لديهم الأرض والماء والجبل.. ولدينا.
لديهم الخضرة والماء.. ولدينا..
إنهم يملكون ما عندهم ولا يملكون الكثير مما نملك، ونحن نملك ما عندنا وما عندهم..
الغرب.. يزدهر الآن، لكنه قضى عمره أحتضارا عندما كانت لنا الدولة والصولة، فمئة عام من ازدهارهم ونهضتهم لا تُعد شيئا أمام سبعة آلاف عام من الحياة بما تعنيه الحياة لشعوب الأرض..
نحن نلجأ لتاريخنا وحضارتنا وامتدادنا وهويتنا، فهي تعني لنا الكثير..
جيناتنا الوراثية تحكي أصالة لا تضاهيها أصالة على وجه الأرض مع ما نال مجتمعاتها من بعد عن السماء بينما كنا أرض الأنبياء والرسالات التي حرّمت علينا موبقات السفاح والرذيلة وضياع الأصل..
العراق.. اسم عظيم لبلد عظيم تحتضن أرضه شعبا من أرقى وأطهر شعوب الأرض..
لا تستهن بنفسك وتذكر دائما أنك الحرف الأول وأنك اللوح الذي سُنت عليه أولى الشرائع..
لا تجلد ذاتك لأن هناك من يكرر على سمعك أنك من "أهل الشقاق والنفاق" فينسبها زورا لعلي الذي اختار أرضك محلا لخلافته..
لا تجلد ذاتك لأن هناك كاتب ظن بأنه عالم الاجتماع الذي لا يُضاهى فنال من مجتمعه بطريقة لم يتقنها حتى الأعداء في تشويه صورة المجتمع العراقي ونسبة كل شيء قبيح إليه بحجة تأثيرات البداوة في أغرب شرح لطبيعته!
لا تقف عاجزا عن النظر الى نفسك بشكل آخر مختلف عما يريده لك من يدعي الثقافة ويؤمن بأن في الغرب "إسلام بلا مسلمين"!! ولستُ أعلمُ أين (إسلام الغرب) أمام جرائم الدويلة اللقيطة وأين (إسلام الغرب) أمام الجندرة الداعية الى الشذوذ؟
لا تقاس الأمور بهذا الشكل.. ولا يمكن الاكتفاء بمشهد يظهر فيه اهتمام الشرطة في إحدى العواصم الغربية بإنقاذ حياة قطة حشرت رأسها في شق جدار، بينما تباد الإنسانية منذ قرون في نزاعات وصراعات الهيمنة والاستعمار وفرض النفوذ.
تذكر أنك عراقي وأن عدم امتلاكك القدرة اليوم على إحداث تغيير حقيقي لا يعني نهاية المطاف "يهلك ملوكا ويستخلف آخرين" وأنك موعود بدولة عدل إلهي آتية لا محالة.. فتأمل في تلك القيمة العليا التي تمتلكها..
تذكر أنك عراقي تحمل بداخلك الأصالة في كل شي.. وتمتلك ما لا يمتلكه غيرك.. فلا تلتفت الى شيء آخر سوى الأمل والاعتقاد بأنك ابن هذه الأرض التي تشرفت بأهل بيت الرحمة وخزان العلم ومعدن البركة (صلوات الله وسلامه عليهم)..
الحياة المادية والرخاء الذي يقدمه التطور فيها أمر مطلوب ومحمود لكنه يفقد قيمته حين تتحول الأرض الى "إرم ذات العماد" وتفقد صلتها بالفضائل وتضيع هويتها..
كل خير آت وكل ازدهار قادم مع شيء من التوكل والعمل وحفظ الهوية التي تخلت عنها شعوب فرحت بالعمران وحزنت لفقدها القيم.. صدقوني أنهم يألمون ويتمنون في كثير من الأحيان حياة كحياة أبسط شعوب الأرض.. لكن إعلامهم لا يمنح تغطية كافية لأظهار هذا الحطام.. مع ذلك فكاميرات هواتفهم تُظهر جانبا منه فتابع وتأمل.
نحن بخير.. لكننا بحاجة الى تنقية أفكارنا وعدم التأثر بمقولات الإحباط التي ترددت كثيرا في مجالسنا فصارت من المسلمات التي ينبغي الاطاحة بها..
كفى جلدا لذاتنا.. ومن يسعى لتحطيم ثقتنا بأنفسنا سنلقمه بدل الحجر أحجارا.
........
حسين فرحان
١٤ / ١٢ / ٢٠٢٣
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat