه ،فعرفه خالي بأسمي وحالي . فمسح على رأسي فعرفت انها مسح اليتامى ، فقال لخالي لماذا لا تذهب به الى مركز (حكايتي) التابع لمؤسسة العين ؟ فلعلهم يجدون له حلا وعلى الله توكلوا ولا تيأسوا .
بعد أن غادر الرجل قال لي خالي ما رأيك بان نذهب غدا لهذا المركز ؟
قلت له وما هو هذا (حكايتي) ؟ قال : هو مركز بني بمباركة المرجع الأعلى ووالد كل العراقيين السيد السيستاني ، وهو مختص في كيفية تحويلك الى شخصية ممتازة وتخرجك مما انت فيه ، وتساعدك في شق طريقك لتجد مستقبلك بصورة أوضح .
قلت في نفسي : قد تكون هذه فرص منحها الله تعالى لي في أن يعينني على ما انا فيه . قلت لا بأس غدا نذهب ونرى .
وفعلا ذهبنا ، فوجدنا صرحا كبيرا يقبع في قلب مدينة النجف الأشرف ومكتوب عليه (حكايتي .. احسن القصص) .
قال محمد : ولكن لماذا مكتوب هذا إلاسم (أحسن القصص) ؟، قال علي : لان كل الذين فيه من الإيتام لديهم قصة خاصة بهم ، قصة تحول كبيرة ، تحول من الظلمة الى الحياة ، قصة جعلت من قصتي من اهون القصص وأبسطها ، لما شاهدته من بعض  الأيتام الذين مروا بقصص مؤلمة جدا ، ومع كل هذا تحولت حالهم بفضل (حكايتي) الى الأفضل ، فدخلت في المركز وكفلني أحد المؤمنين في ، فوفرت لي المؤسسة أيضا كل ما احتاجه من مقومات الدراسة ، من ملابس وقرطاسية وحتى اجور النقل التي أذهب بها الى المدرسة .
تذكرت ذهابي الى مرقد سيدي امير المؤمنين ، فرجعت اليه مهرولا لأشكره كثيرا في خروجي مما انا فيه ، والان بحمد الله وبفضل (مركز حكايتي) خرجت من دوامتي النفسية ، الى الجامعة .
قال محمد وهو مدهوش مما يقوله علي : لكن  ما  الكلية التي يقبلها معدلك ؟ هل انت معي في  الصيدلة ام في الهندسة ام ماذا ؟
قال علي وهو مبتسم : ليس في ما ذكرت أبدا ، انما كلية الطب ..
فرح محمد بشكل أكبر وقال : كيف ذلك :
قال علي : كل ما أريده في اخراج طاقتي العلمية حصلت عليه من مركز حكايتي ، فقد وفر لي القرطاسية والملابس ، حتى أدخلونا في (دورات تقوية) في بعض  المواد الصعبة ، خصوصا في السادس الإعدادي .
قال محمد : يا لهذه الفرحة التي لا توصف ، كنا معا في طفولتنا ، وغبت فترة من الزمن اعتقدت بها انك لن تخرجك الى الحياة مرة أخرى ، والان مستقبلنا مختلف ، فأنت مع كل ما عانيت ستصبع طبيبا ، وطبيبا حاذقا ان شاء الله.
قال علي : نعم وهذا كله بفضل الله تعالى وصاحب العين ، المرجع الإعلى .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر جميل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/18



كتابة تعليق لموضوع : محمد وعلي .. صداقة واحد وطفولة متغيرة ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net