صفحة الكاتب : علي السواد

الربيع العربي وقدره السيء(5)
علي السواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 فكان صدام حسين هو الرابح الوحيد من بين العراقيين لانه لم يمس باي اذى. بل يعيش في امان ومتوفر له كل شيء من عمليات السطو والسرقة والنهب لثروات العراقيين ويتحدث عن صموده وانتصاراته وبطولاته باستفزاز قل شبيهه،وفهم الكثير من الشعب العراقي ان صدام حسين حينما يتحدث عن الانتصارات والبطولات التي يذكرهها في خطبه الديماغوجية.انما المقصود منها انه باقي في قصره ليحكم ويستمر نظامه و ليس هو المستهدف وسيبقى رئيسا رغم كل هذه الحملة الشرسة على العراق.

 
 من قبل قوات التحالف بمعنى اخر كأنه يقول للعراقيين انتم وحدكم فقط تتعرضون للموت والخراب ولهذا انا اواصل استفزازي لكم مهما ساءت احوالكم. بالفعل كان الوضع يزداد سوء وقسوة نظامه يزداد وحشية والعراق يلفه ظلام حالك السواد بسبب تدمير محطات الكهرباء مما ادى الى انقطاع التيار الكهربائي،وخلق فوضى في الحياة العامة والخاصة  للعراقيين وتوقفت اكثرية الاعمال المرتبطة بالكهرباء.ولكن لم يستسلموا للياس والاحباط رغم فداحة وهول الكارثة  كان بديل الظلام الدامس.
 
 هو اعادة واستخدام الطرق الاشد بدائية لتوفير الضوء و بأي طريقة تكفل الحصول عليه كأستحضار بطل او قنينة زجاجية تملأ بالزيت وفي داخلها خيط قطني متين وعلى فوهتها عجينة تمر او اي عجينة اخرى تكون مهمتها تثبيت الخيط وبعدها يتم اشعالها وهي تنفث سحب من الدخان الاسود الكثيف المسبب الى نوبات السعال الحادة.و كان ضوئها الخافت افضل من لعن الظلام بينما لعن الحرب هو المطلوب في وقتها لان القصف تجاسر على كل شيء حتى القرى النائية والبعيدة نالت حصتها من الصواريخ.
 
 وبالمناسبة كانت احدى الضحايا جدة زوجتي التي وجدوها ميتة تحت ركام الطابوق المفخور، بعد ان قصف بيتها المتواضع والخالي من اي اغراء عمراني ولايوحي انه هدف عسكري، ومع ذلك قصف  وكثير من اهالي القرية ماتوا ودمرت بيوتهم البسيطة وقتلت مواشيهم،بكل برود هذا ماكان يمارسه الطيار الامريكي دون اي احساس وخجل بل اكيد انه كان يشعر بالفخر والفرح،عند قتله الناس الابرياء لانه هكذا انشأ وتربى وتعلم في الولايات المتحدة على قتل الاخر.
 حتى لو كان بدون اي ذنب وسبب. وتفاقم خوف العراقيين لمشاهدتهم جرائم القصف الامريكي والبريطاني  كأهداف مغرية ومقصودة للمقاتلات اف 15 واف 16والتورنيدو البريطانية التي لم تبق اي هدف او بناية في العراق الا وقصفتها على مدار اربعين يوما متواصلة حتى اصبحت تحلق على ارتفاعات منخفضة جدا في سماء العراق باحثة عن اهداف لضربها فلم تجد اي هدف فيضطر بعضها لتفريغ حمولتها في الامكنة الخالية من اي شيء وهذا ربما يعود الى اخلاق بعض الطيارين.
 
 القليلين جدا الذين تتوفرعندهم مشاعر انسانية تمنعهم من قتل المدنيين والحاق الضرر بهم . من بين نظرائهم الفاقدين للحس الانساني . وبعدهذه المدة فورا ، بدأت الحرب البرية وهي لاتقل بعنفها عن حملة القصف الجوي العنيف كما كنا نسمع من  الضباط والجنود الفارين من الجبهة وهم يتحدثون عن حرب فاقدة لكل المقومات والامكانيات ومعروفة نتائجها الكارثية سلفا ومن اهم اسباب فشلها انها كانت تقاد و تدار في زمن دكتاتور فاشل ومغامر مأجور فرض على الجيش حربا غيرعادلة.
 
 وغير متكافئة وتركهم وسط الصحراء المكشوفة للعدو وعواصفها الترابية الثقيلة وهذا ما دفع الكثير من الجنود الى ترك الجبهة والعودة الى بيوتهم،بعد رحلة سير طويلة سببت لهم معاناة وجوع والم وخوف من فرق الاعدامات وهم من ميليشيات النظام ومرتزقته  التي وضعها الدكتاتور صدام خلف قطعات الجيش مباشرة لتطلق النار على اي جندي يحاول ترك مكانه، ورغم  انتشار فرق الموت استطاع الكثير منهم الافلات من كماشتة  ولربما انقذهم الطقس العاصف والسيء جدا.
 
 وعادوا وهم اكثر غضبا وحزنا على ابناء شعبهم وزملائهم القابعين في سراديب تحت الارض هناك بعيد في صحراء حفر الباطن بعزلة وانقطاع تام عن العالم،هناك ينتظرون موتهم الاجباري في جبهة يملك العدو فيها ابشع انواع الاسلحة المتطورة.وهم في ايديهم اسلحة تقليدية متخلفة واغلبها اصبح غير صالح للاستعمال بسبب العواصف الترابية والرملية التي عطلت الجزء الكبير منها وفي ذلك اليوم المصاف 24-2-1991.
 
 
 بدأت الحرب البرية باختراق خطوط جبهات الجيش العراقي المنهك حتى انهار بين قتيل وجريح واسير ومفقود، ورجحت بعض التقديرات ان اعدادهم  قد تجاوزت مئات الالاف من القتلى والجرحى والاسرى والمفقودين والجزء الاخر من الجيش تلقى امر الانسحاب من الكويت متاخرا وغير منظم وسبب الفوضى بين قوات الجيش واربكهم لان امر الانسحاب اصدره صدام سرا ولا احد كان يعرف به الا مجموعة صغيرة كما عرف لاحقا وانهم لم يهتموا بايصال امر الانسحاب.
 
 وهذا ماجعل الكثيرمن الجنود والوحدات العسكرية ان يكونوا صيدا سهلا لنيران قوات التحالف وانا اعتقد ان صدام حسين كان متعمدا ان يبقى امر الانسحاب سرا  لان سايكولوجية صدام  هي اقرب الى افعال الغدر والخيانة لكونه يخشى من انقلاب الجيش  اذا رجع  من الكويت بكامل قوته وعتاده دون ان يتعرض الى خسائر كبيرة  ففي هذه الحالة يتبادر الى الذهن فورا ان صدام قد توصل الى خطة تنقذه من خطر محتمل وهو ان الجيش يجب ان يترك في الصحراء ليصبح ضحية.
  كي يتخلص من خطره في المستقبل وحصل بالفعل هذا واذا كان الامر نتيجة الغباء فيجب ان يعزل من منصبه  كقائد عام للقوات المسلحة لفشله وغباءه الذي  تسبب بابادة الجيش بعد ان اعطى امر الانسحاب الى كافة القطعات العسكرية. دون ان يوفرلها الحماية الجوية من طيران العدو او يؤمن لها اي طريقة مناسبة بشرط تضمن لها السلامة اما ان يترك الجيش كفريسة سهلة الاصطياد فهذه هي الخيانة التي يستحق فاعلها اشد العقوبات ومنها الشنق،ولكن هكذا هو صدام كدكتاتور مستبد لا يستطيع اي احد ان يقدمه للمحاكمة ولا يستطيع اي احد ان يحاسبه او يعاقبه او يمنعه من الفعل الخطأ وكانت كل سياساته خاطئة وارتجالية مندفعة وبعيدة عن التفكير و قواعد المنطق.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي السواد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/03



كتابة تعليق لموضوع : الربيع العربي وقدره السيء(5)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net